كفر الجهمية بأنواعهم ودركاتهم من الكفر الأكبر المخرج من الملة ولو لم يتلبس إلا بمسألة واحدة من كفرياتهم الكبرى حتى لو لم ينسب نفسه لهم وحتى لو خالفهم في بقية المسائل. والرد على الجهمية العاذرية الذين كذبوا على السلف وخالفوا النصوص وإجماع السلف بدعوى احتمالية وصف كفر الجهمية بالكفر الأصغر.





 جمع وتنسيق وترتيب حسنين الدمياطي 


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:

1/- الجهمية والتجهم دركات كفرية متباينة وأنواع مختلفة واختلافهم في:

> دركة وغلظ وشناعة الكفر.

> وعدد الكفريات المتلبس بها.

وجميعهم يتساوون ويتماثلون في أصل خروجهم من الملة وكفرهم.

2/- كل من تلبس ببدعة واحدة (كبرى) من بدعهم فهو بمجرد هذه البدعة الواحدة فقط يعد جهميا بمجرد ذلك ويجب تكفيره بعينه ولايلزم في تكفيره أن يجمع معها غيرها من بعض البدع الكفرية، وجميع آثار السلف وتطبيقهم العملي السلوكي شاهد وصريح بذلك لمن له ادنى اطلاع على كتب السنة وسلم من هوى و كفر العاذرية الجهمية.

• ومثال ذلك من لم يعرف أين ربه ولم يثبت لله علو الفوقية والارتفاع فمن قال ذلك فهو جهمي بمجرد ذلك وكذلك من لم يكفره بعينه فهو جهمي أيضا كما أجمع السلف على تكفير من لم يكفر الجهمية، أو قال القرآن مخلوق بهذا اللفظ أو بما يطابقه ويماثله تماما كقول وتصريح الكثير من الجهمية الأشاعرة (بأن حقيقة كلام الله صفة نفسية متعلقة بذاته ونفي أن يتكلم الله بحرف وصوت وأن القران مجرد حكاية وعبارة عن كلام الله النفسي المتعلق بذاته) وهذا عين قول الجهمية المعتزلة في القرآن حين قالوا بخلق القرآن، وقد اعترف بعض أكابر الأشاعرة بذلك.

> ولا يشترط للوصف بالتجهم والكفر أن يجمع عددا من ضلالاتهم ولا يشترط أن يتمحض في التجهم.

> ولا يشترط في تكفير الجهمي ابتداء ألا يثبت جميع الأسماء والصفات.

- ومن قال من (التيمية العاذرية الجهمية) بأن تكفير أعيان الجهمية لا يتنزل ابتداء إلا على من نفي جميع الأسماء والصفات (فمع مخالفة ذلك لصريح النصوص والإجماع والآثار) فيها تبرئة للجهم بن صفوان من الحكم بتكفيره ابتداء لأن الجهم يثبت بعضها كصفة الخلق وغيرها، وبذلك فليدخل في معاذيرهم وموانعهم الجهمية من التأويل والشبهة والتقليد والاجتهاد وعدم تعمد مخالفة النصوص والعلم والفضل!

وقواعد العاذرية متناقضة مضطربة لأنها رأي محض ليس عليها أثارة من علم.

3/- لا يشترط في وصف التجهم والتكفير أن ينسب نفسه للجهمية بل كل من تلبس ببدعة واحدة (كبرى) من بدعهم فهو بمجرد هذه البدعة الواحدة فقط يعد جهميا بمجرد ذلك ويجب تكفيره بعينه حتى لو كان يكفر الجهمية على بعض بدعهم الأخرى.

وجميع آثار السلف وتطبيقهم العملي السلوكي شاهد وصريح بذلك وسنشير لبعض هذه الإجماعات والآثار.

4/- كفر الجهمية من الكفر الأكبر المخرج من الملة وهذا ثابت بدلالة النصوص وإجماع السلف وآثارهم الصريحة البينة التي لا تحتمل إلا الكفر الأكبر المخرج من الملة وسنذكر بعضها بإذن الله.

وأسباب ومناطات كفرهم متنوعة متعددة فبعض كفرهم:

أ/- بسبب مخالفة ونقض العهد والميثاق الأول المتعلق بأصل ما أودعه الله في الفطر والعقول حين أخذ الله عليهم العهد والميثاق ولا زالت آثار ذلك العهد في الفطر والعقول السليمة التي لم تنحرف ومن الآثار إفراد الله بالعبادة وأنه المستحق لها دون سواه وضلال من عبد غيره ومما أودع في الفطر أصل معرفة الله بأصول صفات الكمال والقدرة وسليم الفطرة لايشك في ضلال من خالف ذلك، والله جل وعلا (كَلَّمَ) بني آدم وهم في عالم الذر وقد أُلْهِمُوا في فطرهم وعلموا بأن من يكلمهم هو ربهم وخالقهم مدبر الكون وأنه إله له صفات الكمال وألهموا أن الله (يراهم، والانسان قد أُلْهِم في فطرته بأن الإله الذي له صفات القدرة والكمال الذي يكلمه ويوجه لك الخطاب أنه يراه) (وأنه مرتفع عال فوقهم) ومعرفة ذلك مستقر في فطر وقلوب وعقول من سلمت أصل فطرته (وأجابوه حين سألهم وهم قد علموا وألهموا بأنه (يسمعهم) فاستمع لهم وأشهدهم على أنفسهم).

ولذلك فالفطرة والعقل قد أودع الله فيها أصل معرفة الله كارتفاعه على خلقه وأن له القدرة والكمال وأنه الخالق المدبر يتكلم ويسمع ويبصر وأنه المستحق للعبادة وضلال من خالف ذلك.

ب/- وبعض كفرهم بسبب رد النصوص.

ج/- وبعض كفرهم بسبب الإعراض عن التعلم والانقياد لبعض أصول التوحيد.

د/- وبعض كفرهم بسبب التكذيب.

وتأويلهم لصريح النصوص من أوجه التكذيب والرد.

5/- الرد على من كذب وافترى على السلف (في أجيالهم الأربعة) كالسجزي وابن تيمية الذي نقل كلامه ولايعذر في ترجيحه للقول بأنه من الكفر الأكبر لأنه لم يبين كفر و ضلالة وكذب هذا القول، والقضية قضية إيمان وكفر وليست مما يسوغ فيه الخلاف.

- والسلف أجمعوا على تكفير من شك مجرد شك في تكفير الجهمية، فكيف بمن جعل تكفيرهم محتمل وخلافي بين الأكبر والأصغر، والجهمية القائلين بخلق القرآن كَفَّرَ السلف من شك في كفرهم ولم يستثنوا إلا ضعيف الفهم.

وهو الجاهل العامي الذي لايعرف حقيقة كلامهم في ذلك (لتلبيسهم بمسألة المداد والورق والجلد ونحو ذلك).

- والسجزي -قاتله الله- زعم بأن تكفير السلف للجهمية فيه خلاف في نوع التكفير بين الكفر الأصغر والأكبر!

وهذا تحريف لصريح إجماعات وآثار السلف التي لا تحتمل اللبس كما ستراه في بعض ما نورده بإذن الله.

- وكلامه محض كذب وافتراء على السلف ولم يقل بهذا أحد من أهل السنة خلال السبعة الأجيال الأولى وهذه صريح إجماعات السلف وآثارهم و الكتب الناقلة لعلومهم بين أيدينا وليس فيها إلا تكفير الجهمية وإخراجهم من الملة.

والعبرة بالنصوص وفهم السلف في أجيالهم الثلاثة المفضلة ويلتحق بهم الجيل الرابع جيل الشافعي وأحمد وابن راهوية.

6/- هذه دلالة ما سنذكره -بإذن الله- من الإجماعات والآثار على أن كفرهم من الكفر الأكبر المخرج من الملة.

أحكام الجهمية في الدنيا والآخرة.

1- الحكم بأن التجهم ملة من الملل كما قال "ابن المبارك" وغيره.

2- تكفيرهم ظاهرا وباطنًا.

3- البراءة منهم واجتنابهم. 

4- لعنهم واحتقارهم.

5- عدم تزويجهم من المسلمين.

6- اعتقاد زندقتهم.

7- أنهم أشر قولًا من اليهود والنصارى والمجوس.

8- استتابتهم استتابة المرتد.

9- التحذير منهم.

10- قطعهم وجفوهم.

11- ضرب رقابهم.

12- الحكم عليهم بالنار في الآخرة.

13- صلبهم.

14- عدم مجالستهم وسماع كلامهم.

15- عدم الصلاة خلفهم.

16- إعادة الصلاة لمن صلى خلفهم.

17- عدم جواز شهادتهم.

18- عدم شهود موتاهم.

19- عدم الصلاة عليهم.

20- عدم دفنهم في مقابر المسلمين.

21- عدم عيادتهم إذا مرضوا.

22- تطليق نسائهم منهم.

23- عدم توريثهم. 

24- عدم الأكل من ذبائحهم.

وكل هذه الأحكام قيلت في الجهمية، وقد أجمع أهل العلم عليها، وعليها شواهد من الآيات والأحاديث والآثار.

- وأهل البدع لهم نصيب منها، إما في بعضها أو كلها، لأن البدع فيها المفسق الذي يخرج صاحبه من السنة للبدعة ولايخرجه من الإسلام وفيها البدع الكفرية المخرجة من الملة، -فالحمد لله على نعمة الإسلام والسنة-.

7/- وهذه بعض إجماعات وآثار السلف الدالة على أن السلف أجمعوا ولم يختلفوا فى تكفير الجهمية وأن كفرهم مخرج من الملة والرد على من قال إن السلف اختلفوا فى تكفير الجهمية.

اتفق السلف على تكفير الجهمية كفرا أكبر، بل كفروا من لم يكفرهم؛ ولذلك لا تجد حرفا واحدا يخالف هذا، والله الموفق:

- قال ابن أبي حاتم: "سألت أبي وأبا زرعة؛ عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار، وما يعتقدان من ذلك؛ فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً وشاماً ويمناً؛ فكان من مذهبهم: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته...، ومن زعم أن القرآن مخلوق؛ فهو كافر بالله العظيم كفراً ينقل عن الملة، ومن شك في كفره ممن يفهم فهو كافر"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 321).

قلت: هذا إجماع، فتـأمله رحمك الله.

- قال أحمد بن حنبل: في رواية عبدوس: والقرآن كلام الله تكلم به، ليس بمخلوق ومن زعم أنّ القرآن مخلوق فهو جهمي كافر، ومن زعم أنّ القرآن كلام الله ووقف ولم يقل ليس بمخلوق فهو أخبث من قول الأول، ومن زعم أنّ ألفاظنا به، وتلاوتنا له مخلوقة، والقرآن كلام الله فهو جهمي، ومن لم يكفر هؤلاء القوم فهو مثلهم.

- وقال أيضاً: وما في اللوح المحفـوظ وما في المصحف وتـلاوة النـاس وكيفما وُصف، فهـو كـلام الله غير مخلـوق، فمن قال مخلوق، فهو كافر بالله العظيم، ومن لم يكفره فهو كافر ...الخ.

- وقال: وأما الجهمية، فقـد أجمـع مـن أدركنـا مـن أهل العلم أنهم قالوا: إنّ الجهمية افترقت ثلاث فرق، فقالت طائفة منهم القرآن كلام الله وهو مخلوق، وقالت طائفة: القرآن كلام الله وسكتت، وهي الواقفة الملعونة وقالت طائفة منهم: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، فهؤلاء كلهم جهمية كفار يُستتابون، فإن تابوا وإلا قتلوا.

ومن المالكية:

- قال يحي بن خلف المقرئ: كنت عند مالك بن أنس فأتاه رجل فقال: يا أبا عبدالله ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق؟ قال: "كافر زنديق اقتلوه". [الأسماء والصفات للبيهقيي الجهمي صفحة 318].

- وقال: "كنت عند مالك بن أنس سنة ثمان وستين؛ فأتاه رجل فقال: يا أبا عبدالله ما تقول فيمن يقول: القرآن مخلوق؟ قال: «كافر زنديق؛ اقتلوه». قال: إنما أحكي كلاماً سمعته. قال: «لم أسمعه من أحد؛ إنما سمعته منك». قال أبو محمد: فغلظ ذلك علي؛ فقدمت مصر فلقيت الليث بن سعد؛ فقلت: يا أبا الحارث ما تقول فيمن قال: القرآن مخلوق؟ وحكيت له الكلام الذي كان عند مالك, فقال: «كافر». فلقيت ابن لهيعة؛ فقلت له مثل ما قلت لليث بن سعد، وحكيت له الكلام؛ فقال: «كافر»"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 412).

- قال الإمام الشافعي: ما لقيت أحدًا -يعني من شيوخه- إلا قال: "من قال في القرآن أنه مخلوق فهو كافر". [الأسماء والصفات  للبيهقي الجهمي صفحة 340].

- قال ابن خزيمة: "القرآن كلام الله ومن قال أنه مخلوق فهو كافر يستتاب فإن تاب وإلا قتل، ولا يدفن في مقابر المسلمين".

- قال الإمام أبو بكر بن عياش: "من زعم أن القرآن مخلوق فهو عندنا كافر زنديق عدو الله لا تجالسه ولا تكلمه". [مسائل أبي داوود 262].

- قال أبو الوليد الطيالسي: "من لم يعقد قلبه على أن القرآن ليس بمخلوق فهو خارج عن الإسلام". (مسائل أبي داوود).

- قال الحافظ يزيد بن هارون الواسطي: "والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم من قال القرآن مخلوق فهو زنديق". [كتاب السنة للإمام عبدالله بن أحمدد المجلد الأول صفحة 122].

- قال الإمام الحافظ وكيع بن الجراح: "من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أنه محدث، يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه". [السنة للإمام عبدالله بن أحمد المجلد الأول صفحة 115].

- قال الإمام عبد الله بن ادريس الكوفي: "من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أن الله مخلوق، ومن زعم أن الله مخلوق فقد كفر، هؤلاء زنادقة هؤلاء زنادقة". [السنة للإمام عبدالله بن أحمد المجلد الأول صفحة 113].

- قال الإمام سفيان بن عيينة: "القرآن كلام الله عز وجل، ومن قال مخلوق فهو كافر، ومن شك في كفره فهو كافر".

- قال سلام بن أبي مطيع: "الجهمية كفار؛ لا يصلى خلفهم"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 9).

- وقال خارجة بن مصعب: "الجهمية كفار؛ بلغوا نساءهم أنهن طوالق، وأنهن لا يحللن لأزواجهن؛ لا تعودوا مرضاهم، ولا تشهدوا جنائزهم"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 10).

- وقال الإمام سفيان الثوري: "من زعم أن قول الله عز وجل {يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} مخلوق؛ فهو كافر زنديق حلال الدم"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 12).

- وقال عبد الله بن أحمد: "سمعت الحسن بن عيسى؛ يقول: «الجهمية، ومن يشك في كفر الجهمية؟ ومن يشك في كفر الجهمية؟»"اهـ (السنة 16).

- وقال الإمام عبد الله بن المبارك: "إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 23).

- وقال الفضل بن الصباح السمسار: "كنت عند عبد الله بن إدريس رحمه الله؛ فسأله بعض أصحاب الحديث ممن كان معنا؛ فقال: ما تقول في الجهمية يصلى خلفهم؟ قال الفضل: ثم اشتغلت أكلم إنساناً بشيء؛ فلم أفهم ما رد عليه ابن إدريس؛ فقلت للذي سأله: ما قال لك؟ فقال: قال لي: «أمسلمون هؤلاء، لا، ولا كرامة؛ لا يصلى خلفهم»"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 27).

- وسئل وكيع عن ذبائح الجهمية؛ فقال: «لا تؤكل؛ هم مرتدون»"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 38).

- وقال فطر بن حماد: "سألت حماد بن زيد؛ فقلت: يا أبا إسماعيل؛ لنا إمام يقول: القرآن مخلوق؛ أصلي خلفه؟ قال: «صل خلف مسلم أحب إلي"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 42).

- وقال الليث بن سعد: "من قال القرآن مخلوق. فهو كافر، ومن لم يقل: هو كافر؛ فهو كافر"اهـ (الانتصار 2/552).

- وقال داود بن الحسين: "سألت سلمة بن شبيب؛ عن عِلْم الحلواني؛ فقال: يرمى في الحش. قال سلمة: من لم يشهد بكفر الكافر؛ فهو كافر"اهـ (تاريخ بغداد 8/351).

- وقال يحيى بن خلف المقرئ: "أتيت الكوفة فلقيت أبا بكر بن عياش؛ فسألته: ما تقول في من قال: القرآن مخلوق؟ فقال: كافر، وكل من لم يقل: إنه كافر؛ فهو كافر. ثم قال: أيُشك في اليهودي والنصراني؛ أنهما كافران؟ فمن شك في هؤلاء أنهم كفار؛ فهو كافر، والذي يقول: القرآن مخلوق. مثلهما"اهـ (السنة لحرب الكرماني 375).

- وقال محمد بن يحيى العدني: "من قال: القرآن مخلوق. فهو كافر، ومن وقف؛ فهو شر ممن قال مخلوق؛ لا يصلى خلفهم، ولا يناكحون، ولا يكلمون، ولا تشهد جنائزهم، ولا يعاد مرضاهم"اهـ (أصول الاعتقاد 359).

- وقال عبدالله بن إدريس: "الجهمية لا يصلى خلفهم، ولا يناكحون"اهـ (خلق أفعال العباد 1/39).

- وقال يزيد بن هارون: "من قال: القرآن مخلوق. فهو كافر، ومن لم يكفره؛ فهو كافر، ومن شك في كفره؛ فهو كافر"اهـ (الإبانة 257).

- وقال عبد الوهاب الوراق: "الجهمية كفار زنادقة مشركون"اهـ (الإبانة 316).

- وقال زهير بن حرب: "من زعم أن القرآن كلام الله مخلوق؛ فهو كافر، ومن شك في كفره؛ فهو كافر"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 430).

- وقال سهل التستري: "من قال: القرآن مخلوق. فهو كافر بالربوبية"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 469).

- وقال عبدالله بن نافع الصايغ: "قلت لمالك بن أنس: إن قوماً بالعراق؛ يقولون: القرآن مخلوق. فنتر يده عن يدي؛ فلم يكلمني الظهر ولا العصر ولا المغرب؛ فلما كان العشاء الآخرة؛ قال لي: يا عبدالله بن نافع؛ من أين لك هذا الكلام؟ ألقيت في قلبي شيئاً هو الكفر؛ صاحب هذا الكلام يقتل، ولا يستتاب"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 496).

- وقال عبد الله بن المبارك: "سمعت الناس منذ تسع وأربعين سنة؛ يقولون: من قال: القرآن مخلوق. فامرأته طالق ثلاثاً بتة؛ لأن امرأته مسلمة، والمسلمة لا تكون تحت كافر"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 515).

- وقال أبو الوليد الطيالسي: "من قال القرآن مخلوق. يفرق بينه، وبين امرأته؛ بمنزلة المرتد"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 516).

- وقال عبد الرحمن بن عمر: "سمعت عبدالرحمن بن مهدي، وسألته عن الصلاة خلف أصحاب الأهواء؛ فقال: «نعم؛ لا يصلي خلف هؤلاء الصنفين: الجهمية والروافض؛ فإن الجهمية كفار بكتاب الله»"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 518).

-وقال محمد بن حمدان الطرائفي: "سألت الربيع بن سليمان عن القرآن؛ فقال: «كلام الله غير مخلوق، فمن قال غير هذا؛ فإن مرض فلا تعودوه، وإن مات فلا تشهدوا جنازته، كافر بالله العظيم»"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 520).

- وقال حرب الكرماني: "والقرآن كلام الله؛ تكلم به؛ ليس بمخلوق؛ فمن زعم أن القرآن مخلوق؛ فهو جهمي كافر. ومن زعم أن القرآن كلام الله، ووقف، ولم يقل: ليس بمخلوق. فهو أكفر من الأول، وأخبث قولاً. ومن زعم أن ألفاظنا بالقرآن، وتلاوتنا له؛ مخلوقة، والقرآن كلام الله؛ فهو جهمي خبيث مبتدع. ومن لم يكفر هؤلاء القوم، والجهمية كلهم؛ فهو مثلهم"اهـ (السنة 66 - 67 - 68 - 69).

- وعند الاصطخري (وبصرف النظر عن الكلام في الثبوت ولكن هذه المواضع عن أحمد وغيره ثابتة متواترة) عن أحمد، قال: قال أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل:"هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بعروقها المعروفين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم إلى يومنا هذا، وأدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم عليها، فمن خالف شيئاً من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق".
واستمر في عرض العقيدة إلى أنْ قال: والواقفة وهم يزعمون أن القرآن كلام الله ولكن ألفاظنا بالقرآن وقراءتنا له مخلوقة، وهم جهمية فساق.

- وقال ابن بطة: "ونحن الآن ذاكرون شرح السنة، ووصفها، مما أجمع على شرحنا له أهل الإسلام، وسائر الأمة، منذ بعث الله نبيه صلى اللَّه عليه وسلم، إلى وقتنا هذا ..من قال: مخلوق، أو قال: كلام الله، ووقف، أو شك، أو قال بلسانه، وأضمره في نفسه، فهو كافر بالله حلال الدم، بريء من الله، والله منه بريء، ومن شك في كفره، ووقف عن تكفيره، فهو كافر"اهـ (الشرح والإبانة 251).

- قال البخاري: "من قال القرآن مخلوق فهو كافر خارج من الإسلام". [خلق أفعال العباد صفحة 33].

- قال البخاري: "لقيت أكثر من ألف رجل من أهل العلم أهل الحجاز ومكة والمدينة والكوفة والبصرة وواسط وبغداد والشام ومصر لقيتهم كرات قرنا بعد قرن ثم قرنا بعد قرن أدركتهم وهم متوافرون منذ أكثر من ست وأربعين سنة أهل الشام ومصر والجزيرة مرتين والبصرة أربع مرات في سنين ذوي عدد بالحجاز سنه أعوام ولا أحصي كم دخلت الكوفة وبغداد مع محدثي أهل خراسان يقولون: ثم ذكر أمورا ومنها: وأن القرآن كلام الله غير مخلوق. وأن لا ننازع الأمر أهله لقول النبي صلى الله عليه و سلم ثلاث لا يغل عليهن قلب امرىء مسلم إخلاص العلم لله وطاعة ولاة الأمر ولزوم جماعتهم فإن دعوتهم تحيط من ورائهم ثم أكد في قوله أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم وأن لا يرى السيف على أمة محمد صلى الله عليه وسلم".

- روى أبو داود في مسائله (1712): كَتَبْتُ رُقْعَةً، وَأَرْسَلْتُ بِهِ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُتَوَارٍ، فَأَخْرَجَ إِلَيَّ جَوَابَهُ مَكْتُوبًا فِيهِ: قُلْتُ: رَجُلٌ يَقُولُ: التِّلَاوَةُ مَخْلُوقَةٌ، وَالْفَاظُنَا بِالْقُرْآنِِ مَخْلُوقٌ وَالْقُرْآنُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، مَا تَرَى فِي مُجَانَبَتِهِ؟ وَهَلْ يُسَمَّى مُبْتَدِعًا؟ وَعَلَى مَا يَكُونُ عَقْدُ الْقَلْبِ فِي التِّلَاوَةِ وَالْأَلْفَاظِ؟ وَكَيْفَ الْجَوَابُ فِيهِ؟
قَالَ: هَذَا يُجَانَبُ، وَهُوَ فَوقُ الْمُبْتَدِعِ، وَمَا أَرَاهُ إِلَّا جَهْمِيًّا، وَهَذَا كَلَامُ الْجَهْمِيَّةِ، الْقُرْآنُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ، يُرِيدُ حَدِيثَهَا» : {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} [آل عمران: 7] ، فَقَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، فَاحْذَرُوهُمْ، فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ» ، وَالْقُرْآنُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.

- قال الخلال في السنة (2112): قال عبد الله: وسألت أبي عن من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فقال: قال الله عز وجل: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (حتى أبلغ كلام ربي)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس).

- فقراءة العباد للقرآن لا تسمى (كلام الناس) حتى يقال أنها مخلوقة، بل القرآن المقروء والمحفوظ والمكتوب والمسموع كلام الله...وعند الكلام عن القرآن وقراءته فالنصوص الشرعية صريحة بعدم التفصيل الذي يدخل شبهة الجهمية وفيه تكلف وتعمق لا حاجة له.

فلا يجوز الخوض و الدخول في تفاصيل التفريق بين التلاوة والمتلو وصوت القاري وكلام الباري. والورق والمداد عند الكلام عن القرآن، والنصوص جاءت دون ذلك التفصيل المتكلف الذي لا حاجة له مع مافيه من مدخل للجهمية لدس سمومهم وضلالهم ولذلك قال الله في سورة التوبة ﴿حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّه﴾ دون الخوض في تفصيل بين التلاوة والمتلو وصوت القاري وكلام الباري واللفظ والملفوظ.

 وكذلك جاء قول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين (نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو) دون الخوص في التفصيل في المداد والورق والجلد.

• عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: نَهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يُسَافَرَ بالقُرْآنِ إِلَى أرْضِ العَدُوِّ. متفق عَلَيْهِ.

- ومعلوم لكل عاقل أن (أفعال العباد ومنها أصواتهم) مخلوقة وحديث أحمد وأبوداود والنسائي (زينوا القرآن بأصواتكم) صريح في ذلك ولكن سياق الحديث في تزيين الصوت بالقرآن وليس عن وصف القرآن وسماعه وتلاوته.

• عن البراء بن عازب: أنَّ النبي ﷺ قال:"زَيِّنوا القُرآنَ بأصواتِكم".

ولذلك لا يجوز الخوض في ذلك التفصيل في سياق وصف القرآن وسماعه وتلاوته. لأن ذلك تكلف وتعمق مخالف للنصوص والآثار عند الوصف للقرآن وسماعه وتلاوته، وأيضا في ذلك التفصيل مدخل للجهمية لإطلاق عباراتهم الكفرية في وصف (القرآن وسماعه وتلاوته) فإذا شنع عليهم أحد تحججوا بأن مقصودهم الصوت والمداد والورق.

- قال الخلال في السنة (2116): قال الدورقي: قلت لأحمد بن حنبل المعنى قريب. ما تقول في من زعم أن لفظه بالقرآن مخلوق؟ قال: فاستوى أحمد لي جالساً ثم قال: يا أبا عبد الله، هؤلاء عندي أشر من الجهمية، من زعم هذا فقد زعم أن جبريل هو المخلوق وأن النبي -صلى الله عيله وسلم- تكلم بمخلوق وإن جبريل جاء إلى نبينا بمخلوق، هؤلاء عندي أشر من الجهمية، لا تكلم هؤلاء ولا تكلم في شيء من هذا، القرآن كلام الله غير مخلوق على كل جهة وعلى كل وجه تصرف وعلى أي حال كان، لا يكون مخلوقاً أبداً، قال الله تبارك وتعالى: { وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ} ولم يقل: حتى يسمع كلامك يا محمد، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يصلح في الصلاة شيء من كلام الناس) وقال النبي عليه السلام: (حتى أبلغ كلام ربيهذا قول جهم على من جاء بهذا غضب الله، قلت له: إنما يريدون هؤلاء على الإبطال؟ قال: نعم، عليهم لعنة الله.
- ذر عنك، قال: فأكتب رقعة وتعرضها على أبي عبد الله؟ قال: فكتب رقعة بخطه فأخذتها، فأي شيء لقيت من أبي عبد الله من الغلظة؟ وأريت أبا عبد الله كتاباً جاءني من طرسوس في الشراك أنهم احتجوا عليه بقول الله عز وجل { بلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ } وفي حديث أبي أمامة: (هو أشد تفصياً من صدور الرجال من النعم من عقلها) وحديث ابن أشعث الباهلي: (القرآن -وفيه الذي في صدورنا- غير مخلوق) فقال أبو عبد الله: ما أحسن ما احتجوا عليه.

وأما قول بعض الفقهاء المتأخرين من الأحناف، أو الشافعية، أو الحنابلة بوجود الخلاف، وأن في تكفير الجهمية قولين ففاسد لسببين:

- الأول: أغلبهم أشاعرة، والأشاعرة يقولون بخلق القرآن، فمعلوم أن لا يكفروا من قال بخلق القرآن، وإلا لكفروا أنفسهم!

- والثاني: أن الخلاف وقع عند المتأخرين، ونحن نريد بالإجماع إجماع السلف في قرونهم وأجيالهم المفضلة، فلا خلاف عند السلف فى تكفير الجهمية، وإلا فمن يخالفنا في ذلك فليأت بحرف واحد عن السلف ممن عاصروا من نقلنا عنهم الإجماعات يقولون فيه بعدم تكفير الجهمية! وإنا لمنتظرون، والله أعلم.


 وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين. 



   جمع وتنسيق وترتيب حسنين الدمياطي  


نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *