جزءٌ في صومِ شعبان
جُزءٌ فِي صَومِ شَعْبَان
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
- إنّ الحمدَ لله نحمدُهُ، ونستعينهُ، ونستغفرُهُ، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالنا؛ من يهدهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلَّا الله -وحده لا شريكَ له-، وأشهدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ. أمَّــا بعدُ:
• فهذا جزءٌ لطيف مختصرٌ في فضلِ شعبان، وفضلِ صيامِهِ، وأعقبُ ذلكَ ببيان ضَعف حديث الانتصاف، مع شيء من الفوائد الأخرى؛ فأسأل الله العلي العظيم أن ينفعَ به كاتبَه والنّاظر فيه، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، آمين.
أ/- ️بابُ إثباتِ نزول الرَّبِّ جلّ وعلا، وبيان ما رُويَ في نزوله ليلةَ النِّصف من شعبان.
١/- قال اللالكائيّ في «السُّنَّة» أخبرنا علي بن محمَّد بنِ عمرَ، قال: ثنا عبد الرّحمن بن أبي حاتمٍ ،أخبرنا أبو زُرعَـــةَ، حدّثنا صفوان بن صالح الدّمشقي، ثنا مروان بن محمَّد، ثنا ابن لهيعة، أخبرني الزُّبير بن سليمان، قال: سمعتُ الضَّحَّــاك بن عبدِ الرّحمن بن عزربٍ يقول: حدّثني أبي، عن أبي موسى الأشعريِّ، قال: قال رسول الله ﷺ: «إنَّ الله ينزل ليلة النّصف من شعبان فيغفر لخلقه كلّهم أجمعين إلَّا لمشركٍ أو مشاحنٍ».
٢/- قال اللَّالكائيُّ: أخبرنا عبيد الله بن أحمد، أخبرنا عبد الله بن محمَّد بنِ زيادَ، قال: ثنا محمَّد بن عبد الملك، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا الحجّاج، عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة عن عائشة قالت: فقدتُ رسول الله ﷺ ذات ليلةٍ، فإذا هو بالبقيع رافعٌ رأسه إلى السماء، فقال: «أمنتِ تخافين أن يحيف الله عليكِ و رسوله؟»، قالت: ما ذلك يا رسول الله، ولكنّي ظننت أنّك أتيت بعض نسائك، قال: «إنّ الله ينزل إلى السماء الدنيا ليلة النصف من شعبان فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلبٍ».
- قال اللَّالكائيُّ: وفي الباب عن عثمان بن أبي العاص، وأبي ثعلبة الخشني، ومعاذ بن جبل، وعبد الرّحمن بن عوف، وأبي موسى الأشعري، وسهل بن سعد، وأبي الخطاب: رجل من أصحاب النبي ﷺ من رواية إسرائيل بن يونس، عن ثور، عن رجل من أصحاب النبي ﷺ يقال له الخطّاب».
• قلتُ: وقد ساق ما ذكر اللَّالكائيُّ في كتابه «السُّنَّة» الدّارقطني في «النّزول»؛ فمن أحبّ تتبع الأسانيد والرّوايات فليرجع للنّزول، ولولا ما اشترطته أوّل الجزء من الاختصار لسقتها.
٣/- قال ابن أبي الدُّنيا في «فضائل رمضان»: حدثنا إبراهيم، قال: نا ابن المبارك، قال: أنا الحجّاج، عن مكحول ،عن كثير بن مُرَّة، قال: "يغفر الله فيه الذنوب إلّا لمشرك أو مشاحنٍ".
- قال عبد الله، سمعتُ الأوزاعيَّ يفسِّــرُ المشاحنَ فقال: ''كلُّ صاحب بدعة فارق عليها أمته".
٤/- قال محمَّد بن سلام البيكنديُّ -كما في «اعتقاد أهلِ السُّنَّة» للصَّابوني-: سألتُ عبد الله بنَ المُباركِ عن نزول ليلةِ النِّصف من شعبان، فقال: "يا ضعيف!، في كلّ ليلةٍ ينزل، فقال رجلٌ: يــا أبا عبد الرّحمن، كيف ينزل؟ أليس يخلو ذلك المكان منه!، فقال عبد الله "ينزل كيف شاء"، وفي روايةٍ أخرى هذه الحكاية: أنّ عبد الله بن المبارك قال للرّجل: «إذا جاءك الحديث عن رسولِ الله ﷺ فاخضع له»''.
• قلت: قال العقيلي في «الضُّعفاء» "وفي النُّزول في ليلة النصف من شعبان أحاديث فيها لينٌ، والرِّواية في النُّزول كلَّ ليلةٍ أحاديث ثابتة صحيحة، فليلة النّصف من شعبان داخلة فيها -إن شاء الله-".
ب/- بابُ فضل صيام شعبان.
٥/- قال البُخَاري: حدّثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالكٌ، عن أبي النّضر، عن أبي سلمةَ، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله ﷺ يصوم حتَّى نقول لا يفطر، ويفطر حتَّى نقول لا يصوم، فما رأيتُ رسول الله ﷺ استكمل صيام شهر إلَّا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان».
٦/- ورواه مسلم، فقال: حدّثنا يحيى بن يحيى، قال قرأت على مالك، وساقه بسند شيخه البُخَاري؛ وهو في «الموطَّأ».
٧/- وقال البُخَاري: حدّثنا معاذ بن فضالة، حدّثنا هشام، عن يحيى، عن أبي سلمةَ، عن عائشة -رضي الله عنها- حدّثته قالت: لم يكن النَّبيُّ ﷺ يصوم شهرًا أكثر من شعبان، فإنَّهُ كان يصوم شعبان كلّه، وكان يقول «خذوا من العمل ما تُطيقون، فإنَّ الله لا يَملُّ حتَّى تملُّوا، وأحبُّ الصلاة إلى النَّبيِّ ﷺ ما دُوومَ عليه، وإن قلَّت» وكان إذا صلَّى صلاة داوم عليها.
٨/- ورواه مسلم، فقال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا معاذ بن هشام، حدّثني أبي، عن يحيى بن أبي كثيرٍ به، وفيه «وكان يقول أحبُّ الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه، وإن قلَّ».
٩/- قال الترمذي في «جامعه»: حدّثنا محمَّد بن بشار [بندار] ،حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي سلمةَ، عن أمّ سلمةَ قالت: ما رأيت النَّبيَّ ﷺ يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان»، قال التّرمذي "حديث حسنٌ".
• ️قلتُ: ورواه التّرمذي من حديث أبي سلمة، عن عائشة، عن النَّبيِّ ﷺ -أيضًا-؛ وقال عقب هذا الحديث «ورويَ عن ابن المبارك أنَّه في هذا الحديث قــال: هو جائزٌ في كلام العرب إذا صام أكثرَ الشّهر أن يقال صام الشّهر كلَّه» (١).
١٠/- قال أبو داود في «سننه»: حدّثنا أحمد بن حنبل، حدّثنا محمَّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن توبة العنبريُّ، عن محمَّد بن إبراهيم، عن أبي سلمةَ، عن أمّ سلمةَ، عن النَّبيِّ ﷺ "أنَّه لم يكن يصوم من السَّنَةِ شهرًا تامًّا إلا شعبان يصله برمضان».
ج/- فصل في إعلال خبرٍ في فضل الصّوم في شعبان.
• قال النّسائي: أخبرنا عمرو بن عليّ، عن عبد الرّحمن قال: حدّثنا ثابت بن قيس أبو الغصن -شيخٌ من أهل المدينة-، قال: حدّثني أبو سعيد المقبري، قال: حدثني أسامةُ بن زيدٍ، قال: قلت يا رسول الله! لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصـــوم شعبان، قال: «ذلك شهر يَغفُلُ النَّاس عنه، بين رجب ورمضان؛ وهو شهر ترفع فيه الأعمالُ إلى ربّ العالميــنَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عملي و أنا صائمٌ».
• قلت: «وهو حديثٌ منكرٌ، فيه ثابت بن قيس؛ قال فيه ابن معين: ''ليس حديثه بذلك، وهو صالح". واستنكرَ الحديث على ثابت بن قيسٍ ابنُ عدي في الكامل؛ وروى له البخاري في رفع اليدين حديثًا عنه أنّه قال: ''رأيت نافعَ بن جبيرٍ يرفع يديهِ مع كلِّ تكبيرةٍ على الجنازة'' وليس هذا الخبر ممّا استنكر عليه لموافقته ما رواه الثّقات في الباب ممّن ذكرهم البخاري في جزئه، وليس هو من جملة الفضائل بإطلاقٍ ليُمشى بل فيه إخبار بمُغيبٍ وهو رفع الأعمال».
د/- بــــــابٌ في إعلال حديث "الانتصاف''، وبيانُ نكارته.
«إذا انتصف شعبان فلا تصوموا» وفي لفظٍ «إذا كان النّصف من شعبان فلا صوم» [حديثٌ منكـــرٌ].
- رواه عبد الرَّزاق، و ابن أبي شيبة، و أحمد، والدارمي، وأبو داود، والتِّرمذيُّ؛ وغيرهم...
- من حديث: العلاء بن عبد الرّحمن، عن أبيه، عن أبي هريرةَ، عن النَّبيِّ ﷺ.
- ورواهُ عن العلاء جماعة منهم: الثَّوري، وشبل بن العلاء، وأبو عميس، وروح بن القاسم، وزهير بن مُحمَّدٍ، وعبد الرحمن بن إبراهيم، و عبد العزيز بن محمَّد.
[١] قال الإمَامُ أحمد -رحمه الله-: "العلاء ثقة لا ينكر من حديثه إلا هذا".
[٢] قال المروذي في «سؤالاته في العلل»: "وذكرتُ له -يعني الإمام أحمد- حديث زهير مُحمَّدٍ، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا كان النّصف من شعبان فلا صوم» فأنكره، وقال: "ســألت عبد ابن مهديٍّ عنه فلم يُحدّثني به، وكان يتوقَّاه"؛ ثم قال أبو عبدِ الله: "هذا خلاف الأحاديث التي رُويت عن النَّبيِّ ﷺ".
[٣] قال أبو داود -رحمه الله- بعد روايته الحديثَ في «سننه»: "وكان عبد الرّحمن لا يُحدِّث به، قلتُ لأحمدَ: لِمَ؟، قال: "لأنَّهُ كان عنده أنَّ النَّبيَّ ﷺ كان يصل شعبان برمضان، وقال عن النَّبيِّ ﷺ خلافه"؛ قـــال أبو داود: وليس هذا عندي خلافه، ولم يجيء به غير العلاء، عن أبيه».
[٤] استنكرَه عفّان بن مسلم، قال أبو عوانة في «مستخرجه»: حدثني جعفر بن محمد الطيالسي، حدّثنا يحيى بن معين، عن عفَّان، عن عبد الرحمن بن إبراهيم، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة أنّ النَّبيَّ ﷺ قال: «إذا كان النّصف من شعبان فلا تصوموا، ومن كان عليه صوم من رمضان فليسرد الصوم فلا يقطع» قال جعفر: كان عبد الرّحمن قاصّ هنا، وحدث عنه زيد بن الحباب وبهز بن أسد أيضا. سمع عبد الرحمن هذه الأحاديث من العلاء مع روح بن القاسم، وحدث عنه حديث منكر، ثم ذكر جعفر هذا عن يحيى بن معين، عن عفان.
[٥] واستنكرَه ابن معينٍ تلميذُ عفّان.
[٦] وقال البرذعيُّ في «سؤالاته»: شهدت أبا زرعـةَ ينكرُ حديث العلاء بن عبد الرّحمن «إذا انتصف شعبان ...» وزعم أنَّهُ منكرٌ.
[٧] وقال أبو بكرٍ الأثرم: "الأحاديث كلُّها تخالفه" -على ما نقله ابن رجبٍ-.
[٨] وقال النَّسائيُّ: "لا نعلم أحدًا روى هذا الحديث غير العلاء بن عبد الرّحمن".
[٩] وقال الخَليليُّ في «الإرشاد» -عن العلاء-: "مدينيٌّ مختلف فيه؛ لأنَّه يتفرد بأحاديث لا يتابع عليها كحديثه، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ ﷺ: «إذا كان النّصف من شعبان فلا صوم حتّى رمضان».
- ️قال ابن رجبٍ في «اللطائف» : "واختلف العلماء في صحة هذا الحديث ثمّ العمل به، أما تصحيحه فصححه غير واحد منهم: التِّرمذيُّ، وابن حبان والحاكم، وابن عبد البر؛ وتكلَّم فيه من هو أكبر من هؤلاء وأعلم، وقالوا هو حديث منكر منهم: عبد الرّحمن بن مهديٍّ، وأحمد، وأبو زرعة، والأثرم؛ وردّه الإمام أحمد بحديث «لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين» فإنّ مفهومه جواز التّقدم بأكثر من يومين".
• قلت: ”والقول بنكارتِهِ هو الحقُّ -إن شاء الله-، والأئمَّة الذين استنكروه بعضهم اكتفى بمطلق الاستنكار وإعلاله بالتّفرد كأبي داود، وأبي زرعة وغيرهما ممّن مرَّ ذكرهم، وبعضهم زاد على وصفه بالنَّكارة المخالفة كالإمام أحمد والأثرم؛ وأولى القولين بالدقَّة قول من زاد المخالفة على النّكارة وجعله مخالفا معارضا لصحيح الأحاديث الثّابتة في الباب، وهو قول أبي عوانة أيضا في تبويبه في «مستخرجه»: (باب؛ بيان النّهي عن صوم آخر النِّصف من شعبان، وبيان الخبر المعـــارض له، المبيح صومه، والخبر المبين فضيلة صومه على سائر الشهور، والدَّال على توهيـــن الخبر الناهي عن صيامه)“
️هـ/- باب قضاء الصيام في شعبان.
١١/- قال مسلم في «صحيحه»: حدّثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، حدّثنا زهير، حدّثنا يحيى بن سعيد، عن أبي سلمةَ، قال: سمعت عائشة -رضي الله عنها- تقول "كان يكون عليّ الصّوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلاَّ في شعبان. الشُّغل من رسول الله ﷺ".
• قلت: ورواهُ البُخَاري -أيضًا- بسندِ مسلمٍ، وهو ممَّا شارك مسلمٌ فيه شيخه في شيخه، فقدمتُ رواية مسلم على رواية البخاري لهذا، ولتمامها.
١٢/- وقال: وحدّثني محمَّد بن أبي عمر المكّي، حدّثنا عبد العزيز بن مُحمَّدٍ الدّراوردي، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمةَ بن عبد الرّحمن، عن عائشة أنَّها قالت: "إن كانت إحدانا لتفطر في زمان رسولِ الله ﷺ فما تقدر على أن تقضيه مع رسول الله ﷺ حتَّى يأتي شعبان".
و/- ️باب في النّهي أن يقــدم شهر رمضان بصوم يوم أو يومين.
١٣/- قال البُخَاري: حدّثنا مسلم بن إبراهيم، حدّثنا هشام، حدّثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمةَ، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النَّبيِّ ﷺ قال: «لا يتقدَّمنّ أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلكَ اليوم».
١٤/- قال مسلم: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب، قال: أبو بكر حدثنا وكيع عليّ بن مُبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرةَ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تَقَدّموا رمضان بصوم يوم و لا يومين إلاّ رجلٌ كان يصوم صومًا فليصمه».
- وروى الحديث غير البخاري ومسلم -أيضًا-.
١٥/- قال أبو داود في «المراسيل»: حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا حمّاد، عن قَتادة، قال: قال رسول الله ﷺ: «افصلوا بين شعبان ورمضان».
• وهو مرسلٌ كما هو بيِّنٌ إن شاء الله.
- قال أبو عوانة في «مستخرجه»: باب بيان النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين من آخر شهر شعبان، وأن الخبر الموجب لصيام آخر شهر شعبان الدّال على أنّ النّهي عن صومه لمن صامه بحال شهر رمضان، و عن صوم يوم الشَّكِّ.
• ثمّ ساق الأحاديث السابقة وغيرها.
ز/- ️بابٌ في صوم يوم الشَّكِّ.
"مَن صَام اليوم الذي يُشَكُّ فيه فقد عصى أبا القاسم ﷺ ".
- رواه أبو دَاوُد، والتِّرمذي، والنَّسائي؛ وغيرهم... من حديثِ أبي خالد الأحمر [سليمان بن حيان]، عن عمرو بن قيس المُلائي، عن أبي إسحاق، عــن صِلة بن زفر، قال: "كُنّا عند عمّار فأُتي بشاة مصلية، فقال: كلوا، فتنحى بعض القوم، قال: إنِّي صائم؛ فقـال عمار: مَن صام اليوم الذي يُشَك فيه فقد عصى أبا القاسم ﷺ".
• قلت: «والحديثُ و إن كان معلاًّ، كما أعلَّه الدّارقطني في «الغرائب و الأفراد» فقال: "تفرَّد به أبو خالد الأحمر، عن عمرو بن قيس، و تفرَّد به عمرو، عن أبي إسحاقَ، عن صِلَة"، وكما أعلَّه البزَّار، فقال: "لا نعلمُ رواه عن عمرو بن قيس إلَّا أبو خالد"، وكما أشار صاحبُ المحرر -من المتأخرين- فقال: "وقد أُعِلَّ"؛ ومع كون الأثر ثبتت علّته عندنا إلَّا أن النّهي عن [تقصُّد] صيامه دون من كان له صوم يصومه أو لم يكن قاصدًا [الاحتياط] ثابتٌ منهيٌّ عنه ثبت عن ابن عباس، وابن مسعود، وهو مذهب عمر -كما قال ابن المنذر-، وأمر ابن عمر رجلاً بإفطار اليوم الذي يُشك فيه، كما رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» عنه».
• قلت: ”قال يحيى، عن مالكٍ أنَّهُ سمع أهل العلم ينهون أن يُصَام اليوم الذي يشكُّ فيه من شعبان إذَا نوى به صيام رمضان، ويرون أنّ من صامه على غير رؤية ثمَّ جاء الثّبت أنَّه من رمضان أن عليه قضاءه، ولا يرونَ بصيامه تطوعًا بأسًا، قال مالكٌ وهذا الأمر عندنا والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا" من موطّأ مالكٍ“.
ــــــــــــــــــ
١- قال أبو عيسى التِّرمذيُّ في آخر "جامعه" في كتابه «العلل الصّغير» : «وما كان فيه من قول ابن المبارك فهــو ما حدّثنا به أحمد بن عبدة الآمُليُّ، عن أصحاب ابن المبارك عنه، ومنه: ما رويَ عن أبي وهب، عن ابن المبارك، ومنه: ما رويَ عن علي بن الحسن، عن عبد الله بن المبارك، ومنه: ما رويَ عن عبدان، عن سفيان بن عبد الملك، عن ابن المبارك، ومنه: ما رويَ عن حِبَّان بن موسى، عن ابن المبارك، ومنه: ما رويَ عن وهب بن زمعةَ، عن فضالة النِّسوي، عن عبد الله بن المبارك. ولــه رجــال مُسمَّون سوى من ذكرنا عن ابن المبــارك».
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين