الرد على شبهة قول "ابن أبي عاصم" حين علق تكفير من قال "بخلق القرآن" بإقامة الحجة.

 
 

 
 
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
 
- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
 
1)- معنى (بلوغ الحجة) عند علماء القرون الخمسة الأولى يختلف عن تفسير المتأخرين لها من القرن السابع، فعند المتقدمين بلوغ الحجة هو التمكن من النصوص الشرعية أو بلوغها للمكلف ولاسيما (كبار المسائل) الظاهرة المعلومة بالضرورة وهذا ظاهر في قول الشافعي -رحمه الله- وابن جرير الطبري وغيرهم، وجميع نصوص الشريعة القولية والعملية وكذلك عمل الصحابة -رضي الله عنهم- صريح بأن بلوغ وقيام الحجة ولاسيما في كبار المسائل الظاهرة يتم ويتحقق ببلوغها أو التمكن منها:
 
← قال تعالىٰ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ۚ﴾{الأنعام |19}.
 
← أَخَرَجَ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ: "لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ" قَالَ: مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ، فَكَأَنَّمَا رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ قَرَأَ : " وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ ".
 
← وعَنْ حَسَنِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: سَأَلْتُ لَيْثًا: هَلْ بَقِيَ أَحَدٌ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ؟ قَالَ: كَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ: حَيْثُمَا يَأْتِي الْقُرْآنُ فَهُوَ دَاعٍ، وَهُوَ نَذِيرٌ، ثُمَّ قَرَأَ: "لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ".
 
- وعمل الصحابة -رضي الله عنهم- مع أتباع مسيلمة ونحوهم صريح في ذلك.
 
← أَخَرَجَ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَشَارَكَهُ فِي الْعَهْدِ وَالْكِتَابِ قَحْذَمٌ، فَكَانَتْ الْكُتُبُ إِلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ الْمُرْتَدَّةِ كِتَابًا وَاحِدًا:
 
«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَى مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي هَذَا مِنْ عَامَّةٍ وَخَاصَّةٍ، أَقَامَ عَلَى إِسْلامِهِ أَوْ رَجَعَ عَنْهُ سَلامٌ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى، وَلَمْ يَرْجِعْ بَعْدَ الْهُدَى إِلَى الضَّلالَةِ وَالْعَمَى، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، نُقِرُّ بِمَا جَاءَ بِهِ، وَنُكَفِّرُ مَنْ أَبَى وَنُجَاهِدُهُ أَمَّا بَعْدُ،..».
 
- وكذلك صنيع ابن عمر -رضي الله عنهما- مع "القدرية" كما في مسلم.
 
← أَخَرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ (08)، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ: «..فَقُلْتُ : أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ، وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ، وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ . قَالَ : فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي،..».
 
- وكذلك ابن عباس -رضي الله عنهما- مع "القدرية".
 
← أَخَرَجَ اِبْنُ بَطَّة فِي الْإِبَانَةِ الْكُبْرَى (157/4)، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: ذُكِرَ الْقَدَرِيَّةُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَأَرُونِيهِ آخُذُ بِرَأْسِهِ».
 
- وأما بلوغ وقيام الحجة التي يكفر من خالفها عند المرجئة الجهمية من المتأخرين من القرن السابع (كالتيميين) وغيرهم (ولا سيما في منهاجهم العملي التطبيقي في الحكم على المكلف المعين).
 
أقول؛ معنى بلوغ وقيام الحجة على المعين عندهم يزيد عن بلوغ الوحي والنصوص للمكلف حتى لو كان هذا المعين عالما قد بلغته تفاصيل النصوص فتطبيقهم العملي التطبيقي (لا القولي التنظيري) لا تقوم الحجة على المعين (حتى لو كان عالما بلغته صريح وتفاصيل النصوص) وحتى في أظهر وأوضح المسائل وحتى لو كان من المعلوم بالضرورة إلا بالنصيحة والمناظرة وإزالة الشبهة سواء المسائل الكبرى الظاهرة المعلومة بالضرورة التي أقام الله فيها الحجة بطريقين أو بطريق واحد:
 
← فالأولى؛ ما أقام الله فيه الحجة عن طريق ما أودعه في الفطر والعقول وبطريق الحجة الخبرية السمعية بوحيه أيضا.
 
← والنوع الثاني من "المسائل الكبرى" الظاهرة الواضحة المعلومة بالضرورة؛ هي المسائل الكبرى التي ثبتت بطريق واحد وهو الوحي والخبر والسمع.
 
”ومن كبار المسائل الظاهرة المعلوم بالضرورة والمودعة في الفطر والعقول وما يضادها كمسائل الشرك وعبادة الأموات والقبور وكعدم إثبات علو الله وارتفاعه وفوقيته على خلقه، تجد المرجئة الجهمية التيمية وغيرهم لا يكفرون أعيان هؤلاء خصوصا أعيان علماء الضلالة ممن لم يثبتوا علو الارتفاع والفوقية لأن هؤلاء مع بلوغ النصوص الصريحة لهم في هذه (المسائل الكبرى) لم تقم على أعيان المتلبسين بها الحجة التي يستحقون بها التكفير عندهم حسب منهاجهم الجهمي فلابد من المناظرة والمناصحة وإزالة الشبهة“
 
2)- إذا علمنا ما تقدم فبلوغ الحجة بشأن نزول القرآن على نبي الله ﷺ وأن هذا القرآن من كلام الله -عز وجل- مسألة خبرية سمعية فلا يدرك بالفطرة والعقل أن الله أنزل على بعض أنبيائه -عليهم الصلاة والسلام- كُتُبًا وأنها من كلامه.
 
وتنبه: فكلامنا هنا عن الكتب المنزلة وأنها من كلام الله، وليس عن أصل اتصاف الله "بصفة الكلام" وعليه فمسألة القرآن لابد فيها من بلوغ النصوص وهي الحجة.
 
3)- قد كان لي صلة بدعوة غير من أهل الملل الأخرى والكثير منهم لم يكن يعلم أن القرآن "كلام الله" بل كانوا يعتقدونه من الأحاديث والوصايا النبوية، ولا تخفى عليكم قصة "الأعرابي" الذي تعجب حين علم بأن الله أنزل كلامه على نبيه ﷺ، فمن أسلم وكان يجهل أن القرآن أنزله الله على نبيه ﷺ وأنه من كلامه ولم تبلغه الحجة وهي النصوص ولم يخبر بذلك فهذا لم تقم عليه الحجة.
 
وعليه فمن جهل العلم والخبر عن القرآن فلم يبلغه العلم ولم تبلغه النصوص وظن أن القرآن الذي يسمع عنه أنه من الأحاديث النبوية وظن أنه "مخلوق" لأجل ذلك وليس من "كلام الله" فهذا لم تبلغه الحجة وهذا وإن كان وجوده نادر قليل إلا أن مثل هذا لا يكاد يخلو منه زمان.
 
4)- من قال أن تكفير "تارك الصلاة" معلق ببلوغ الحجة أو التمكن منها فكلامه صحيح وما قاله يعد من القواعد الصحيحة وإن كان وجود من يجهل ذلك من "القليل النادر"، وكذلك علم أن الله أنزل القرآن وأنه من كلامه معلق ببلوغ الحجة أو التمكن منها.
 
5)- هذا الإطلاق من "ابن أبي عاصم" موهم ملتبس وكان الواجب عليه تركه وإيهامه والتباسه لقلة وندرة من ينطبق عليه مع صحته بصورة عامة.
 
6)- لو سلمنا جدلا أن "ابن أبي عاصم" كان يقصد بالحجة ما يقصده الجهمية التيمية من أن الحجة قدر زائد على بلوغ النصوص والتمكن منها في هذه المسائل الكبرى الظاهرة الواضحة.
 
فالرد بأن الإجماع الصريح من السلف سوآء إجماعهم القولي التنظيري أو إجماعهم العملي التطبيقي لا يهدم بمخالفة من هو أعلى من "ابن أبي عاصم"، والقاعدة أن النصوص الصريحة إذا تواردت على تقرير أصل فلا يعارض ولا ينقض هذا الأصل حتى لو جاء نص من الوحي يخالفه حسب الظاهر وحسب فهم البعض، وكذلك الحال في الإجماع الصحيح الصريح الثابت لا ينقض بمثل ذلك.
 
* فكيف يراد نقض إجماع السلف بأقوال مفردة يتيمة؟!
 
7)- السلف أجمعوا على تكفير من لم يكفر (عاذر) من قال "بخلق القرآن" ونقل إجماعهم ستة من المتقدمين (أبوزرعة الرازي و أبوحاتم الرازي وحرب الكرماني وابن بطة العكبري والملطي واللالكائي)، والسلف أجمعوا على ذلك ولم يستثنوا إلا العاذر الجاهل ضعيف الفهم كما ورد في إجماع "الرازيين" والمعذور هنا من تحقق فيه شرطان:
 
أ/- العاذر الجاهل الذي لا يفهم.
 
ب/- أن يعذر في مثل هذه المسألة (دون ماهو أعظم وأغلظ وأشنع منها) والمسألة التي عذر فيها الجاهل العامي ضعيف الفهم هي مسألة تكفير من قال "بخلق القرآن" ولا يتجاوز العذر للمنسوب للعلم بل يكفر "العاذر" منهم ابتداء دون بيان كما هو صريح في الإجماع وكذلك لا يتجاوز العذر للجاهل إن عذر فيما هو أعظم من ذلك من أصول التوحيد التي أودعها في الفطر والعقول فلا يعذر الجاهل إن عذر المشركين من "عباد القبور" لأن تكفير هؤلاء من حقيقة "الكفر بالطاغوت" وحقيقة "ملة إبراهيم" في البراءة من الشرك وأهله وتكفير هؤلاء حقيقة جزء النفي في الشهادة.
 
- والسلف هنا أجمعوا على تكفير القائل "بخلق القرآن" ولم يستثنوا أحدا وكفروا العاذر لهؤلاء واستثنوا العاذر الجاهل الذي لا يفهم واستثناؤهم صريح كالشمس بأنه محصور مقصور على العاذر الجاهل ضعيف الفهم في مثل هذه المسائل خاصة فَيُبَيَّنُ لهذا العاذر فإن لم يكفر "الجهمية الخلقية" فيجب تكفيره؛ والبيان هنا محصور مقصور وهذا الاستثناء صريح كالشمس بأن إجماع السلف يتناول جميع أعيان الجهمية الخلقية والجهمية العاذرية دون استثناء سوى من نَصَّ الإجماع على استثنائهم.
 
”وهذا إجماع قولي تنظيري يشهد له تكفير السلف لكل أعيان من قال "بخلق القرآن"، فالبيان والمناصحة قصرت وخصصت بمن توفر فيه شرطان ولا يتعدى هذا لغيره، وعلى ذلك فيجب حمل كلام "ابن أبي عاصم" على ما يوافق الإجماع، وأما من أراد هدم ونقض الإجماع بمثل هذه الشبهات والأقوال المفردة فهو ممن حذرنا الله منهم“
 
← قال الله تعالى ٰ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ۗ﴾{آل عمران | 07}.
 
← أَخَرَجَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: "هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٍ مُحْكَمَاتٍ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ". فَالْمُحْكَمَاتُ نَاسِخُهُ وَحَلالُهُ وَحَرَامُهُ وَحُدُودُهُ وَفَرَائِضُهُ، وَمَا يُؤْمَنُ بِهِ وَيُعْمَلُ بِهِ.
 
- وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ وقتادة وَالضَّحَّاكِ وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ وَالسُّدِّيِّ قَالُوا: الْمُحْكَمُ الَّذِي يُعْمَلُ بِهِ.
 
← وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ". فَالْمُتَشَابِهَاتُ: مَنْسُوخُهُ وَمُقَدَّمُهُ، وَمُؤَخَّرُهُ، وَأَمْثَالُهُ وَأَقْسَامُهُ وَمَا يُؤْمَنُ بِهِ وَلا يُعْمَلُ بِهِ.
 
- وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: بَعْضُهُ يُصَدِّقُ بَعْضًا.
 
- وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَقَتَادَةُ: هُوَ الْمَنْسُوخُ الَّذِي يُؤْمَنُ بِهِ وَلا يُعْمَلُ بِهِ.
 
← وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ". يَعْنِي أَهْلَ الشَّكِّ.
 
- وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالسُّدِّيِّ قَالا: شَكٌّ.
 
← وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ:"فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ". قَالَ: فَيَحْمِلُونَ الْمُحْكَمَ عَلَى الْمُتَشَابِهِ. وَالْمُتَشَابِهَ عَلَى الْمُحْكَمِ وَيَلْبِسُونَ، فَلَبَّسَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.
 
← وعَنِ السُّدِّيِّ: قَوْلُهُ: "ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ": إِرَادَةَ الْفِتْنَةِ، وَهُوَ الشِّرْكُ.
 
- وَرُوِيَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ نَحْوُ ذَلِكَ.
 
←وعن مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَوْلُهُ: "ابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ". مَا تَأَوَّلُوا وَزَيَّنُوا مِنَ الضلالة ليجيئ لَهُمُ الَّذِينَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ الْبِدْعَةَ، لِيَكُونَ لَهُمْ بِهِ حَجَّةٌ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ لِلتَّصْرِيفِ وَالتَّحْرِيفِ الَّذِي ابْتُلُوا بِهِ، كَمَيْلِ الأَهْوَاءِ وَزَيغِ الْقُلُوبِ، وَالتَّنْكِيبِ عَنِ الْحَقِّ الَّذِي أَحْدَثُوا مِنَ الْبِدْعَةِ.
 
← وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ". قَالَ: تَأْوِيلُ الْقُرْآنِ.
 
← وعَنِ الضَّحَّاكِ: "وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ". يَقُولُ: الرَّاسِخُونَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ، لَوْ لَمْ يَعْلَمُوا تَأْوِيلَهُ لَمْ يَعْلَمُوا نَاسِخَهُ مِنْ مَنْسُوخِهِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا حَلالَهُ مِنْ حَرَامِهِ، وَلا مُحْكَمَهُ مِنْ مُتَشَابِهِهِ.
 
← وعَنْ قَتَادَةَ: "يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ" قَالَ: آمَنُوا بِمُتَشَابِهِهِ وَعَمِلُوا بِمُحْكَمِهِ، فَأَحَلُّوا حَلالَهُ وَحَرَّمُوا حَرَامَهُ. 
 
- وكذلك حذرنا منهم الرسول ﷺ في "حديث البخاري" المشهور في تفسير الآية السابقة.
 
← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (4547)، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِه﴾{ ال عمران | 7}. إِلَى قَوْلِهِ: ﴿أُولُو الْأَلْبَابِ﴾. قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ، فَاحْذَرُوهُم».
 
8)- من خالف صريح النصوص والإجماع بكلام لا يحتمل إلا الضلال ولا يعرف تراجعه عنه فيجب تضليله كائنا من كان ولا ننقض الإجماع وأصول منهج السلف لأجل فلان أوفلان.
 
9)- وعلى كلام ابن أبي عاصم السابق نقول: فمن بلغه القرآن والعلم أو تمكن من ذلك فقد قامت عليه الحجة فإن قال بعد ذلك "القرآن مخلوق" فهو كافر سواء كان عالما أو جاهلا عاميا، وهذا يوافق النصوص وإجماع السلف، وبهذا يتبين موافقة كلام ابن أبي عاصم للسلف.
 
 
 وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين 
 
 
 

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *