التّنبيهاتُ السُّنيّة على بعض ضلالات شيوخِ نجد ومتبوعهم ابن تيمية.

 
 

 
 
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 
- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:

▪ فهذه وقفاتٌ يسيرةٌ في بيان كُفر وتجهّم شيوخ نجد وهم في ذلك تبع لأحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، ومِن أبرز هذه الضلالات:
 
1)- ضلالة وجهالة تفريق شيوخ الدعوة النجدية بين وصف الشرك والكفر قبل البيان وبعده لمشركي زمانهم من الأعراب ونحوهم.
 
وهذا التفريق بين الوصفين ضلالة مناقِضة لنصوص صريحة من القرآن كآية البيّنة التي جمعت وصف الشرك والكفر لمن لم تبلغهم الرسالة ولم يفرّق بين الوصفين.
 
← قال الله تعالىٰ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾{البينة |01}.

* فكيف يزعم جهمية نجد أن عباد القبور في زمانهم ممن سمعوا بالقرآن والرسالة وتمكنوا منها لا يوصَفون بالكفر المعذب عليه؟!

وذلك لأن وصف المشرك يختلف عن وصف الكافر والكفر المعذب عليه عندهم!

- ولتجهمهم يجعلون من تمكن من القرآن في زمنهم من المشركين (عباد القبور) كأهل الفترة قبل النبوة والرسالة وقبل نزول القرآن! وعندهم تبعا للجهمي الحرّاني أن أهل الفترة من المشركين قد ينجون ويدخلون الجنة بعد الامتحان! مع أن المشرك قبل الرسالة وقبل نزول القرآن كافر مشرك من أهل النار بنص القرآن والسنة.

← قال الله تعالىٰ ﴿
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ۞ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ﴾{البقرة| 162/161}.

- قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ -اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ- فِي تَفْسِيرِهِ (1455): حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُوسَى بْنُ مُحَلِّمٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، ثنا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَكَمَ عَنْ قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ} قَالَ: وَكُلُّ كَافِرٍ.

← أَخَرَجَ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُننِهِ (1573)، عَن عَبْد اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَقَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَكَانَ وَكَانَ، فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: "فِي النَّارِ". قَالَ: فَكَأَنَّهُ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيْنَ أَبُوكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ". قَالَ: فَأَسْلَمَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدُ، وَقَالَ: لَقَدْ كَلَّفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَبًا مَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَّا بَشَّرْتُهُ بِالنَّارِ.

← قال الله تعالىٰ ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾{البينة| 06}.

”وأحاديث وآثار اختبار بعض أهل الفترة لا تعارض ذلك، فالمشرك لو اختبر فلا نجاة له؛ والإمام يحي بن سلام صرح بذلك، وهذا ما يتوافق مع النصوص الصريحة بصيرورتهم للنار، ومع نصوص حجية العهد والميثاق“

- وكم أحدثوا من لبس لأتباعهم بهذه الجهالة والضلالة الجهمية، ولو سلّمنا بقولهم المناقِض للقرآن وهو أن مشركي أهل الفترة قبل الرسالة يوصَفون بالشرك لا الكفر.

* فكيف يُسحَب ذلك على من سمع بالقرآن والرسالة وتمكن من القرآن؟!

- وأيضا قد جُمِع وصف الشرك والكفر لمن شكّ في البعث في سورة الكهف.

← قال الله تعالى﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا ۞ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ۞ لَّٰكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا﴾{الكهف |36-37-38}.

← وقال الله تعالى﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا﴾{الكهف |42}.

* فكيف ينفى وصف الكفر عمن تلبّس بأعظم من الشكّ في البعث؟!

وقد جُمع الوصفان في حديث الصلاة وقد سُمِي القدرية بالمشركين في آثار السلف وبعض ما يُروى من النصوص وقد حكم عليهم السلف بالكفر أيضا.

← قال عبد الله: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ كِلَاهُمَا، عَنْ جَرِيرٍ ، قَالَ يَحْيَى : أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ".
- سَمِعْتُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ، وَسَأَلَهُ عَلِيُّ بْنُ الْجَهْمِ عَنْ مَنْ قَالَ: بِالْقَدَرِ يَكُونُ كَافِرًا؟ قَالَ: "إِذَا جَحَدَ الْعِلْمَ، إِذَا قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا حَتَّى خَلَقَ عِلْمًا فَعَلِمَ فَجَحَدَ عِلْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ كَافِرٌ" {السنة لعبدالله |835}. 

← قال عبد الله: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيُّ، نا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ زَاذَانَ يَقُولُ: " بَلَغَنِي أَنَّ الْقَدَرِيَّةَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ ، فَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: إِنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُونَ، قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَنْتُمْ خُصَمَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" { السنة لعبدالله|853 }. 

* فكيف يُتحَرّز عن وصف "عباد القبور" بالكفر وكفرهم أعظم من القول بالقدر؟!

- وللنجديين إطلاقات تدل على عدم تكفير عباد القبور قبل البيان دون تفصيل وبيان لاستحقاقهم لوصف الشرك مما يوهِم الحكم بإسلامهم وهذا مما اضطر بعض أحفادهم وأتباعهم للاعتذار لهم أنها قد تكون لسياسة المداراة.
 
وهذا الاعتذار "كفر" بذاته لأن كلمة الكفر لا تقال إلا للإكراه فقط ولا يجوز إضلال الناس وإيهامهم بقول كفري من باب السياسة والمداراة، وقد عُلم أنهم كانت لهم دولة وجيش، وهذا التفريق الذي تابعوا فيه متبوعهم "ابن تيمية" لم يُسبَقوا له.
 
2)- ضلالتهم الأخرى وهي قياسهم من سمع بالقرآن والرسول ﷺ تمكّن من القرآن ولو لم يبلغ من عبّاد القبور في زمانهم من الأعراب على أهل الفترة قبل نزول الرسالة ممن لم يسمعوا بالقرآن والرسول ﷺ ومخالفتهم إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- في ذلك كما سنبيّنه.

3)- اضطرابهم في اشتراط البيان قبل التكفير وحتى لو قالوا بعدم إسلام من تلبّس بالشرك الأكبر ووصفوه بالمشرك وأن اشتراط البيان يختصّ بوصف الكفر المعذَّب عليه فقط دون وصف الشرك (حسب قاعدتهم البدعية).

▪ فهذا تجهّم صريح للأسباب التالية:
 
أ/- لأنهم زعموا أن حكم المشركين من عباد القبور الذين سمعوا بالقرآن والرسول ﷺ حكم مشركي أهل الفترة، وحكم ومآل مشركي أهل الفترة عندهم أنهم لا عذاب عليهم حتى يُمتَحنوا أو يرجى أمرهم لله في الآخرة!

مع أن مشركي زمانهم من عباد القبور يختلفون تماما عن أهل الفترة بسماعهم عن القرآن والرّسالة وتمكّنهم من القرآن ولو لم يبلغهم، فالقرآن بين أيديهم أو في أقرب القرى والحواضر حولهم، والرسول ﷺ علّق التكفير والهلاك بمجرّد السماع.

← أَخَرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ (153)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ، وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ".
 
- ومن قال معترضا على الاستدلال إن هؤلاء المشركين من عباد القبور في زمانهم آمنوا بالرسول ﷺ!

• قيل؛ لا يصحّ إسلام وإيمان المشرك إلا عند المرجئة الجهمية الكفار، ولا فرق بين الكافر المشرك المنتسب للإسلام أو غير المنتسب للإسلام بنص آية الزمر وهذه الآية خوطِب بها النبي صلى الله عليه وسلم إمام الموحدين المنتسبين لو فعل وتلبّس بالشرك الأكبر ويتبعه في ذلك جميع الموحدين لو تلبسوا بالشرك.
 
← قال الله تعالىٰ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾{الزمر| 65}.

← قال الله تعالىٰ﴿ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾{الأنعام| 88}.

وآية الأنعام تتحدث عن الأنبياء أئمة الموحدين لو فعلوا وتلبسوا بالشرك الأكبر ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

- وقد جاءت الآيتان بصيغة الفعل ﴿أَشْرَكْتَ،﴿أَشْرَكُوا وهذه الصيغة بالفعل صريحة في تعليق الحكم على الموحد المنتسب للإسلام بمجرد الفعل، فبمجرد فعله للشرك الأكبر ولو لمرة واحدة فهو مشرك، ولم تأت الآيتان بالصيغة الدالة على الحال حيث لم يقل (أصبحت مشركا) أو (أصبحوا مشركين)، لأن هذه الصيغة قد توهِم ويُفهَم منها أن الحكم على الموحد متعلِّق بتغيّر كامل حالته الدينية والعقدية تماما وذلك بانتقاله من ديانة لديانة أخرى عن طريق ترك الإسلام والانتقال لملة أخرى، مع أن الموحد لو فعل الشرك الأكبر مرة واحدة ﻷصبح مشركا ولكانت حالته حالة إشراك ولا فرق بين الصيغتين حقيقة، ولكن دلالة صيغة الفعل أبلغ في البيان للمقصود وهو أن الموحد بمجرّد وقوع فعل الإشراك منه يكون مشركا حابط العمل ولا يلزم أن يعتقد ترك الإسلام لملة أخرى، وهذه الصيغة الدالة على الفعل (لا الحال) أبلغُ في الرّد على المرجئة الجهمية المفرِّقين بين المشرك المنتسب للإسلام وغير المنتسب.

ولذلك قيل: «مَا ابْتُدِعَ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةٌ إِلَّا وَفِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا يُكَذِّبُهُ»، كما جاء عن الشعبي فيما رواه الخلال في "السنة" (914)، ولكن ذلك يتطلب منا غاية التدبر والتأمل والتفكر في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ.

- وأيضا فالصحابة -رضي الله عنهم- حكموا على أتباع مسيلمة من الجهال الأميين بالكفر مع أنهم لا يمتلكون مصحفا واحدا لعدم جمع المصحف حينئذ، وأما عباد القبور زمن الدعوة النجدية فقد تمكنوا من المصاحف وهي بين أيديهم ولو سلّمنا عدم وجودها عند بعضهم فهي موجودة في القرى والحواضر حولهم ومن قال خلاف ذلك فهو كاذب فنحن أهل الجزيرة ونعرف تاريخ قبائلنا وقُرانا وحواضرنا جيدا ولم يكن أجدادنا يسكنون في المريخ!، فتوفر المصاحف وتمكُّن عباد القبور منها أبلغُ وأتمُّ من تمكن أتباع مسيلمة من المصاحف قبل جمعها زمن الرّدة فعدم وصف النجديين لعباد القبور (قبل البيان) بالكفر المعذَّب عليه حسب قاعدتهم في التفريق هو عين التجهم والكفر.

- والصحابة -رضي الله عنهم- كفروا أتباع مسيلمة من المنتسبين مع أن بيئتهم بيئة جهل حيث لا ينتشر فيها العلم والعلماء وأيضا لديهم شبهة قوية ملبسة وهي أن أعلمهم بالقرآن والسنة "الدجال بن عنفوة" الكذاب -لعنه الله- حدثهم عن رسول الله ﷺ كذبا وزورا بإشراك مسيلمة الكذاب -لعنه الله- في النبوة ومع اجتماع كل هذه الأوصاف فيهم:
 
← عدم امتلاك مصحف واحد في ديارهم وما جاورها.
 
← غاية الجهل والأميَّة في أعيانهم.
 
← بيئة الجهل مع الشبهة والشهادة الكاذبة مِن أعلمهم.
 
ومع كل ذلك لم يتردّد الصحابة -رضي الله عنهم- في وصفهم بالكفر المعذَّب عليه ولم يفرّقوا ويفصّلوا كجهمية نجد بين وصف الشرك والكفر.

ب/- تفريقهم بين وصف المشرك والكافر لعباد القبور وعدم الحكم عليهم بالكفر من التجهم أيضا لعدم إلحاق الوصف الشرعي بالمشرك الكافر عابد القبور الذي سمع بالقرآن والرسالة وتمكن منه.
 
4)- أبناء محمد بن عبد الوهاب وابن معمر وغيرهم في الدرر لم يحكموا بالكفر على "ابن الفارض" -بعينه-، وهو الزنديق الملحد القائل بوحدة الوجود، وجاؤوا بقاعدة متبوعهم ابن تيمية الجهمية بالتفريق بين النوع والعين للمنتسب وهذا عين التجهم والكفر.
 
فالسلف كفروا من لم يكفر من قال "بخلق القرآن"، فكيف بعدم تكفير أعيان الملاحدة من زنادقة وحدة الوجود؟!
 
5)- كتبهم مليئة بالاحتجاج بالجهمية ممن لم يثبتوا العلو كابن حجر والنووي والقرطبي ويبجِّلونهم (بوصفهم بالحفاظ وإدراجهم في العلماء) دون بيان حالهم وكفرهم، وأما تكفيرهم للأشاعرة في [المجلد الثالث من الدرر السنية] فهو بالعموم والنوع حيث لم يذكروا الأعيان، وقد تجاوز "عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب" هذا وحكم بإسلام "ابن حجر الهيتمي" ونافح عنه رغم علمه (كما اعترف هو بذلك في نفس الفتوى) بفتواه الشركية في "الاستغاثة" بالنبي ﷺ.
 
← قال كما في المجلد الأول من الدرر السنية: «ﻭﻧﺤﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﻧﻘﻮﻝ ﺑﻜﻔﺮ ﻣﻦ ﺻﺤﺖ ﺩﻳﺎﻧﺘﻪ، ﻭﺷﻬﺮ ﺻﻼﺣﻪ، ﻭﻋﻠﻢ ﻭﺭﻋﻪ ﻭﺯﻫﺪﻩ، ﻭﺣﺴﻨﺖ ﺳﻴﺮﺗﻪ، ﻭﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻧﺼﺤﻪ اﻷﻣﺔ، ﺑﺒﺬﻝ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﺘﺪﺭﻳﺲ اﻟﻌﻠﻮﻡ اﻟﻨﺎﻓﻌﺔ، ﻭاﻟﺘﺂﻟﻴﻒ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺨﻄﺌﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻫﺎ، "ﻛﺎﺑﻦ ﺣﺠﺮ اﻟﻬﻴﺘﻤﻲ"، ﻓﺈﻧﺎ ﻧﻌﺮﻑ ﻛﻼﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﺪﺭ اﻟﻤﻨﻈﻢ، ﻭﻻ ﻧﻨﻜﺮ ﺳﻤﺔ ﻋﻠﻤﻪ، ﻭﻟﻬﺬا ﻧﻌﺘﻨﻲ ﺑﻜﺘﺒﻪ، ﻛﺸﺮﺡ اﻷﺭﺑﻌﻴﻦ، ﻭاﻟﺰﻭاﺟﺮ، ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻭﻧﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻠﻪ ﺇﺫا ﻧﻘﻞ ﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ» ا.هــ 

فانظر لهذا الجهمي كيف اخترع وابتدع موانع للتكفير لم يسبقه إليها أحد، كالاشتهار بالصلاح والعلم والورع والزهد وحسن السيرة ونصح الأمة وتدريس العلوم والتأليف.
 
← رغم أن هذا "الهيتمي" قال عن "ابن تيمية" كما في الفتاوى الحديثية له: «اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻋﺒﺪ ﺧﺬﻟﻪ اﻟﻠﻪ ﻭﺃﺿﻠﻪ ﻭﺃﻋﻤﺎﻩ ﻭﺃﺻﻤﻪ ﻭﺃﺫﻟﻪ، ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺻﺮﺡ اﻷﺋﻤﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﺑﻴﻨﻮا ﻓﺴﺎﺩ ﺃﺣﻮاﻟﻪ ﻭﻛﺬﺏ ﺃﻗﻮاﻟﻪ .. إلى أن قال: ﻭاﻟﺤﺎﺻﻞ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻘﺎﻡ ﻟﻜﻼﻣﻪ ﻭﺯﻥ ﺑﻞ ﻳﺮﻣﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻭﻋﺮ ﻭﺣﺰﻥ، ﻭﻳﻌﺘﻘﺪ ﻓﻴﻪ ﺃﻧﻪ ﻣﺒﺘﺪﻉ ﺿﺎﻝ ﻭﻣﻀﻞ ﺟﺎﻫﻞ ﻏﺎﻝ ﻋﺎﻣﻠﻪ اﻟﻠﻪ ﺑﻌﺪﻟﻪ، ﻭﺃﺟﺎﺯﻧﺎ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﻭﻋﻘﻴﺪﺗﻪ ﻭﻓﻌﻠﻪ ﺁﻣﻴﻦ» ا.هــ 

ومعلوم أن "الهيتمي" هذا ينكر على "ابن تيمية" إنكاره على الصوفية بعض الشركات والبدع، وكما قال بعضهم: «إذا عذر العالم لعلمه والجاهل لجهله فهذا دين ساقط الأركان»، وهذا ما يريده الزنادقة.

6)- تقديسهم وتبجيلهم وتسويقهم لشيخ العاذرية "ابن تيمية" وكتبه وهم من شهره عند المتأخرين وابن تيمية -عليه من الله ما يستحق- هو المؤسِّس لمنهج المرجئة الجهمية العملي التطبيقي لإعذار وأسلمة أعيان الزنادقة والمرتدين من مُسقطي بعض التكاليف ولعلماء وقضاة الحلولية الزنادقة وأعيان "القلندرية" وأعيان عوام "الرافضة" المشركين في كتبه المتأخرة عن الصارم المسلول (كالمنهاج).

-> وجرأته على أنبياء الله -على نبينا وعليهم الصلاة والسلام- كجرأته على نبي الله شعيب باتهامه بأنه على ملة قومه قبل الرسالة!


واستدلال بعض جهمية زماننا ممن اعتذر لأعيان من سبّ الصحابة قياسا على ما جرى بين الصحابة -رضي الله عنهم- من سب أو غيره!

”مع أن القاعدة عند السلف أننا لا نقول فيهم ما قال بعضهم في بعض كما ذكر في الخلال وغيره، والإجماع على ضلال وتبديع من طعن في أحد الصحابة -رضي الله عنهم- لا يتناول ما جرى بين الصحابة بعضهم في بعض رضي الله عنهم جميعا، فهم أنداد لبعضهم وقد سبق لهم من الله الرضا بنص القرآن فهنيئا لهم وجمعنا الله بهم في عليين“

← نقل الكرماني -رحمه الله- في عقيدته إجماع السلف -رحمهم الله-: "فمن ذكر أحدًا من أصحاب محمد عليه السلام بسوء أو طعن عليه بعيب أو تبرأ من أحد منهم، أو سبهم، أو عرض بسبهم وشتمهم فهو رافضي مخالف خبيث ضال".

← قال أبو زرعة الرازي -رحمه الله-: «إذا رأيت الرَّجلَ يَنْتَقِصُ أحدًا منْ أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم؛ فاعْلَمْ أنَّه زِنْدِيقٌ، وذلك أنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلَّم عندنا حقٌّ، والقرآنُ حقٌّ، وإنَّما أدَّى إلينا هذا القرآنَ والسُّنَنَ أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم، وإنَّما يريدون أن يُجَرِّحُوا شهودَنا لِيُبْطِلُوا الكتابَ والسُّنَّةَ، والجَرحُ بهم أَوْلَى وهم زَنادِقَة» {الكفاية| 49}.

والعجيب ممن يشنع على هؤلاء المعاصرين ولا يشنع على ابن تيمية في اعتذاره للضالين المارقين من أهل الأهواء استشهادا بما وقع لنبي الله موسى -على نبينا وعليه الصلاة والسلام- وهذا أشنع وأفظع وما أشبهها بطريقة الزنادقة الماجنين في حديثهم عن الأنبياء -فحسبنا الله ونعم الوكيل-.

- وهذا غير طعون "ابن تيمية" في بعض الصحابة -رضي الله عنهم- حين اتهم بعضهم (بالهوى الخفي) تارة (وببقية الهوى) تارة كما في (المنهاج).
 
← قال: «..وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْبَابِ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الرَّجُلَ الْعَظِيمَ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ، مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَهْلِ الْبَيْتِ وَغَيْرِهِمْ، قَدْ يَحْصُلُ مِنْهُ نَوْعٌ مِنَ الِاجْتِهَادِ مَقْرُونًا بِالظَّنِّ، وَنَوْعٌ مِنَ الْهَوَى الْخَفِيِّ، فَيَحْصُلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَا لَا يَنْبَغِي اتِّبَاعُهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ..»(المنهاج| 4/543).
 
← وقال: «..فَإِنَّ الْإِمَامَةَ أَمْرٌ مُعَيَّنٌ فَقَدْ يَتَخَلَّفُ الرَّجُلُ لِهَوًى لَا يُعْلَمُ كَتَخَلُّفِ سَعْدٍ فَإِنَّهُ كَانَ قَدِ اسْتَشْرَفَ إِلَى أَنْ يَكُونَ هُوَ أَمِيرًا مِنْ جِهَةِ الْأَنْصَارِ، فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ، فَبَقِيَ فِي نَفْسِهِ بَقِيَّةُ هَوًى..»(المنهاج| 8/335).
 
← وفي [ج 8] ذكر أن هناك خلافاً في إسلام "أبي سفيان" -رضي الله عنه- ومع ترجيحه حسن إسلامه ولكن مجرد ذكره لهذا الخلاف طعن صريح في "أبي سفيان" -رضي الله عنه-؛ وليس كل ما خالف الحق من الضلال والبهتان يعتد به كخلاف ولا يجوز حكاية قول بأن في إسلام ذاك الصحابي خلافاً، بل يورد لبيان عدم اعتبار ذلك الخلاف وأن ذكر الخلاف في إسلامه من البهتان والطعون الرافضية الشيعية.
 
وهؤلاء الذين يجادلون عنه لو قيل لهم إن "ابن تيمية" لديه هوى لشنوا الغارة على القائل ورموه بكل بلية ورزية، لكن لما يقول ابن تيمية هذا في حق (سعد بن عبادة وغيره من السلف) فيحتمل ويعتذر له!

← وتعريضه بعلي وعثمان -رضي الله عنهما- في مقارنتهما بالشيخين حين وصف الشيخين بكمال زهدهما في الرياسة والمال ثم قال: «أما عثمان فقد كمل زهده في الرياسة وأما علي فقد كمل زهده في المال»!، ولو قال: "تأولا واجتهدا في المال والقتال والدماء" لكان أهون، ولكن كلامه هنا صريح كالشمس في التعريض والغمز فيهما -رضي الله عنهما- بعدم كمال زهدهما في المال والريّاسة والتعريض والغمز بعلي هنا أشد من عثمان -رضي الله عنهما- لأمور:
 
-> لأن محمل الاعتذار والتأوّل في الرئاسة أقلّ وأضيَق من الاعتذار والتأوّل في المال.
 
-> لأن طلب المال للإنفاق والتألف به له أدلته الصريحة في الشريعة التي لم يخالفها "ذو النورين" -رضي الله عنه- فالتألف والإنفاق للمصلحة يكون محمودا مبرورا من هذا الوجه، وهذا بخلاف طلب الإمارة والرئاسة والسعي لها فلم يَرِد إلا النهي عن ذلك، فكيف إذا كان التعريض بعلي بني على قتاله لمخالفيه من الصحابة -رضي الله عن الجميع-.
 
-> علي -رضي الله عنه- قد بنا قتاله لأهل الشام -رضي الله عن الجميع- على أدلة صريحة (كآية الحجرات)، ولم يكن لحبّ الرئاسة موضعا في قلبه أو عمله، وهو حينها أفضل أهل الأرض وأبعدهم وأنزههم عن إرادة العلوّ في الأرض وأزهدهم في رئاسات الدنيا ومتاعها، -فقبّح الله من غمزه وعرض به-.

والصحابة أولى الناس بإحسان الظن والتماس الأعذار لا الغمز والتعريض -بصرف النظر عن ترجيح الكف وعدم البدء بقتال أهل الشام وماروي في "ندمه" -رضي الله عنهم أجمعين-

▪ وأما الاعتذار لابن تيمية بقوله في بعض كتبه (أنه قد كذب عليه في الاعتقاد) أو أنها أقحمت في كتبه مؤخرا أو الاعتذار بتضارب وتضاد أقواله أو المراحل التي مر بها، فيقال ردا على ذلك:

← تجهمه بعدم تكفير وتضليل الأعيان المنتسبين حتى لو تلبسوا بكبار الكفريات والبدع (حتى بعد بلوغ القرآن والسنة) مشهور متكرّر في جميع كتبه تقريبا وهو الأصل ولا سيما تكراره لقاعدة النوع والعين هي الأصل الغالب في تقريراته بنقل تلاميذه هذا المنهج الجهمي عنه (وانظر أسلمة أعيان المشركين والجهمية في «الطرق الحكمية» و«مدارج السالكين» وغيرها من كتب "ابن القيم" وانظر لنقول تلميذه "الذهبي" عنه حتى أنه نقل عنه تراجعه عن تكفير كلّ منتسب للإسلام من أهل الوضوء والقبلة!)، مع أن الحديث في ذلك لا دلالة فيه على عدم تكفير المرتدين والزنادقة.
 
وفيم العجب من هذا التراجع العام عن التكفير فالشيء من معدنه لا يُستَغرب أن هذا التناقض والتضاد غير صحيح فهو من تلفيقات "النجديين" وكذبهم عليه لتصح نسبتهم له وموافقته لهم وبيان ذلك كالتالي:
 
← أن عامة ما استدلوا به هو من باب تكفيره بالعموم حتى لو صَحِبه التفصيل لأنه دائما يكرّر إعمال قاعدة التفريق بين النوع والعين في الحكم على الأعيان، وأيضا فابن تيمية لم يكفّر الأعيان صراحة.
 
ويُستَثنى من هذا تكفيره لملاحدة "الفلاسفة" المصرّحين بالقرمطة وإنكار النبوات والمعاد "كابن سينا" وهؤلاء "الفلاسفة" لا ينازع في تكفيرهم حتى اليهود والنصارى وهؤلاء خارج نقطة الخلاف.

- والمقصود أنه لم يكفِّر أعيان المتلبسين بكبار الكفريات ممن بلغتهم النصوص إلا في أربعة مواطن وقد نقضها جميعا ليعود إلى أصوله الجهمية في التكفير وابتدأ ذلك النقض بنقضه لأصرحها حين وصف وخاطب (الأشاعرة الجهمية) في «التسعينية» بقوله: "يامرتدين" أثناء الحوار والغضب!، ثم نقض ذلك صراحة حين قال عن رأسهم وأكفرهم "ابن مخلوف" حين هلك واصفا ما وقع بينهما أنه مما يحدث بين "المؤمنين"!، مع أن "ابن مخلوف" لم تذكر له توبة من تجهمه أصلا، وقد وصف "ابن تيمية" شرك "ابن مخلوف" وكفره في مواضع من كتبه.

* وعلى ذلك، فكيف يترك الأصل الغالب من منهجه وتأصيلاته وتقعيداته وتطبيقاته العملية لذلك والتي سار عليها في جميع كتبه (قولا وتنظيرا وعملا وتطبيقا) وسار على هذا المنهج تلاميذه ونقلوا ذلك عنه في مسألة إعذار الأعيان؟

• أقول؛ كيف نترك هذا الأصل والغالب للنادر والمحتمل والذي قد تراجع عنه مع ندرته كما نقله عنه تلميذه "الذهبي" ويشهد لصحة كلام الذهبي تراجعه عن تكفير "ابن مخلوف" الجهمي وهو الذي فصل وشرح كفرياته؟

← اعتذار ابن تيمية وعدم تكفيره لأعيان "القلندرية" حين تنزيل الحكم على أعيانهم مع أنه نقل عنهم كفرهم في الربوبية والألوهية وغيرها.

← عدم تكفيره لأعيان الزنادقة المستهزئين من مسقطي بعض التكاليف بعد أن نقل عنهم كفرهم واستهزاءهم وزندقتهم بقولهم: «ليس علينا صلاة ولا صوم ولا حج لأن الكعبة هي التي تطوف بنا»!

تأمل هذا السخرية والاستهزاء والكذب والزندقة من هؤلاء ومع كل ذلك أعمل في حقهم قاعدته الجهمية (التفريق بين تكفير النوع والعين) على هؤلاء، تأمل زندقة هؤلاء مرة ثم تأمل التجهم بإعذار أعيانهم مرتين وثلاثا، ثم لا تتردد بالحكم عليه واسأل الله العافية والسلامة.
 
- وقد أمعن في الضلال باستدلاله لإعذار أعيانهم بقصة قدامة، وقد رددنا على هذا الاستدلال الجهمي بقصة قدامة من أكثر من ثمانية أوجه، ولا يخفى على مثله رواية "عبد الرزاق" للقصة (المخالفة لرواية سنن النسائي الكبرى وغيرها) والتي تنفي شبهة "الاستحلال" من أصلها وحتى مع التسليم برواية "النسائي" في الكبرى وغيره فلا يصح الاستدلال بها على هذا لأن "الاستحلال" متنوع وله عدة أوجه مختلفة لكل حالة منها حكمها وأيضا اختلاف الفعل واختلاف الحال، فذات فعل "قدامه" مختلف تماما عن الاستحلال العام المطلق أو إسقاط التكاليف حيث أن غاية ما ورد أنه ظنّ أن لا آثم عليه وأما اختلاف حاله عن غيره -من غير الصحابة- فله حالة خاصة لا يشركه فيها أحد من غير الصحابة -رضي الله عنهم- وهذه الحالة أحدثت له لبسا وشبهة فلا يمكن أن يُقاس عليه أحد ممن بعد الصحابة فكَون "قدامة" قد بلغ درجة الإيمان والتقوى يقينا وليس ظنا وتوهُّما فهذا ليس لغيره وأيضا يندرج في حالته الخاصة التي لا يشركه فيها أحد والتي أحدثت له هذا اللبس سابق المغفرة اليقينية المجزومة في حقّه حيث أنه من "البدريين" الذين قال الله لهم: «اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ»، وأيضا كونه من "أهل بيعة الرضوان" تحت الشجرة الذين غفرلهم وقضي لهم بالجنة والرضوان.

فهذه الحالة الخاصة به وبأمثاله من الصحابة -رضي الله عنهم- أحدثت هذه الشبهة واللبس والخطأ فاحتمال هذا منه باشتراط البيان له قبل الحكم عليه لما تقدّم خاص به لا يشركه فيها أحد من غير الصحابة -رضي الله عنهم-.

- ولو قال معلم لتلاميذه: «من حفظ البخاري فهو عندي المقدم ولن أعاقبه مهما فعل»، فحفظ أحدهم "البخاري" فقال له "لن أعاقبك على تقصيرك" ثم بعد هذا كلّف المعلِّم تلاميذه بشيء وهددهم بالعقوبة ففرط طالبان في ذلك أحدهم هذا الذي سبق في حقّه العفو لشبهة "سابق العفو" في حقه وفرط طالب آخر لم يسبق في "حقه العفو" فمن العدل عدم المساواة بينهما، فمن له شبهة العفو يُحتَمل منه هذا بخلاف الآخر.

”وتلك القصة "لقدامة" لها توجيهها وفهمها المتناسب مع النصوص والإجماع وحقيقة توصيف ما جرى من "قدامة" وقد رواها لنا السلف في قرونهم المفضلة جيلا بعد جيل“
 
* فهل فهم منها السلف ما فهمه ابن تيمية من الإعذار والإرجاء؟
 
* وهل ثبت عن واحد من السلف في القرون المفضلة من قوله أو فعله أنه عذر من واقع كبار الضلالات بعد بلوغ النصوص احتجاجا بقصة قدامة؟!

وهذا صريح كالشمس أن فهم السلف لها يختلف تماما مع فهم المرجئة الجهمية من أدعياء السنة واستدلال "ابن تيمية" بها للإعذار مردود من أكثر من ثمانية أوجه وقد فصلناها في غير هذا المقام -ولله الحمد والمنة-.
 
← ابن تيمية حشر "ابن حزم" في طبقة غلاة الجهمية في "درء التعارض" وهذا حق ولكنه مع ذلك يعذره ويبجله بل قد وصف منهجه بإعذاره لهؤلاء وقاعدة الموازنات التي انتهجها معهم وهي (الثناء عليهم) بأنها العدل ووصف خلاف ذلك بالظلم!

وهو هنا قد تجاوز كفر العاذرية وعدم التكفير -الذي رتب عليه السلف التكفير إلى وصفه بالعدل ووصف الذم والتكفير لمثل هؤلاء والذي هو عين منهج السلف المجمع عليه الذي بني على نصوص الوحي- بالظلم.

- ومن قرأ كتاب «الفصل» "لابن حزم" تبيّن له أنه قدوة ابن تيمية وغيره من المتأخرين والمعاصرين في إعذار المشركين، فشبهاتهم هي نفسها لا تتغيّر.
 
• ️تأمل ذلك أخي الموحد ووالله إن تجهم بعض أتباعه -ممن نكفّرهم- قد تقاصر عن هذا وغيره.
 
← قد عذر ولم يكفر أعيان العلماء المجيزين للشرك وتأمل وصفه "للبكري" و"الإخنائي" و"ابن مخلوف"، وضلالاته أكثر من أن تُحصَر.
 
وأما ما أصاب فيه هو و"شيوخ نجد" فمن - البلاء العظيم - وهذا يندرج في حديث البخاري.

← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (3062)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «... قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ". ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى بِالنَّاسِ: إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ».

- ومن كفر جميع أعيان الشعوب التي ينتشر فيها شرك القبور وكفر تجهم الأشعرية وكفر الحكم والموالاة وغيرها من الكفريات ككفر الإعذار لكل أعيان هؤلاء المذكورين وانتشار التجهم بعدم تكفير أعيان عباد القبور ونفاة العلو وكفر إقرار وأسلمة الأحزاب العلمانية وغيرها من الكفريات.

”أقول؛ من كفر جميع أعيان أمثال هذه الشعوب بعوامهم الجهال الأميين (وأنا لا أعترض على ذلك ولا أخالفه) لأجل تلك الكفريات الكبرى بقاعدة الأصل والغالب مع أن هذا المكفِّر لتلك الشعوب لم يسمع ولم ير ذلك من جميع أعيانهم ولكنه كفّرهم للأصل والغالب بحجّة النصوص ومنها حكم الصحابة -رضي الله عنهم- على جميع المنتسبين الجهال من بني حنيفة وحلفائهم أتباع مسيلمة الكذاب للأصل والغالب في تلك الديار“

أقول: من حكم على تلك الشعوب بالتكفير ثم يتردد في الحكم على "ابن تيمية" و"قطب" و"النجديين" فهو جهمي متناقض صاحب هوى، ونحن نربأ بك عن ذلك، والمسألة دين سنسأل عنه والحجة أتم وآكد بعد العلم والنصيحة وتنبه لنفسك واحذر مزلق العاطفة والهوى إن قدّمه لك الشيطان في ثوب الورع والاحتياط ولا يستجرينك الشيطان فترد الحق للمغالبة ونصرة النفس، فجميعنا كنا جهمية عاذرية وأنا منهم حتى مَنَّ الله علينا.

← وابن تيمية هذا لم يعمّم تكفير أتباع "التّتار" وأنصارهم وجيوشهم، وتكفيره كان (عاما للنوع) وأما حين فصّل في الأعيان فقد قسّمهم أصنافا ولم يشملهم بحكم وهذا خلاف ما يشيعه عنه بعض الجهمية من أدعياء التوحيد من "القطبيين" الذين حصروا التكفير بمسائل "الحاكمية" وتجهّموا في كثير من المسائل، فابن تيمية مع علمه وتقريره بأن الحجة في المسائل الخبرية هي التمكن من القرآن والسنة وأحيانا يقول الحجة هي البلوغ والتمكن هو الذي دلت عليه النصوص ولا سيما في كبار المسائل الظاهرة.

أقول: مع علمه بذلك إلا أنه دأب على التمويه والتلبيس ليمرر منهجهه في الإعذار فيجعل الحجة هي (البيان وكشف الشبهة)، وحتى هذه القاعدة الجهمية لم يلتزم بها حين خاطب علماء "الحلولية" والتقى بهم ثم لم يحكم بكفر هؤلاء الزنادقة وهم علماء الحلولية وقضاتهم كما في {الاستغاثة |1 /383-384}.


[الخلفية مما وراء توسعة العذر للخلق لابن تيمية]
  

 وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين. 

 
 
 

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *