بحث في الاستثناء في الإيمان وفيه صورة من "إرجاءِ القتاليّين".

 
 
 
 
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
 
- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
 
▪ فإن من المسائل التي خالف فيها أهل السنة أهل الإرجاء هي الاستثناء في الإيمان؛ وهو قول العبد (أنا مؤمن إن شاء الله)، فأهل السنة يستثنون والمرجئةُ لا يستثنون ويسمون أهل السنة (شكاكة) أي أنهم شاكون في إيمانهم -والعياذ بالله-، وليس في هذا الاستثناء شك كما زعمت المرجئة، فقد يُستثنى في اليقين.
 
← كقول النبي ﷺ لأهل القبور"وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ".
 
فالموت حق ومع ذلك استثنى النبي ﷺ.
 
← وقال الله تعالىٰ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينِ﴾{الفتح |27}.
 
فتبيَّن بطلان ما زعمته المرجئة.
 
”ولعلك -أخي الموحد- تقف في هذا المقال المختصر على وجه موافقة القتاليّين من الدواعش والقاعدة وغيرهم لأهل الإرجاء في صورة تنبني على هذه المسألة“
 
- أولا: لا بد من التنبيه على من ابتدع بدعة الاستثناء، وهو "حماد بن أبي سليمان".
 
← قال عبد الله بن أحمد: ﺣَﺪَّﺛَﻨِﻲ ﺃَﺑِﻲ، ﻧﺎ ﻣُﺆَﻣَّﻞُ ﺑْﻦُ ﺇِﺳْﻤَﺎﻋِﻴﻞَ، ﻧﺎ ﺣَﻤَّﺎﺩُ ﺑْﻦُ ﺯَﻳْﺪٍ، ﺣَﺪَّﺛَﻨِﻲ ﻣُﺤَﻤَّﺪُ ﺑْﻦُ ﺫَﻛْﻮَاﻥَ ﻳَﻌْﻨِﻲ ﺧَﺎﻝَ ﻭَﻟَﺪِ ﺣَﻤَّﺎﺩٍ، ﻗَﺎﻝَ: "ﻗُﻠْﺖُ ﻟِﺤَﻤَّﺎﺩٍ: ﻛَﺎﻥَ ﺇِﺑْﺮَاﻫِﻴﻢُ ﻳَﻘُﻮﻝُ ﺑِﻘَﻮْﻟِﻜُﻢْ ﻓِﻲ اﻹِْﺭْﺟَﺎءِ؟ ﻗَﺎﻝَ: ﻻَ، ﻛَﺎﻥَ ﺷَﺎﻛًّﺎ ﻣِﺜْﻠَﻚَ".{السنة لعبد الله | 746}.
 
وسأنقل بعض الآثار عن السلف فيها بيان "مسألة الاستثناء"، وما أكثرها:
 
← قال عبد الله بن أحمد: ﺣَﺪَّﺛَﻨِﻲ ﺃَﺑِﻲ، ﻧﺎ ﻋَﻠِﻲُّ ﺑْﻦُ ﺑَﺤْﺮٍ، ﺳَﻤِﻌْﺖُ ﺟَﺮِﻳﺮَ ﺑْﻦَ ﻋَﺒْﺪِ اﻟْﺤَﻤِﻴﺪِ ﻳَﻘُﻮﻝُ: «اﻹِْﻳﻤَﺎﻥُ ﻗَﻮْﻝٌ ﻭَﻋَﻤَﻞٌ»، ﻭَﻛَﺎﻥَ اﻷَْﻋْﻤَﺶُ ﻭَﻣَﻨْﺼُﻮﺭٌ ﻭَﻣُﻐِﻴﺮَﺓُ ﻭَﻟَﻴْﺚٌ ﻭَﻋَﻄَﺎءُ ﺑْﻦُ اﻟﺴَّﺎﺋِﺐِ ﻭَﺇِﺳْﻤَﺎﻋِﻴﻞُ ﺑْﻦُ ﺃَﺑِﻲ ﺧَﺎﻟِﺪٍ ﻭَﻋُﻤَﺎﺭَﺓُ ﺑْﻦُ اﻟْﻘَﻌْﻘَﺎﻉِ ﻭَاﻟْﻌَﻼَءُ ﺑْﻦُ اﻟْﻤُﺴَﻴَّﺐِ ﻭَاﺑْﻦُ ﺷُﺒْﺮُﻣَﺔَ ﻭَﺳُﻔْﻴَﺎﻥُ اﻟﺜَّﻮْﺭِﻱُّ ﻭَﺃَﺑُﻮ ﻳَﺤْﻴَﻰ ﺻَﺎﺣِﺐُ اﻟْﺤَﺴَﻦِ ﻭَﺣَﻤْﺰَﺓُ اﻟﺰَّﻳَّﺎﺕُ ﻳَﻘُﻮﻟُﻮﻥ: «ﻧَﺤْﻦُ ﻣُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﺇِﻥْ ﺷَﺎءَ اﻟﻠَّﻪُ، ﻭَﻳَﻌِﻴﺒﻮﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﻦْ ﻻَ ﻳَﺴْﺘَﺜْﻨِﻲ».{السنة لعبد الله | 697}.
 
← وقال أيضا: ﺣَﺪَّﺛَﻨِﻲ ﻳَﻌْﻘُﻮﺏُ، ﻧﺎ ﻋَﺒْﺪُ اﻟﺮَّﺣْﻤَﻦِ، ﻋَﻦْ ﺇِﺳْﺮَاﺋِﻴﻞَ، ﻋَﻦْ ﻣَﻨْﺼُﻮﺭٍ، ﻋَﻦْ ﺇِﺑْﺮَاﻫِﻴﻢَ، ﻗَﺎﻝَ: ﻗَﺎﻝَ ﺭَﺟُﻞٌ ﻟِﻌَﻠْﻘَﻤَﺔَ: ﻣُﺆْﻣِﻦٌ ﺃَﻧْﺖَ؟ ﻗَﺎﻝَ: «ﺃَﺭْﺟُﻮ ﺇِﻥْ ﺷَﺎءَ اﻟﻠَّﻪُ».{السنة لعبد الله | 720}.
 
← وقال أيضا: ﻗَﺮَﺃْﺕُ ﻋَﻠَﻰ ﺃَﺑِﻲ ﺭَﺣِﻤَﻪُ اﻟﻠَّﻪُ، ﻧﺎ ﻣَﻬْﺪِﻱُّ ﺑْﻦُ ﺟَﻌْﻔَﺮٍ اﻟﺮَّﻣْﻠِﻲُّ، ﻧﺎ اﻟْﻮَﻟِﻴﺪُ ﻳَﻌْﻨِﻲ اﺑْﻦَ ﻣُﺴْﻠِﻢٍ، ﻗَﺎﻝَ: ﺳَﻤِﻌْﺖُ ﺃَﺑَﺎ ﻋَﻤْﺮٍﻭ ﻳَﻌْﻨِﻲ اﻷَْﻭْﺯَاﻋِﻲَّ، ﻭَﻣَﺎﻟِﻚُ ﺑْﻦُ ﺃَﻧَﺲٍ، ﻭَﺳَﻌِﻴﺪُ ﺑْﻦُ ﻋَﺒْﺪِ اﻟْﻌَﺰِﻳﺰِ، ﻳُﻨْﻜِﺮُﻭﻥَ ﺃَﻥْ ﻳَﻘُﻮﻝَ: «ﺃَﻧَﺎ ﻣُﺆْﻣِﻦٌ، ﻭَﻳَﺄْﺫَﻧُﻮﻥَ، ﻓِﻲ اﻻِﺳْﺘِﺜْﻨَﺎءِ ﺃَﻥْ ﺃَﻗُﻮﻝَ، ﺃَﻧَﺎ ﻣُﺆْﻣِﻦٌ، ﺇِﻥْ ﺷَﺎءَ اﻟﻠَّﻪ»ُ.{السنة لعبد الله | 744}.
 
← وقال سفيان الثوري -رحمه الله-: من قال: «أنا مؤمن، ولم يستثن فهو مرجئ».{السنة لحرب الكرماني | 153}.
 
← وقال أيضا -أي سفيان-: «ﻣِﻦْ ﻛَﺮِﻩَ ﺃَﻥْ ﻳَﻘُﻮﻝَ: ﺃَﻧَﺎ ﻣُﺆْﻣِﻦٌ ﺇِﻥْ ﺷَﺎءَ اﻟﻠﻪُ، ﻓَﻬُﻮَ ﻋِﻨْﺪَﻧَﺎ ﻣُﺮْﺟِﻲءٌ -وَمَدَّ ﺑِﻬَﺎ ﺻَﻮْﺗَﻪُ-».{حلية الأولياء | 7\32}.
 
وكذلك من ألفاظ الاستثناء أن تقول «أرجو أن أكون مؤمنا».
 
← قال عبد الله بن أحمد: ﺣَﺪَّﺛَﻨِﻲ ﺃَﺑِﻲ، ﻧﺎ ﻋَﺒْﺪُ اﻟﺮَّﺣْﻤَﻦِ، ﺣَﺪَّﺛَﻨِﻲ ﺳُﻔْﻴَﺎﻥُ، ﻋَﻦِ اﻟْﺤَﺴَﻦِ ﺑْﻦِ ﻋُﺒَﻴْﺪِ اﻟﻠَّﻪِ، ﻋَﻦْ ﺇِﺑْﺮَاﻫِﻴﻢَ، ﻗَﺎﻝَ: «ﺇِﺫَا ﻗِﻴﻞَ ﻟَﻚَ ﺃَﻣُﺆْﻣِﻦٌ ﺃَﻧْﺖَ؟ ﻓَﻘُﻞْ: ﺃَﺭْﺟُﻮ».
 
▪️ إذا علِمتَ هذا فاعلم أن أهل السنة والجماعة يستثنون في الإيمان لعدة أسباب:
 
أ)- دفعا لتزكية أنفسهم.
 
← قال الله تعالىٰ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾{النجم | 32}.
 
← وقد ذم الله اليهود قائلا﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ ۚ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾{النساء | 49}.
 
ووافقت المرجئة "اليهود" في تزكية أنفسهم، وقد وصف "سعيد بن جبير" -رحمه الله- المرجئة بيهود القبلة.
 
ب)- لأنهم لا يَدرون هل قُبلت أعمالهم أم لا.
 
← قال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: «ﻣَﺎ اﻹِْﻳﻤَﺎﻥُ ﺇِﻻَّ ﻛَﻘَﻤِﻴﺺِ ﺃَﺣَﺪِﻛُﻢْ ﻳَﺨْﻠَﻌُﻪُ ﻣَﺮَّﺓً، ﻭَﻳَﻠْﺒَﺴُﻪُ ﺃُﺧْﺮَﻯ، ﻭَاﻟﻠَّﻪِ ﻣَﺎ ﺃَﻣِﻦَ ﻋَﺒْﺪٌ ﻋَﻠَﻰ ﺇِﻳﻤَﺎﻧِﻪِ ﺇِﻻَّ ﺳُﻠِﺒَﻪُ ﻓَﻮَﺟَﺪَ ﻓَﻘْﺪَﻩ».{شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة | 1871}.
 
← وقال عبد الله بن المبارك لشيبان بن فروخ لما رماه بالإرجاء: «إِنَّ الْمُرْجِئَةَ لا تَقْبَلُنِي، أَنَا أَقُولُ: الإِيمَانُ يَزِيدُ، الْمُرْجِئَةُ لا تَقُولُ ذَلِكَ، وَالْمُرْجِئَةُ، تَقُولُ: حَسَنَاتُنَا مُتَقَبَّلَةٌ، وَأَنَا لا أَعْلَمُ تُقُبِّلَتْ مِنِّي حَسَنَة».{مسند إسحاق بن راهويه}.
 
ج)- لأنهم لا يَدرون كيف سيلقون الله عز وجل.
 
أي؛ كيف سيكون ختامهم على الإسلام أم على الكفر، نسأل الله أن يتوفانا على الإسلام.
 
واختلف السلف في كفر من يقول: «أنا مؤمن حقا».
 
← قال الخلال: ﺃَﺧْﺒَﺮَﻧِﻲ ﺣَﺮْﺏُ ﺑْﻦُ ﺇِﺳْﻤَﺎﻋِﻴﻞَ، ﻗَﺎﻝَ: ﺳَﻤِﻌْﺖُ ﺇِﺳْﺤَﺎﻕَ ﻭَﺳَﺄَﻟَﻪُ ﺭَﺟُﻞٌ، ﻗَﺎﻝَ: اﻟﺮَّﺟُﻞُ ﻳَﻘُﻮﻝُ: ﺃَﻧَﺎ ﻣُﺆْﻣِﻦٌ ﺣَﻘًّﺎ؟ ﻗَﺎﻝَ: ﻫُﻮَ ﻛَﺎﻓِﺮٌ ﺣَﻘًّﺎ.
 
← وقال: ﺃَﺧْﺒَﺮَﻧِﻲ ﻋَﺒْﺪُ اﻟﻠَّﻪِ ﺑْﻦُ ﺩَاﻭُﺩَ، ﻗَﺎﻝَ: ﺛَﻨَﺎ ﺯِﻳَﺎﺩُ ﺑْﻦُ ﺃَﻳُّﻮﺏَ، ﻗَﺎﻝَ: ﺳَﻤِﻌْﺖُ ﺃَﺣْﻤَﺪَ ﺑْﻦَ ﺣَﻨْﺒَﻞٍ، ﻳَﻘُﻮﻝُ: «ﻻَ ﻳُﻌْﺠِﺒُﻨَﺎ ﺃَﻥْ ﻧَﻘُﻮﻝَ: ﻣُﺆْﻣِﻦٌ ﺣَﻘًّﺎ، ﻭَﻻَ ﻧُﻜَﻔِّﺮُ ﻣَﻦْ ﻗَﺎﻟَﻪ». أخرج الأثرين الخلال في {السنة |974 - 975}.
 
فتكفيره محل خلاف عند السلف، والصحيح ما ذهب إليه أحمد -رحمه الله تعالى- من عدم تكفيره والله أعلم.
 
”إذا علِمتَ هذا فاعلم أن أهل السنة يستثنون في كمال الإيمان لا في أصله، فإذا قيل لك أمسلم أنت؟، أو هل أنت موحد؟، فتقول نعم، أو قيل لك أمؤمن أنت؟ فقل مؤمن بالله“
 
← قال عبد الله بن أحمد: ﺣَﺪَّﺛَﻨِﻲ ﺃَﺑِﻲ، ﻧﺎ ﺳُﻠَﻴْﻤَﺎﻥُ ﺑْﻦُ ﺩَاﻭُﺩَ، ﻧﺎ ﺧَﺎﻟِﺪُ ﺑْﻦُ ﻋَﺒْﺪِ اﻟﺮَّﺣْﻤَﻦِ ﺑْﻦِ ﺑُﻜَﻴْﺮٍ اﻟﺴُّﻠَﻤِﻲُّ، ﻗَﺎﻝَ: ﻛُﻨْﺖُ ﻋِﻨْﺪَ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ ﻭَﻋِﻨْﺪَﻩُ ﺃَﻳُّﻮﺏُ ﻓَﻘُﻠْﺖُ ﻟَﻪُ: ﻳَﺎ ﺃَﺑَﺎ ﺑَﻜْﺮٍ، ﻳَﻘُﻮﻝُ ﻟِﻲ: ﻣُﺆْﻣِﻦٌ ﺃَﻧْﺖَ؟ ﺃَﻗُﻮﻝُ: ﻣُﺆْﻣِﻦٌ، ﻓَﺎﻧْﺘَﻬَﺮَﻧِﻲ ﺃَﻳُّﻮﺏُ ﻓَﻘَﺎﻝَ ﻣُﺤَﻤَّﺪ : «ﻭَﻣَﺎ ﻋَﻠَﻴْﻚَ ﺃَﻥْ ﺗَﻘُﻮﻝَ ﺁﻣَﻨْﺖُ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻣَﻼَﺋِﻜَﺘِﻪِ ﻭَﻛُﺘُﺒِﻪِ ﻭَﺭُﺳُﻠِﻪ».
 
← ﺣَﺪَّﺛَﻨِﻲ ﺃَﺑِﻲ، ﻧﺎ ﻋَﺒْﺪُ اﻟﺮَّﺣْﻤَﻦِ، ﻧﺎ ﺣَﻤَّﺎﺩُ ﺑْﻦُ ﺯَﻳْﺪٍ، ﻋَﻦْ ﻳَﺤْﻴَﻰ ﺑْﻦِ ﻋَﺘِﻴﻖٍ، ﻭَﺣَﺒِﻴﺐِ ﺑْﻦِ اﻟﺸَّﻬِﻴﺪِ، ﻋَﻦْ ﻣُﺤَﻤَّﺪِ ﺑْﻦِ ﺳِﻴﺮِﻳﻦَ، ﻗَﺎﻝَ: ﺇِﺫَا ﻗِﻴﻞَ ﻟَﻚَ ﺃَﻣُﺆْﻣِﻦٌ ﺃَﻧْﺖَ؟ ﻓَﻘُﻞْ: ٰ﴿ﺁﻣَﻨَّﺎ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻣَﺎ ﺃُﻧْﺰِﻝَ ﺇِﻟَﻴْﻨَﺎ ﻭَﻣَﺎ ﺃُﻧْﺰِﻝَ ﺇِﻟَﻰ ﺇِﺑْﺮَاﻫِﻴﻢَ ﻭَﺇِﺳْﻤَﺎﻋِﻴﻞَ ﻭَﺇِﺳْﺤَﺎﻕ﴾.
 
← ﺣَﺪَّﺛَﻨِﻲ ﺃَﺑِﻲ، ﻧﺎ ﻋَﺒْﺪُ اﻟﺮَّﺣْﻤَﻦِ، ﺣَﺪَّﺛَﻨِﻲ ﺳُﻔْﻴَﺎﻥُ، ﻋَﻦْ ﻣُﺤِﻞٍّ، ﻗَﺎﻝَ ﻟِﻲ ﺇِﺑْﺮَاﻫِﻴﻢُ: ﺇِﺫَا ﻗِﻴﻞَ ﻟَﻚَ ﺃَﻣُﺆْﻣِﻦٌ ﺃَﻧْﺖَ؟ ﻓَﻘُﻞْ: «ﺁﻣَﻨَّﺎ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻣَﻼَﺋِﻜَﺘِﻪِ ﻭَﻛُﺘُﺒِﻪِ ﻭَﺭُﺳُﻠِﻪِ».
 
← وﺣَﺪَّﺛَﻨِﻲ ﺃَﺑِﻲ، ﻧﺎ ﻋَﺒْﺪُ اﻟﺮَّﺣْﻤَﻦِ، ﺣَﺪَّﺛَﻨِﻲ ﺳُﻔْﻴَﺎﻥُ، ﻋَﻦْ ﻣَﻌْﻤَﺮٍ، ﻋَﻦِ اﺑْﻦِ ﻃَﺎﻭُﺱٍ، ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻴﻪِ، ﺑِﻤِﺜْﻠِﻪِ.{السنة لعبد الله | 647-648-649-650}.
 
▪️ ومن هنا تأتي معنا مسألة الأسماء الظاهرة والأسماء الباطنة:
 
أ/- فالاسم الظاهر يشهد به الإنسان، كمسلم وموحد وكافر بالطاغوت.
 
ب/- أما الأسماء الباطنة فهذه لا يجزم بها لأحد كالمؤمن والتقي والمحسن والشهيد وغير ذلك.
 
← قال البخاري في صحيحه: (ﺑَﺎﺏُ ﻻَ ﻳَﻘُﻮﻝُ ﻓُﻼَﻥٌ ﺷَﻬِﻴﺪٌ).
 
← ﻗَﺎﻝَ ﺃَﺑُﻮ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ، ﻋَﻦِ اﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ: «اﻟﻠَّﻪُ ﺃَﻋْﻠَﻢُ ﺑِﻤَﻦْ ﻳُﺠَﺎﻫِﺪُ ﻓِﻲ ﺳَﺒِﻴﻠِﻪِ، ﻭَاﻟﻠَّﻪُ ﺃَﻋْﻠَﻢُ ﺑِﻤَﻦْ ﻳُﻜْﻠَﻢُ ﻓِﻲ ﺳَﺒِﻴﻠِﻪِ».
 
- وكذلك اسم الغريب، فالنبي ﷺ قد أخبر أن الغرباء في الجنة (طوبى للغرباء).
 
”فلا يصح أن يطلق الإنسان على نفسه أو على غيره هذا الاسم لأنه من الأسماء الباطنة؛ ومن هنا أتت مخالفة القتاليّين من الدواعشِ والقاعدة وغيرهم لعقيدة أهل السنة والجماعة، فتجدهم يحكمون بالجنة لمن قتل معهم، ويقولون عنه «شهيد»، وإذا أنكر عليهم أحد شنوا عليه الغارة، وزعموا أنهم حكموا بظاهره، أما أهل السنة والجماعة فلا يشهدون بالجنة إلا لمن شهد له الله عز وجل، أو نبيه ﷺ، وقد قال النبي ﷺ: «إني وأنا رسول الله لا أدري ما يفعل بي ولا بكم»
 
- بل رأينا هؤلاء الضلال عندما يودعون بعضهم قبل القتال يتعانقون، ويقول له «نلتقي في الجنة»!، ويقولون عن أصحاب العمليات الانتحارية «سبقونا للجنة»! ويجزمون لهم بذلك -نسأل الله العافية -، فإن هذا نوع من الإرجاء كما مضى معنا.
 
لأن الشهيد من الأسماء الباطنة، فلا يصح القول بأن فلانا من الناس شهيد، وقد بوب الإمام البخاري -رحمه الله- بابا في النهي عن ذلك، "ﺑَﺎﺏُ ﻻَ ﻳَﻘُﻮﻝُ ﻓُﻼَﻥٌ ﺷَﻬِﻴﺪٌ".
 
← قال الإمام أحمد -رحمه الله-: «ﻭَﻻَ ﻧﺸْﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ اﻟْﻘﺒْﻠَﺔ ﺑِﻌَﻤَﻞ ﻳﻌﻤﻠﻪ ﺑﺠﻨﺔ ﻭَﻻَ ﻧَﺎﺭ ﻧﺮﺟﻮ ﻟﻠﺼﺎﻟﺢ ﻭﻧﺨﺎﻑ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭﻧﺨﺎﻑ ﻋﻠﻰ اﻟْﻤُﺴِﻲء اﻟﻤﺬﻧﺐ ﻭَﻧَﺮْﺟُﻮ ﻟَﻪُ ﺭَﺣْﻤَﺔ اﻟﻠﻪ».{أصول السنة}.
 
← قال حرب بن إسماعيل الكَرماني -رحمه الله تعالى-: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: مضت السنة من النبي ﷺ والخلفاء من بعده، واجتمع علماء الأمصارِ على ذلك: «أنه لا يشهد على أحد بعد النبي ﷺ أنه في الجنة لصلاحه وفضله وسوابقه».{السنة لحرب الكرماني| 256}.
 
← وقال حرب -رحمه الله-: «ولا نشهد على أحد من أهل القبلة أنه في النار لذنب عمله، ولكبيرة أتى بها، إلا أن يكون في ذلك حديث، فيُروى الحديث كما جاء على ما رُوي، ويُصدَّق به ويقبل، ويعلم أنه كما جاء، ولا ينصب الشهادة، ولا يشهد على أحد أنه في الجنة لصلاح عمله، أو لخيرٍ أتى به، إلا أن يكون في ذلك حديث، فيُروى الحديث كما جاء على ما رُوي، يُصدّق به، ويقبل، ويعلم أنه كما جاء، ولا ينصب الشهادة».{كتاب السنة لحرب الكرماني}.
 
تنبيه: التفريق بين الأسماء الظاهرة وباطنة في الإيمان دون الكفر، فمن حكمنا بشركه ظاهرا فهو مشرك وكافر باطنا ونشهد عليه إن مات على ذلك أنه في النار، فالعبد لا يكون مؤمنا حتى يحقق الأركان الثلاثة:
 
1/- اعتقاد القلب.
 
2/- قول اللسان.
 
3/- عمل الجوارح.
 
بينما في الكفر تكفي واحدة ليخرج العبد من الإسلام، كإنكاره بقلبه أمرا من أمور الشريعة، أو سب الله والاستهزاء بدينه بلسانه، أو إهانة المصحف والسجود لغير الله بجوارحه -والله تعالى أعلم-.

 

 
 وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين. 
 
 
تحميل
 

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *