الرد على من جعل الانتساب للإسلام مانعا من التكفير ابتداء (للمعين) الذي تلبس بالشرك الأكبر (فعبد غيرالله مع الله جل وعلا) أو لم يعرف أين ربه ولم يثبت فوقيته وارتفاعه وعلوه على خلقه، ونحو ذلك

 



بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:

 

سَنُورِدُ بإذن الله بعضَ النُّصوص والأدِلَّة الصَّريحَة الَّتي تَنْقُضُ هذا الأصلَ الطَّاغُوتِيَّ الجَهمِيَّ؛ ولكوننا جمعنا ما تَفَرَّقَ مما كتبه وقاله المشايخ وطلبة العلم من الرُّدودِ والأدِلَّة لنقض هذه الشبهة فلعلَّكَ لن تجد أجمع من هذا المقال في الرَّدِّ على هذا الأصل الطَّاغُوتِيّ، فاحرص على حفظ أصول الْأَدِلَّةِ الرَّادَّةِ على ذلك لضبط هذه المسألة.

 

- ولكن قبل ذلك هناك مُقدِّماتٌ مُهِمَّةٌ لا يُسْتَغْنَى عنها يجب ضبطها وفهمها لتأصيل هذه المسألة؛ ومن أسباب عدم الرُّسُوخِ في العلم وسوء الفهم وعدم ضبط هيكلة أَيِّ مسألةٍ وعدم الإلْمَامِ بجوانبها أن تُطْرَحَ المسألة مُجَرَّدَةٌ بذاتها دون ذِكْرِ مَالَهُ صِلَةٌ وَثيقةٌ بها من الأصول والمقدمات والاحترازات والضَّوَابِط، وهذه المُقدِّمات كما يلي:

 

- أوَّلًا: قال الجَهْمِيَّةُ العَاذِرِيَّةُ من كثير من المنتسبين للسُنَّةِ والسَّلَفِيَّة وغيرهم أنَّ هناك فرقًا في تنزيل التَّكْفِيرِ على الأعيان (الذين عبدوا غيرالله مع الله)، فالمُشرِكُ المِلِيُّ كاليهودي والنصراني والبوذي والهندوسي إذا عبد غير الله مع الله كان كافرًا مُشْرِكًا بعينه لأجل ذلك الشِّرْك حتَّى لو لم يَتَلَبَّسْ إلا بذلك الشِّرْك فقط؛

 

وهذا حقٌّ، مع أنَّ هذا المِلِيّ يكون كافِرًا من عِدَّةِ أبوابٍ كُفرِيَّةٍ في دينه.

 

- وأما حُكْمُ هؤلاء الجَهْمِيَّةِ العاذِرِيَّةِ بشأن المشرك المنتسب للإسلام (إذا أشرك وعبد غيرالله مع الله جَلَّ وعلا) كعُبَّادِ القبور حتَّى لو تَمَكَّن ذلك المُعَيَّن من القرآن وبلغته الرِّسالة فلا يَكْفُرُ بعينِه ابْتِدَاءً؛ بل هو عندهم مع شركه وعبادته لغير الله يَعُدُّ مُسلمًا مُوَحِّدًا، حتَّى تَتحَقَّقَ شُروطُهُم وتَنْتَفِي مَوانِعُهُم!

 

- وبعضُ جُهَّالِهِم من بُلَداءِ الذِّهْنِ أراد الخروج من هذا المأزق والتناقض والضَّلَال البَيِّنِ في وصف المشرك بالمُوَحِّد المسلم، فقال عن المشرك المنتسب هو ''مسلم غير مُوَحِّد مسلم مشرك''! 

 

• تَأَمَّل لهذه العقيدة الجَهْمِيَّة كيف جعلتهم في مَصافِّ أهلِ العُتْهِ والجُنونِ، نعوذ بالله من الهوى والجهل والشِّرْك والتَّجَهُمِ.

 

-> فالمُشرِكُ الْمَلِيُّ عندهم كافِرٌ مُشركٌ بِسَبَب تَلَبُّسِهِ بأيِّ شِرْكٍ من شِركِيَّاتِهم وَكُفْرِهِم؛ وهذا حقٌّ.

 

-> وأما المُشرِكُ "المُنْتَسِبُ للإسلام" من المُعَيَّنِينَ فالأصلُ فيهِ ابْتِدَاءً أنَّه "مسلم مُوَحِّد" عندهم حَتَّى لو تَلَبَّسَ بِالشِّرْك الأكبر (وعبد غيرالله مع الله جَلَّ وعلا) وحَتَّى لو تَمَكَّنَ هذا المُعَيَّن من القرآن وحَتَّى لو سمع بِالنَّبِيِّ ورسالته -صلى الله عليه وآله وسلم-.

 

وهذا هو حالُ مَن يَعْذُرُونَهُم من العَوَامِّ الجُهَّالِ من عُبَّادِ القبور في مصر والمغرب وسوريا والعراق وتركيا وباكستان والجزائر وغيرها!

 

- وَابْتَدَعُوا من الشُّروطِ والموانع والمعاذير المُتَعَدِّدَة (لتكفير المُعَيَّن) مايلزمهم لو أعْمَلُوا موانعهم وشروطهم (دون تناقض) نَفْيُ التَّكْفِيرِ عن كل مُعَيَّن كافر ولا يكاد يخرج من ذلك إلَّا ثُلَّةٌ قَليلةٌ من كفرة الدُّنْيا، ومن له أدنى اطِّلَاع على آثار السَّلَفِ وكتب السُّنَّة المُتَقَدِّمَة رأى حَزْم السَّلَفِ في أجيالهم الأربعة الأولى وعدم تَرَدُّدِهِم في تكفير الأعيان بما هو دون ذلك من المُكَفِّراتِ.

 

فَمِن مَوَانِعِهِم الطَّاغوتِيَّةِ الجَهْمِيَّة لِعُذْر المُعَيَّن:

 

-> العَابِدُ لغير الله مع الله جل وعلا.

 

-> وعُذْرُ أعيان من لا يعرف أين ربّه ممن لم يثبت لله فَوْقِيَّته وارتفاعه على خلقه.

 

-> وعَطَّلَ أكثر الصِّفَات.

 

أقول فَمِن مَوَانِعِهِم الطَّاغوتِيَّةِ الجَهْمِيَّة لِعُذْر المُعَيَّن حتَّى لو تَمَكَّنَ من القرآن وسمع بالرِّسَالَة وَزَعَم مُتَابَعَة الرَّسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مَا يَلِي:

 

1/- مَانِعُ الانتساب للإسلام! -وسيأتي نَقْضُ ذلك تَفصيلًا بإذن الله-.

 

2/- مَانِعُ الجهل وعدم الفهم!

 

والله قد وصف مُشْرِكِي الْجَاهِلِيَّة بالجهل وعدم الفهم وأنَّهُم كالأنعام ومع ذلك لم يعذرهم، ووحدانية الله وإفراده بالعبادة واستحقاقه للعبادة دون سواه، وأنَّه مُرْتَفِعٌ عَالٍ فوق خلقه.

 

”كُلُّ ذلك من المسائل المُودَعَةِ في الفطرة من آثار العهد والميثاق الأوَّل والفِطْرَة والحَنِيفِيَّة الأولى الَّتي خُلِقُوا ووُلِدُوا عليها كما ثبت في النُّصوصِ (وإفراد الله ووحدانِيّته وعُلُوّه وفَوْقِيَّته وارتفاعه على خلقه لا يخفى على من له الحد الأدنى من العقل والإدراك والفطرة) قبل أدِلَّة السمع والخبر المتواترة على ذلك، ومن تَحَرَّفَت فِطْرَتُهُ وَجَبَ عليه تَنْقِيَّةُ فِطْرَتِهِ وإزالة ما غَبَّشَ() عليها والبحث عن الحَقِّ“

 

- وفي صحيح "مُسْلِم" تَأمَّل كيف جعل النَّبِيُّ -صلى الله عليه وآله وسلم- (معرفة العبد أين إلَاهُهُ الَّذي يَعْبُدُه وأَنَّه في السَّمَاءِ) شَرْطًا لِلْحُكْمِ بِصِحَّةِ إسلام تلك الجارية حديثة العهد بالإسلام؛ (فقالَ لَها: "أيْنَ اللَّهُ؟" قالَت: في السَّمَاءِ).

 

← أَخَرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ (537)؛ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ:..قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟ قَالَ: "ائْتِنِي بِهَافَأَتَيْتُهُ بِهَا. فَقَالَ لَهَا: " أَيْنَ اللَّهُ؟" قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ. قَالَ: "مَنْ أَنَا؟" قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: " أَعْتِقْهَا، فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ".

 

بينما الجَهْمِيَّةُ العَاذِرِيَّةُ من أدعياء السُنَّةِ والسَّلَفِيَّة يعذرون "العالم" الذي لا يعرف أين رَبّه ولم يثبت لله فَوْقِيَّته وارتفاعه على خلقه؛ وهي مَسْألَةٌ فِطْرِيَّةٌ، ويحفظ القرآن والأحاديث وبين يديه آثار السَّلَفِ وكتب السُنَّةِ الدَّالَّةِ على فَوْقِيَّة الله وارتفاعه على خلقه.

 

3/- مَانِعُ بيئة الجهل وبُعْدُ العصر عن زمن النُّبُوَّةِ.

 

4/- مَانِعُ التَّأْوِيلِ.


وكلُّ بِدْعَةٍ كُفرِيَّةٍ أو ما دُونَها بِتَأوِيلٍ؛ ومعَ ذلك لم يَعْذُرْهُمْ السَّلَفُ بذلك بل ضَلَّلُوهم ابْتِدَاءً.

 

5/- مَانِعُ الشُّبْهَة.

 

وكلُّ ضَالٍّ له شُبْهَةٌ؛ والسَّلَفُ لم يَعْتَدُّوا بذلك ولم يعذروا الأعيان لأجل الشُّبْهَة.

 

6/- مَانِعُ التَّقْلِيدِ.

 

وقد ذَمَّ اللَّهُ المُشْرِكِينَ بهذا التَّقْلِيد والتَّبَعِيَّة وعَدَّهُ غُرْمًا عَلَيْهِم فجاء هؤلاء المَخذُولُونَ فجعَلوهُ غُنْمًا وعُذْرًا ومانِعًا مِن التَّكْفِيرِ للمُشْرِكِين والجَهْمِيَّة!

 

7/- مَانِعُ عَدَمِ تَعَمُّدِ المخالفة والمُضادَّة للكتابِ والسُّنَّةِ وإرادة الحَقّ.

 

وهذا هو مَانِعُ عدم قَصْدِ الكفر؛ وهو مُختلفٌ مُغَايِرٌ لذلك المانع الشَّرْعِيِّ الصَّحيح وهو عدم قصد الفعل؛ كالذَّاهِل وسَبْقِ اللِّسانِِ، كمن قال ذَاهِلًا بسَبْقِ لِسَانًا "اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي"(۱)، وهذا لم يقصد الفعل والقول، وسيأتي توضيحُ ذلك.

 

8/- مَانِعُ العِلْمِ وَنَشْرِه وَالحِفْظِ وَتَأْلِيف الكُتُبِ وَخَدَمِة الْإِسْلَام!

 

- ومِمَّا يَنْقُضُ ذلك حديث مسلم في تضليل "ابن عمر" -رضي الله عنهما- لِلقَدَرِيَّة ابْتِدَاءً مع وصفهم بِأَنَّهُم (يَتَتَبَّعُونَ الأثر وذُكِرَ من شأنهم)، وكذلك تضليل السَّلَفِ لبعض كبار العلماء لِتَلَبُّسِهِم بضلالةٍ واحدةٍ "كإسماعيل بن عُلَيَّة" "وأبو ثور" قبل توبتهما وتراجعهما، وتضليل "يعقوب بن شَيْبَة" كما ورد في "الإِبَانَة" للعكبري...وغيرهم كثير، وإجماع السَّلَفِ الذي نقله الرَّازِيَّان صَريحٌ بعدم عذر المنسوبين للعلم في كُبَّارِ الكفريات لأنّ الإجماع حصر الاستثناء بمن لايفهم من الجُهَّالِ في مَسَائِلَ مَخصوصَةٍ تخفى على مثلهم.(۲)

 

والنُّصوص وآثار السَّلَفِ بل حتَّى العقل والفهم السَّلِيم يَدُلُّ على أنَّ العِلْمَ حُجَّةٌ على صاحبه وليس عُذْرًا له عند ضلاله وانحرافه وترك المُحْكَم واتِّبَاع المُتَشابِه.(۳)

 

9/- مَانِعُ العِبَادَةِ والفَضْل والجِهَادِ والحَسَنَات.

 

ومِمَّا يَنْقُضُ ذلك حديثُ وَصْفِ عبادة الخوارج وقراءتهم للقرآن ومع ذلك حُكِمَ بضلالهم()، وحديث مسلم في حُكْمِ "ابن عمر" على القَدَرِيَّة الذين وُصِفُوا بتتبع الأثر والفضل (وذُكِرَ من شأنهم) أي فضلهم.

 

10/- مَانِعُ الِاجْتِهَاد وَاسْتِفْرَاغِ الوُسْعِ! 

 

وحَكَمَ الصَّحابَةُ بتضليل (أعيان الخوارج وأعيان القَدَرِيَّة مع اجتهادهم وظَنِّهِم أَنَّهُم على الحَقّ)، ولا اجتهاد مع النَّصِّ ولا اجتهاد في أصول الدِّينِ والتَّوْحِيد بَل الِاتِّبَاع والتَّقْلِيد لفهم سبيل الصَّحابة والتَّابِعينَ وأتباعهم -رَضِيَ اللَّه عنهم- من الأجيال الأربعة الأولى.

 

”فما سَبَقَ هي مَوانِعُهُم ومَعاذِيرُهُم المُبتدعة الطَّاغوتِيَّةِ الكُفْرِيَّةِ لتنزيل التَّكْفِيرِ على المُعَيَّنِينَ ابْتِدَاءً في كُبَّارِ الضّلالات من الكُفريَّات والبدع الكبرى“

 

- ولم يَرِدْ في النُّصوصِ والآثارِ ما يَدُلُّ على التَّفْريق بين تَكفير النَّوْع وَالعَيْن، بل الأصل الوارد في النُّصوصِ والآثار في التَّكْفِيرِ بكُبَّارِ الكُفريَّات تنزيله على الأعيان ابْتِدَاءً؛ وخلاف ذلك هو الاستثناء الْمَخْصُوص لمن لايفهم من الجُهَّال والعَوَّامِ في مَسائِلَ مَحْدُودَةٍ خَفِيَّةٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ كَاللَّفْظِ والوَقْف.

 

وهذا بخلاف المُنْتَسِبِينَ للعلم والكلام، وأمَّا المَوانِعُ الشَّرْعِيَّةُ الصَّحيحَة فليست مَوْضِعَ خِلَافٍ بيننا؛ كمَانِعِ:

 

11/- الإكْرَاهِ مع طُمأنينة القلب بالإيمان. 

 

12/- عَدَمِ قَصْدِ الفِعْلِ كالذَّاهِل وسَبْقِ اللِّسانِِ؛ كمن قال من شِدَّةِ الفرحِ مُخْطِئًا "اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ"، وكمن وَطِئَ المصحف وهو لا يعلم.

 

فهذا مَعذورٌ لا يكفر لأنه لم يقصد الفعل.

 

- وأمَّا مَانِعُ (عدم قَصْدِ الكُفر) الذي أشرنا له سابقًا برقم (07)، فهذا مَانِعٌ جَهْمِيٌّ لا عبرة به في هذه الكُفريَّات الكبرى كالشِّرْك الأكبر ونَفْيِ عُلُوِّ الارتفاع والفَوْقِيَّة...ونحو ذلك.

 

”فمن تَلَبَّسَ بهذه الكُفريَّات كعبادة غيرالله ونفي فَوْقِيَّة الله وارتفاعه على خلقه وهو لا يقصد الكفر أي لا يقصد بذلك الخروج من الإسلام لَكنَّه تَأَوَّلَ لشبهة أو غير ذلك، فلا عذر له ولا حُجَّةَ له عند الله فقد أَتَمَّ الله ورسوله البيان وأقام الحُجَّةَ ولا سيما في هذه الأصول الكبرى؛ وتركنا على المَحَجَّةِ البيضاء لا يزول عنها إلا هالك كما ورد في حديث ابن ماجة والمسند(٤)

 

والنُّصوص مُتواتِرَةٌ بِأنَّ الله قد أَتَمَّ البيان على عباده وقطع عذرهم ولاسيما في مثل هذه الأصول الكبرى، وأكثر أهل البدع الكُفْرِيَّةِ يظنُّونَ أَنَّهم على حَقٍّ ولا عُذْرَ لهم بذلك بنَصِّ آية الكهف؛

 

-> قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ۞ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾{الكهف: 104/103}.

 

-> وآية {الزخرف: 37}؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾.

 

وتَضْلِيلُ الصَّحابَة والسَّلَفِ في أجيالهم الأربعة الأولى لأعيان من تَلَبَّسَ بالبدع والضّلالات الكبرى تَأويلًا واشتباهًا وهو يظُنُّ أنَّهُ على حَقٍّ

 

فما سبق هي المَوانِعُ، وأمَّا (شروط) تنزيل التَّكْفِيرِ على المُعَيَّنِ فمن أبرز شروطهم البِدعِيَّة الكُفْرِيَّةِ الطَّاغوتِيَّةِ لتنزيل التَّكْفِيرِ على المُعَيَّنِ المُشْرِك وغيره من الجَهْمِيَّة ونحوهم هو:

 

1/- اشترَاطُ البيان للمُعَيَّنِ وإزالة الشُّبْهَة عنه!

 

ويُسَمُّونَ ذلك بإقامة الحُجَّة حتَّى لو كان ذلك المُعَيَّن عالِمًا حافِظًا يحفظ الأدِلَّة وحتَّى لو كانت المسألة أَصلًا من أصول التَّوْحِيد ومعرفة الله الَّتي دلَّ عليها (العهد والميثاق الأول والفطرة والسمع والخبر).

 

والرَّدُّ المُجملُ المُخْتصرُ عليهم:

 

أ/- إجماعُ السَّلَفِ الذي نقله الرَّازِيَّان صَريحٌ في تقييد هذا الشَّرْطِ وعدم إطلاقه وكذلك في قول الإمام أحمد والإمام أحمد بن مَنِيعٍ البَغَوِي؛(٥)

 

وهو البيان والتعليم وإزالة الشُّبْهَة بِالتَّفْرِيق بين العالم وغيره من الجُهَّال الذين لا يفهمون في مَسائِلَ مَخصوصَةٍ وليس على إطلاقها.

 

ب/- آثار السَّلَفِ القولِيَّة والعَملِيَّة صَريحةٌ كالشمس في عدم اشتراط ذلك في كُبَّار الضّلالات وذلك بتنزيلهم التَّضْلِيل على أعيان الأفراد وأعيان الفرق الضَّالَّةِ والمُرْتَدِّين دون اشْتِرَاطٍ للبيان وإزالة الشُّبْهَة في هذه الضّلالات الكبرى.

 

- ولذلك بلغ زيغُ وتَحريفُ الجَهْمِيَّة العَاذِرِيَّة في تنزيل هذا الشَّرْطِ في غير موضعه حين تابعوا (شيخهم ومتبوعهم العاذِرِيّ الجَهْمِيّ) حين لم يُكَفِّرْ العالم المُشْرِكُ الدَّاعِيَةُ للشِّرْك (الْبَكْرِيّ) وهو عَالِمٌ أو مَنسوبٌ للعلم قد بلغته حُجَّة السَّمْع والخبر مع حُجَّة العهد والميثاق الأول والفطرة.

 

  وكذلك لم يُكَفِّرْ شيخهم ومتبوعهم أعيان زنادقة الحُلُولِيَّة وهم عُلماءٌ وقضاةٌ قد بلغتهم حُجَّة القرآن والسُنَّةِ وقبلها ما أودعه الله الفطرة وحُجَّة العهد والميثاق الأوَّل.(٦)

 

”ومن قال بحُلُولِ الله في خلقه أو تَلَبَّسَ بالشرك الأكبر فهو مُشْرِكٌ كَافِرٌ قبل بلوغ الخبر وبعده بل حتَّى اليهود لا يَشُكّونَ في كُفْرِ من قال بأنَّ الله حالٌّ في خلقه تعالى الله عن ذلك“

 

والسَّلَفُ اشترطوا البيان للعَوَّامِ الجُهَّال في مَسائِلَ خَفِيَّةٍ عليهم وهي مسائل مُعَيَّنَة كَاللَّفْظِ والوَقْف، وليس في كُلِّ مَسألَةٍ فتنبه لذلك جَيِّدًا.

 

- فلا يُشْتَرَطُ في تنزيل التَّكْفِيرِ على المُعَيَّن الجاهل البيان وإزالة الشُّبْهَة في كُلِّ مَسألَةٍ فالجاهل المُشْرِكُ كمن يستغيث بالأموات أو من لايعرف أين رَبُّه.

 

فهذا الجاهِلُ يُعَدُّ كافِرًا قبلَ البَيانِ له بل قبل نزول القرآن والرِّسالة يعد كَافِرًا، وأمَّا العقوبات الدُّنْيَوِيَّة كالقتل وغيره فلابُدَّ فيه من سَبْقِ البيان والدَّعْوَة لهم.(٧)

 

-> ومِمَّا يُشْتَرَطُ فيه البيانُ (للجاهل فقط قَصرًا وحصرًا قبل تكفيره) المسائل الخَفِيَّة على العَوَّامِ الجُهَّال كمسألة الوَقْف واللَّفْظِ.

 

-> وكذلك يُبَيِّن للعالم في المسائل الْخَبَرِيَّةِ الَّتي لم يبلغه الدَّلِيل من غير تَفْرِيطٍ منه، ولا يُضَلَّلُ قبل ذلك كعدم بلوغ أَدِلَّة (صفة العجب) لبعض العلماء من السَّلَفِ دون تَفْرِيطٍ منهم.

 

2/- من شروط تنزيل الحُكْم على المُعَيَّنِ اشترَاطُ بلوغ الأدِلَّة.

 

وهذا في أصله شرطٌ صَحيحٌ مُعْتَبَرٌ إذا أُنْزِلَ فيما يَخْتَصُّ به دون أن يَشْمَلَ به المسائل الَّتي يَكْفُرُ بها المُعَيَّن حتَّى قبل نزول القرآن والبِعْثَة والرِّسالة.

 

-> فاشتراطُ بلوغ الأَدِلَّة خاصٌّ بالمسائل الْخَبَرِيَّةِ السَّمْعِيَّة فقط فلا يُضَلَّلُ المُعَيَّن حتَّى لو كان عالِمًا فيما لم يبلغه الدَّلِيل بشرط عدم تفريطه.

 

”وأَمَّا من تَمَكَّن ثمّ فَرَّطَ فلا عُذْرَ له، أو كان في مجتمع ليس لمثله أن يجهل ذلك فلا عُذْرَ له، ولا يُشْتَرَطُ بلوغ الأَدِلَّة الْخَبَرِيَّةِ السَّمْعِيَّة فيما له عَلاقَةٌ بالعهد والميثاق الأوَّل والفطرة من أصول التَّوْحِيد وأصول معرفة الله وفَوْقِيَّته وأنَّه الخالِقُ المُدَبِّرُ وأنَّه المُسْتَحِقُّ للعبادة دون سواه وضلالُ من عبد غيرالله“

 

- ثانيًا: دلالةُ صريح النُّصوص والفطر والعقل واللُّغَة والواقع بأنَّ (وَصْفَ المُوَحِّدِ) يختلف تمامًا وجذريًا عن (وَصْفِ الْمُشْرِكِ).

 

-> فالمسلم هو المُوَحِّد، لأنَّه المُفْرِد لله بالعبادة وحده لا شريك له.

 

* فهل هناك مُوَحِّدٌ مُشْرِكٌ؟!

 

ولا وجود (لمُسلمٍ مُوَحَّد مُشْرِك) إلا في عقول هؤلاء الجَهْمِيَّة المخذولين.

 

- ومَانِعُ تكفير (المشرك المنتسب للإسلام على التَّعْيِينِ) أَصْلٌ طَاغُوتِيٌّ جَهْمِيٌّ لا دليل عليه بل رَأْيٌ مَحْضٌ مِن وَحْيِّ الشَّيْطَانِ ومَرْدُودٌ بصريح النُّصوص وقبلها الفطرة والعهد الأوَّل الَّذي أُخِذَ على النَّاسِ وهم في عالَمِ الذَّرِّ (✹)؛

 

-> قال الله تعالى﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ ۞ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾{الأعراف: 173/172}.

 

- ثالثًا: أَقَرّ الجَهْمِيَّةُ العَاذِرِيَّةُ من المنتسبين للسُنَّةِ والسَّلَفِيَّة وغيرهم بأنَّ صريحَ القرآن والسُنَّةِ يَدُلّ على كُفر أعيان من تَلَبَّسَ بالشِّرْك الأكبر قبل البِعْثَة والرِّسالَة وقبل بلوغ القرآن؛

 

-> كقول الله تعالىٰ في آية "الْبَيِّنَة"﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾{البينة:01}.

 

-> وكقول الله تعالىٰ في آية "التَّوْبَة"﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُون﴾{التوبة: 06}.

 

ولذلك أَقَرّوا بأنَّ من تَلَبَّسَ بالشِّرْك الأكبر في:

 

-> زمن الجاهليَّة.

 

-> وقبل البِعْثَة والرِّسالَة.

 

-> وقبل نزول القرآن.

 

-> ومع غاية جَهْلِهِم وأُمِّيَّتِهِم.

 

- يُعَدُّ المُعَيَّن فيهم كافِرًا مُشْرِكًا.

 

وهذا حقٌّ.

 

- ولكن هؤلاء الجَهْمِيَّة العَاذِرِيَّة نَكَسُوا على رؤوسهم وتناقضوا فزعموا بأنَّ من عبد غير الله مع الله وتَلَبَّسَ بالشِّرْك الأكبر:

 

-> بعد نزول القرآن والتَّمَكُّن منه.(۸)

 

-> وبعد بِعْثَة النَّبِيّ صَلَّى الله عليه وسَلَّم.(۹)

 

- يُعَدُّ مسلمًا مُوَحِّدًا (والمسلم هو المُوَحِّد)!

 

* لماذا يُعَدُّ هذا المُشْرِك مسلمًا؟

 

- قالوا لأنَّ لديه مَانِعًا وهو الاِنْتِساب للإسلام، ولأنَّه جَاهِلٌ!

 

وتَأَمَّل الخذلان واِنْتِكاس العقول والفِطَرِ كيف يجعلون المُشْرِك بعد نزول القرآن والتَّمَكُّن منه وبعد البِعْثَة والرِّسالَة مسلمًا مُوَحِّدًا وأمَّا المُشْرِك قبل البِعْثَة والرِّسالَة وقبل القرآن كافِرًا مُشْرِكًا؟!

 

”ولو كان لِمُعَيَّنٍ عُذْرٌ في عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الوَصْف بالكُفْرِ والشِّرْكِ لكان للمُشْرِك قبلَ البعْثَةِ والرِّسالَة وقبل بُلُوغ القُرآن والتَّمَكُّنِ مِنْهُ وليسَ العَكْس“

 

رابعًا: تَفصيلُ الرَّدِّ عليهِمْ ببعض النُّصُوصِ والأدِلَّةِ بشأن مَانِعهم الجَهْمِيِّ الطَاغُوتيِّ وهو (مَانِعُ الانتساب للإسلام):

 

1/- قال الله تعالىٰ في "سورة الزُّمَرِ‎"﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾{الزمر: 65}.

 

فهذا حُكْمٌ وخِطابٌ صَريحٌ من الله للأنبياء -على نَبِيِّنَا وعَلَيْهِم الصَّلَاةُ والسَّلَامُ- وهم أَئِمَّة المسلمين المُوَحِّدينَ إن تَلْبَّسُوا بِالشِّرْك الأكبر وفعلوه (وحاشاهم من ذلك) فحُكْمهم لو فعلو ذلك: الكفر والخسران ولم يمنع الاِنْتِساب للإسلام من حُكْم الكفر لمن تَلَبَّسَ بالكفر الأكبر.

 

- ️والآية عَلَّقَت الحُكْمَ بِمُجَرَّد فعل الشِّرْك فقط ولم تجعل شرط الحُكْم بِالشِّرْك والكفر هو إعلان المُعَيَّن الاِنْتِساب لِمِلَّةٍ أخرى بل يكفي مُجرَّد التَّلَبُّس بفعلٍ كُفْرِيٍّ واحدٍ من كُبَّارِ الكُفريَّات البَيِّنَة كفعل الشِّرْك.

 

* فهل نَتَّبِعُ صريح قول الله تعالىٰ أم قول الجَهْمِيَّة العَاذِرِيَّة لأعيان المُشْرِكين المنتسبين بموانعهم ومعاذيرهم الجَهْمِيَّة؟

 

2/- قال الله تعالىٰ في "سورة القَمَرِ"﴿أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُولَٰئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ﴾{القمر: 43}.

 

أ/- كانت قُرَيْشٌ على الإسلام ومِلَّةِ "إبراهيمَ" قُبَيل إدخال "عَمْرو بن لُحَيّ" الكُفرَ والشِّركَ لهم فعبدوا الصَّالِحِين وما يمثلهم من أصنامٍ؛ وكان هؤلاء المشركين على مِلَّة "إبراهيم" قُبَيل شِرْكِهِم وكانوا ينتسبون للإسلام بانتِسابهِم لمِلَّةِ إبراهيمَ عليه السَّلام، فعبدوا الصَّالِحِين وما صنعوه لهم من أصنامٍ.

 

ووَقَع شِرْكُ هؤلاء المُشْرِكِين بِشُبْهَةٍ وتَأوِيلٍ وجَهلٍ وتَقْلِيدٍ ولم يَكُنْ لَدَيْهِم كُتُبٌ ورُسُلٌ في جيلِهِم.

 

* فهل يَعْذُرْهُم الجَهْمِيَّة العَاذِرِيَّة (لتحقق معاذيرهم وموانعهم من تَكْفِيرِ المُعَيَّنِينَ)، ويُكَذِّبُون ويَرُدُّونَ صريحَ النُّصوصِ الَّتي جاءت بتكفيرهم؟!

 

وإن كَفَّرُوهُم نَقَضُوا أصْلَهُمْ الكُفرِيّ العَاذِرِيّ فلا فَرْقَ بينَ انتِسابِ هؤلاء وأُولَئِك للإسلامِ ومِلَّةِ إبراهيمَ.

 

ب/- اليهود يَنْتَسِبُون لدين "موسى" والنَّصارى يَنْتَسِبُون لدين "عيسى" -على نبيِّنا وعلَيهما الصَّلاةُ والسَّلامُ- ودينهما الإسلام، ومع ذلك يَكْفُرونَ بِأَعْيَانِهِم لتَلَبُّسِهِم بِأَيّ كُفْرٍ من الكُفريَّاتِ الْكُبْرَى.(۱۰)

 

ج/- مَن أشْرَكَ في الأُلُوهِيَّةِ وعَبَدَ غيرالله مع اللَّهِ أَشَدُّ كُفْرًا مِمَّن أشْرَكَ في النُّبُوَّةِ، وتَكْفيرُه بِعَيْنِه أَشَدُّ اسْتِحْقَاقًا مِن تَكْفِيرِ أعْيان مَن أشْرَكَ في النُّبُوَّةِ؛ و"مُسَيْلِمَة الْكَذَّابُ" وبعض اتْبَاعِه ولاسِيَّمَا في بدايةِ أمرهم يَنْتَسِبُون للإِسلام بنُطْقِهم الشَّهَادَتَيْنِ والصَّلَاةِ مع إضَافَةِ دَعْوَى الإشْرَاكِ في النُّبُوَّةِ كما زَعَمُوا، وقد أسْقَطَ عَنهُم "الكَذَّابُ" بعض الصَّلَوَاتِ لاحِقًا.

 

وقَد كَفَّرَ الصَّحابةُ -رضي الله عنهم- جَمِيعَ أعْيانِهِم دُون اسْتِثْنَاءٍ لأحَدٍ مِنْهُم ولم يَعْتَدُّوا بنُطقِهِم لِلشَّهَادَتَيْن واِنْتِسابِهِم للإسلام.

 

* هل نُخالِفُ إجماعَ الصَّحابةِ ونجعلُ انتِسابَ هؤلاء للإسلام مانِعًا مِن تَكْفِيرهم؟

 

”فإن كان نُطقَهم بالشَّهَادَتَيْنِ وانتِسابَهم للإسلام ليس مانِعًا من تَكْفِيرهم بِأَعْيَانِهِم (لشركهم في النُّبُوَّةِ) فمن باب أَوْلَى تَكْفِير أعيان (مَن أشْرَكَ في الأُلُوهِيَّةِ)“

 

د/- والتَّتَارُ يَنْتَسِبُون للإسلام كما ذُكِرَ ذلك عنهم كما في البداية والنِّهاية وغيرها من الكُتُب المعاصرة لهم.

 

* فهل يُعْذَرُ مَنْ عَذَرَ هؤلاء بحُجَّة الاِنْتِساب؟!

 

هـ/- وإن كان كُلّ انْتِسَابٍ للإسلام يُعَدُّ عُذْرًا لِلْمُشْرِك، "ففرعون" يُعَدّ بهذا الاعْتِبارِ عِندَكُم مُنْتَسِبًا للإسلام قُبَيل خروج الرُّوح عند معاينة العذاب، فقال﴿آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾{يونس: 90}.(۱۱)

 

و/- الشَّيطان كان مُنْتَسِبًا للإسلام وكان مَلَكًا من الملائكة قُبَيل اِسْتِنْكَافِهِ() عَن السُّجُود لآدم وتَلَبُّسِهِ بكفر الرَّدّ.

 

وعِبَادَةُ غيرِ اللَّهِ أَشْنَعُ مِنْ كُفرِ عَدَمِ السُّجُودِ لِآدَمَ ورَدِّ أَمْرِ اللَّهِ في ذلكَ؛ والشَّيْطَان مع إسلامِهِ السَّابقِ كان مُقِرًّا برُبُوبِيَّةِ اللَّهِ واليومِ الآخِرِ، فقالَ كما قَصَّ اللَّهُ لنا قَولهُ ﴿رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْم يُبْعَثُونَ﴾، وقَالَ ﴿رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي﴾.

 

* فلِمَ لم يُعْذَرْ إبْلِيسُ معَ تَحَقُّقِ مانِعهم فِيه؟!

 

3/- تَوَاتَرَت رِسالاتُ الرُّسُلِ وصَريح أدِلَّة الكتابِ والسُّنَّةِ على تَكْفِيرِ مَن أشْرَكَ مع اللَّهِ بشِّركٍ أَكْبَرٍ.(۱۲)

 

وقد ذُكِرَ في النُّصوصِ أنَّ لهُم شُبْهَةً وتَأوِيلًا وتَقْلِيدًا وأنَّهُم جُهَّالٌ كالأنْعامِ وذُكِرَ انْتِسابهم لمِلَّةِ "إبْرَاهِيمَ" والإسلام؛ ومعَ ذلكَ كُلِّهِ لَم تَكُنْ تِلكَ المَعاذِيرُ الجَهْمِيَّة مَانِعَةٌ مِنْ تَكْفِيرِهم.

 

ويُسْأَلُ هؤلاء الْجَهْمِيَّة العَاذِرِيَّة لأعْيَان المُشْرِكِين:

 

* ما حُكْمُ مَنْ أَقَرَّ بما تَقَدَّمَ ثُمَّ قال:َ ''المُشْرِكُ الَّذِي -عَبد غَيرَاللَّه- وتَلَبَّسَ بِالشِّرْك الْأَكْبَرِ "مُسْلِمٌ مُوَحِّد"، لِأَنَّه تَأَوَّلَ أَوْ لَدَيْه شُبْهَةٌ أوجَهلٌ أَوْ قَلَّدَ''؟!

 

والعَاذِرُ لِلمُشْرِكِين كَافِرٌ قبلَ الخَبَرِ وبَعدَه.

 

”ومَنْ قالَ بأنَّ هؤُلاء المُنْتَسِبِين المُتَلَبِّسِينَ بالشِّرْك الأكْبَرِ مِن "المُسْلِمِينَ المُوَحِّدِين"، فلا شكَّ في كُفْرِ مَنْ لَم يُكَفِّرهُم، وإِن كَفَّرُوهُم هَدَمُوا مَانِعَهم الكُفرِيّ الطَّاغُوتِيّ“(۱۳)

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(✹)← قَالَ الْخَلِيلُ الفَراهِيديُّ في "العين" (361/4): غَبَشَ: الغَبَشُ: شِدَّةُ الظُّلْمَةِ. والتَّغَبُّشُ: الظُّلْمُ.

 

۱- أخرجَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" (2747)

 

۲- أخرجَ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" (8) وَاللَّفْظُ لَهُ، وأَبُو دَاوُدَ في "سُنَنِه" (4695)؛ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ، فَقُلْنَا: لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ، فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ.

 فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ، وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ، وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ.

 قَالَ: «فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ».

 

-> قَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِم: سَأَلْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي أُصُولِ الدِّينِ، وَمَا أَدْرَكَا عَلَيْهِ الْعُلَمَاءَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ، وَمَا يَعْتَقِدَانِ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَا: " أَدْرَكْنَا الْعُلَمَاءَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ حِجَازًا وَعِرَاقًا وَشَامًا وَيَمَنًا فَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِم: «...الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بِجَمِيعِ جِهَاتِه،...وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ كُفْرًا يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ. وَمَنْ شَكَّ فِي كُفْرِهِ مِمَّنْ يَفْهَمُ فَهُوَ كَافِرٌ...وَمَنْ وَقَفَ فِي الْقُرْآنِ جَاهِلًا عُلِّمَ وَبُدِّعَ وَلَمْ يُكَفَّرْ».اهـ (شرح أصول الاعتقاد 321).

 

أَبو ثَوْرٍ📥 راجع هذه الفتوى: [ رُجوعُ أَبِي ثَوْرٍ في حديثِ الصُّورَة ]

 

 ابْنُ عُلَيَّةَ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِقْسَمٍ، مَوْلَاهُمُ الْبَدْرِيُّ الْكُوفِيُّ الْأَصْلِ، الْمَشْهُورُ بِابْنِ عُلَيَّةَ، وَهِيَ أُمُّهُ.

 

-> قَالَ الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ وُهَيْبٍ وَابْنِ عُلَيَّةَ: أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ إِذَا اخْتَلَفَا؟

فَقَالَ: وُهَيْبٌ، وَمَا زَالَ إِسْمَاعِيْلُ وَضِيعاً مِنَ الكَلاَمِ الَّذِي تَكَلَّمَ فِيْهِ، إِلَى أَنْ مَاتَ.

قُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ رَجَعَ وَتَابَ عَلَى رُؤُوْسِ النَّاسِ؟

قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ مَا زَالَ لأَهْلِ الحَدِيْثِ - بَعْدَ كَلاَمِهِ ذَلِكَ - مُبْغِضاً، وَكَانَ لاَ يُنْصِفُ فِي الحَدِيْثِ، كَانَ يُحَدِّثُ بِالشَفَاعَاتِ.

- قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: بَلَغَنِي أَنَّهُ أُدْخِلَ عَلَى الأَمِيْنِ، فَلَمَّا رَآهُ، زَحَفَ، وَجَعَلَ يَقُوْلُ: يَا ابْنَ الفَاعِلَةِ! تَتَكَلَّمُ فِي القُرْآنِ.وَجَعَلَ إِسْمَاعِيْل يَقُوْلُ: جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ، زَلَّةٌ مِنْ عَالِمٍ.

ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: إِنْ يَغْفِرِ اللهُ لَهُ -يَعْنِي: الأَمِيْنَ- فَبِهَا.

ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: وَإِسْمَاعِيْلُ ثَبْتٌ. [ذاك الجهمي في سيره].

 

 يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ابْنُ الصَّلْتِ بْنِ عُصْفُورٍ، السَّدُوسِيُّ الْبَصْرِيُّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ.

 

-> قَالَ اِبْنُ بَطَّة فِي "الْإِبَانَةِ الْكُبْرَى" (368): قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ: فَسَمِعْتُ عَبْدَ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقَ، "ذَكَرَ يَعْقُوبَ بْنَ شَيْبَةَ وَابْنَ الثَّلَّاجِ، فَقَالَ: «جَهْمِيَّةٌ زَنَادِقَةٌ».

 

۳- أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ (4547) وَاللَّفْظُ لَهُ، ومُسْلِمٌ (2665) فِي "صَحِيحهِما"؛ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}. إِلَى قَوْلِهِ: {أُولُو الْأَلْبَابِ}. قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ، فَاحْذَرُوهُمْ".

 

-> أَخَرَجَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِهِ" (3181)؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ}؛ يَعْنِي أَهْلَ الشَّكِّ.

 

- وأَخَرَج َ(3185)؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْه}ُ قَالَ: فَيَحْمِلُونَ الْمُحْكَمَ عَلَى الْمُتَشَابِهِ. وَالْمُتَشَابِهَ عَلَى الْمُحْكَمِ وَيَلْبِسُونَ، فَلَبَّسَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.

 

- وأَخَرَج (3191)؛ عَنِ السُّدِّيِّ قَوْلُهُ: {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِوَهُوَ الشِّرْكُ. وَرُوِيَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ نَحْوُ ذَلِكَ.

 

()← أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِه" (1065)؛ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُمَا أَتَيَا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، فَسَأَلَاهُ، عَنِ الْحَرُورِيَّةِ: هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُهَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي مَنِ الْحَرُورِيَّةُ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ -وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا- قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ، فَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حُلُوقَهُمْ، أَوْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى سَهْمِهِ، إِلَى نَصْلِهِ، إِلَى رِصَافِهِ، فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ، هَلْ عَلِقَ بِهَا مِنَ الدَّمِ شَيْءٌ؟».

 

٤- أخرجَ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِه" (17142)، وابْنُ مَاجَهْ فِي "سُننِه" (43) وَاللَّفْظُ لَهُ؛ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- يَقُولُ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟

قَالَ: "قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا(*)، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ".


(*)← أَخَرَجَ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" (1838)؛ عَنْ يَحْيَى بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَدَّتِي تُحَدِّثُ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ يَقُولُ: «وَلَوِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَاسْمَعُوا لَهُ، وَأَطِيعُوا».


٥- قَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِم: سَأَلْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي أُصُولِ الدِّينِ، وَمَا أَدْرَكَا عَلَيْهِ الْعُلَمَاءَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ، وَمَا يَعْتَقِدَانِ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَا: " أَدْرَكْنَا الْعُلَمَاءَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ حِجَازًا وَعِرَاقًا وَشَامًا وَيَمَنًا فَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِم: «...الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بِجَمِيعِ جِهَاتِه،...وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ كُفْرًا يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ. وَمَنْ شَكَّ فِي كُفْرِهِ مِمَّنْ يَفْهَمُ فَهُوَ كَافِرٌ...وَمَنْ وَقَفَ فِي الْقُرْآنِ جَاهِلًا عُلِّمَ وَبُدِّعَ وَلَمْ يُكَفَّرْ».اهـ (شرح أصول الاعتقاد 321).

 

-> قال عَبْدُ اللَّهِ فِي "السَّنَةِ": قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الْوَاقِفَةِ.

 

-> (223)، سَمِعْتُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ وَسُئِلَ عَنِ الْوَاقِفَةِ فَقَالَ أَبِي: «مَنْ كَانَ يُخَاصِمُ وَيُعْرَفُ بِالْكَلَامِ فَهُوَ جَهْمِيٌّ وَمَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْكَلَامِ يُجَانَبْ حَتَّى يَرْجِعَ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ يَسْأَلْ».

 

-> (224)، سُئِلَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ -وَأَنَا أَسْمَعُ- عَنِ اللَّفْظِيَّةِ، وَالْوَاقِفَةِ، فَقَالَ: «مَنْ كَانَ مِنْهُمْ جَاهِلًا لَيْسَ بِعَالِمٍ فَلْيَسْأَلْ وَلْيَتَعَلَّمْ».

 

-> (225)، سَمِعْتُ أَبِيَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَرَّةً أُخْرَى وَسُئِلَ عَنِ اللَّفْظِيَّةِ، وَالْوَاقِفَةِ فَقَالَ: «مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يُحْسِنُ الْكَلَامَ فَهُوَ جَهْمِيٌّ، وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى هُمْ شَرٌّ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ».

 

- قَالَ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي "الْحُجَّةِ فِي بَيَانِ الْمَحَجَّة" (1/424): وَقَالَ أَحْمَد بْن منيع: "من زعم أَنه مَخْلُوق فَهُوَ جهمي، وَمن وقف فِيهِ فَإِن كَانَ مِمَّن لَا يعقل مثل البقالين وَالنِّسَاء وَالصبيان سكت عَنهُ وَعلم، وَإِن كَانَ مِمَّن يفهم فَأَجره فِي وَادي الْجَهْمِية، وَمن قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق فَهُوَ جهمي".

 

٦- 📥 راجع هذه المقالة: [التّنبيهاتُ السُّنيّة على بعض ضلالات شيوخِ نجد ومتبوعهم ابن تيمية]

 

٧- قَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِه" (7176): حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرَّبِيعِ، ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾؛ «فَحَقٌّ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدْعُوَ كَالَّذِي دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ يُنْذِرَ كَالَّذِي أَنْذَرَ فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَاتِلُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَدَعُوهُ إلَى الْإِسْلَامِ، فإذا أَبَوْا ذَلِك نَبَذَ إلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ».


(✹)← أَخَرَجَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ (8532)؛ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِم﴾؛ قَالَ: اسْتَخْرَجَهُمْ مِنْ صُلْبِهِ كَمَا يُسْتَخْرَجُ المُشْطَ مِنَ الرَّامِي.


-> قَالَ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ (601/03): أخرج ابْن جرير وَابْن مَنْدَه فِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية؛ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ} قَال:َ أَخذ من ظَهره كَمَا يُؤْخَذ بالمشط من الرَّأْس؛ فَقَالَ لَهُم {أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} قَالَت الْمَلَائِكَة {شَهِدنَا أَن تَقولُوا يَوْم الْقِيَامَة انَّا كُنَّا عَن هَذَا غافلين}.


- وأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر؛ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: مسح الله على صلب آدم فَأخْرج من صلبه مَا يكون من ذُريَّته إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخذ ميثاقهم أَنه رَبهم وَأَعْطوهُ ذَلِك فَلَا يسْأَل (أحد كَافِر وَلَا غَيره) من رَبك إِلَّا قَالَ: الله.


← أَخَرَجَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ (8537)؛ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ رُفَيْعٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَتِهِمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ. أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾؛


 - قَالَ: جَمَعَهُ لَهُ يَوْمَئِذٍ جَمِيعًا مَا هُوَ كَائِنٌ مِنْهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَجَعَلَهُمْ أَزْوَاجًا ثُمَّ صَوَّرَهُمْ، ثُمَّ اسْتَنْطَقَهُمْ وَتَكَلَّمُوا، وَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ ﴿وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ. أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾؛

 

- قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالأَرَضِينَ السَّبْعَ، وَأُشْهِدُ عَلَيْكُمْ أَبَاكُمْ آدَمَ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمْ نَعْلَمْ بِهَذَا، اعْلَمُوا أَنْ لَا إِلَهَ غَيْرِي وَلا رَبَّ غَيْرِي، وَلا تُشْرِكُوا بِي شَيْئًا، وأَنِّي سَأُرْسِلُ لَكُمْ رُسُلاً يُنْذِرُونَكُمْ عَهْدِي وَمِيثَاقِي، وَأُنْزِلُ عَلَيْكُمْ كُتُبِي قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ رَبُّنَا وَإِلَهُنَا لَا رَبَّ لَنَا غَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ لَنَا غَيْرُكَ فَأَقَرُّوا لَهُ يَوْمَئِذٍ بِالطَّاعَةِ، وَرَفَعَ أَبَاهُمْ آدَمَ إِلَيْهِمْ فَرَأَى فِيهِمُ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ وَحَسَنَ الصُّورَةِ وَدُونَ ذَلِكَ فَقَالَ: يَا رَبِّ لَوْ سَوَّيْتَ بَيْنَ عِبَادِكَ،


 - قَالَ: إِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أُشْكَرَ، وَأَرَى فِيهِمُ الأَنْبِيَاءَ مِثْلَ السُّرُجِ عَلَيْهِ النُّورُ وَخُصُّوا بِمِيثَاقٍ آخَرٍ مِنَ الرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّة؛ِ فَهُوَ الَّذِي يَقُولُ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمَنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فطرت اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ وَفِي ذَلِكَ قَالَ: ﴿هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولَى﴾ وَفِي ذَلِكَ قَالَ: ﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنَّ وَجَدْنَا أكثرهم لفاسقين﴾.


-> قَالَ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ (604/03): وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم؛ عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يُقَال للرجل من أهل النَّار يَوْم الْقِيَامَة: أَرَأَيْت لَو كَانَ لَك مَا على الأَرْض من شَيْء أَكنت مفتدياً بِهِ فَيَقُول: نعم. فَيَقُول: قد أردْت مِنْك أَهْون من ذَلِك قد أخذت عَلَيْك فِي ظهر أَبِيك آدم أَن لَا تشرك بِي فأبيت إِلَّا أَن تشرك بِي.


- وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ؛ عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: أقرُّوا لَهُ بالإِيمان والمعرفة، الْأَرْوَاح قبل أَن يخلق أجسادها.

 

۸- قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰٰ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ۞ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ۚ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَىٰ ۚ قُل لَّا أَشْهَدُ ۚ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ﴾{الأنعام: 19/18}. 

 

• قَوْلُهُ تَعَالَىٰٰ﴿وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ

 

-> قَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِه" (7158): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أنا أَبُو غَسَّانَ، ثنا سَلَمَةُ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: قَوْلُهُ:﴿الْحَكِيمُ﴾ قَالَ: الْحَكِيمُ فِي عُذْرِهِ، وَحُجَّتِهِ إِلَى عِبَادِهِ.

 

-> أَخَرَجَ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" (223)؛ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «..وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ..». 

 

• قَوْلُهُ تَعَالَىٰٰ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ

 

- وأَخَرَجَ (7163)؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ: ﴿وَمَنْ بَلَغَ﴾، يَعْنِي: «مَنْ بَلَغَهُ هَذَا الْقُرْآنُ، فَهُوَ لَهُ نَذِيرٌ مِنَ النَّاسِ».

 

- وأَخَرَج (َ7165)؛ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَوْلَهُ: ﴿وَمَنْ بَلَغَ﴾، قَالَ: «مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ فَكَأَنَّمَا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم»، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَمَن بَلَغَ ۚ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ﴾.

 

- وَفِي حَدِيثِ أَبِي خَالِدٍ زِيَادَةٌ: «فَكَأَنَّمَا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلَّمَهُ».

 

-> قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِه" (ِ13121): حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِِ، عَنْ حَسَنٍ بن صَالِحٍ قَالَ: سَأَلْتُ ليثًا: هَلْ بَقِيَ أحدٌ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ؟ قال: كَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ: «حَيْثُمَا يَأْتِي القرآنُ، فهو داعٍ، وَهُو نَذِيرٌ. ثُمَّ قَرَأَ: ﴿لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ۚ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ﴾».

 

- وأَخَرَج (7166)؛ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَلِّغُوا عَنِ اللَّهِ، فَمَنْ بَلَغَتْهُ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَدْ بَلَغَهُ أَمْرُهُ تَعَالَى».

 

۹- قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰٰ﴿رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾{النساء: 165}.

 

• قَوْلُهُ تَعَالَىٰٰ﴿رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ

 

-> قَالَ فِي "الدُّرِّ الْمَنْثُورِ" (750/02): أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم والتِّرْمِذِيّ؛ عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: «َلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ، وَلذَلِك بَعَثَ الرُّسُل مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْح مِنَ اللَّهِ وَلذَلِك وَعَدَ الْجنَّة».

 

• قَوْلُهُ تَعَالَىٰٰ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ

 

-> أَخَرَج اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِه" (6294)؛ عَنِ السُّدِّيِّ قَوْلَهُ: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ﴾؛ فَيَقُولُونَ مَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا.

 

-> قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِه" (408/09): يَقُولُ -اللَّهُ تَعَالَىٰٰ-: «أَرْسَلْتُ رُسُلِي إلَى عِبَادِي مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، لِئَلَّا يحتجّ مَنْ كَفَرَ بِي وَعَبَدَ الأَنْدَادَ مِنَ دُونِي، أَوْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِي بِأَنْ يَقُولَ إنْ أَرَدْتُ عِقَابَهُ: (لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى) [سورة طه: 134]. فَقَطَعَ حُجَّةَ كلّ مُبْطِلٍ ألحدَ فِي تَوْحِيدِهِ وَخَالَف أَمَرَهُ، بِجَمِيع مَعَانِي الْحُجَج الْقَاطِعَة عُذرَهُ، إعذارًا مِنْهُ بِذَلِكَ إلَيْهِم، لِتَكُون لِلَّه الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ».

 

✺ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰٰ﴿قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ﴾{الأنعام: 104}.

 

• قَوْلُهُ تَعَالَىٰٰ﴿قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ ۖ

 

-> أَخَرَج اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِه" (7746)، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ ۖ ﴾؛ أيّ: بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِه.

 

-> قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِه(24/12): «وَهَذَا أمرٌ مِنْ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ نبيَّه محمدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ لهَؤُلَاء الَّذِين نبَّهَهُم بِهَذِهِ الآيَاتِ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ ۖإلى قوله:﴿وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرعَلَى حُجَجِه عَلَيْهِم، وَعَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ مَعَهُم، الْعَادِلِين بِه الْأَوْثَان والأندادَ، وَالْمُكَذّبِين بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَهُمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؛ قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ:﴿قَدْ جَاءَكُم﴾، أَيُّهَا الْعَادِلُون بِاَللَّه، والمُكَذِّبُون رَسُولِه ﴿بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ ۖ ﴾، أيّ: مَا تُبْصِرُون بِه الْهُدَى مِنْ الضَّلَالِ، وَالْأيمَانَ مِنْ الْكُفْرِ».

 

- وقَالَ: بَصَائِرُ؛ وَهِيَ جَمْعُ ''بَصِيرَةٍ''، وَيَعْنِي بِالْبَصِيرَة: الْحُجَّةُ الْبَيِّنَةُ الظَّاهِرَةُ.

 

-> أَخَرَجَ اِبْنُ بَطَّة فِي "الإبَانَةِ الْكُبْرَى" (162)؛ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ بَعْدَ السُّنَّةِ فِي ضَلَالَةٍ رَكِبَهَا حَسِبَهَا هُدًى، وَلَا فِي هُدًى تَرَكَهُ حَسِبَهُ ضَلَالَةً، فَقَدْ بُيِّنَتِ الْأُمُورُ، وَثَبَتَتِ الْحُجَّةُ، وَانْقَطَعَ الْعُذْرُ».

 

۱۰- أَخَرَجَ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِه" (9270)؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ،..".

 

-> أَخَرَجَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِهِ" (3314)؛ عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ:﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلام﴾ قَالَ: لَمْ أَبْعَثْ رَسُولا إِلا بِالإِسْلامِ.

 

۱۱- وأَخَرَجَ (10561)؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-َقَالَ لَمَّا أَغْرَقَ اللَّهُ آلَ فِرْعَوْنَ قَالَ: ''آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ به بنوا إِسْرَائِيلَ''، قَالَ جِبْرِيل:ُ "يَا مُحَمَّدُ لَوْ رَأَيْتُنِي وَأَنَا آخِذٌ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ فَأَدُسُّهُ فِي فِي فِرْعَوْنَ مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ".

 

- وأَخَرَجَ (10565)؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: وَنَادَى فِرْعَوْنُ حِينَ رَأَى مِنْ سُلْطَانِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مَا رَأَى عَرَفَ ذَلَّهُ وَخَذَلَتْهُ نَفْسُهُ نَادَى "آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا الذي آمنت به بنوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ".

 

() قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰٰ﴿لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ۚ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا﴾{النساء: 172}.

 

-> أَخَرَج اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِهِ" (6317)؛ عن ابن عباس قوله: ﴿لَّن يَسْتَنكِفَ﴾؛ قال: لَن يَسْتَكْبِرَ.

 

- قَالَ الْخَلِيلُ الفَراهِيديُّ في "العين" (383/5): والنَّكَفُ: الاِسْتِنْكَافُ. والاِسْتِنْكَافُ عِنْدَ الْعَامَّةِ: الأنفُ. وَإِنَّمَا هُوَ الِامْتِنَاعُ، وَالِانْقِبَاضُ عَنِ الشَّيْءِ حَمِيَّةً وَعِزَّةً.

 

۱۲- قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰٰ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۖ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ {الممتحنة: 04}.

 

• قَوْلُهُ تَعَالَىٰٰ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ

 

-> قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِه" (317/23): كَمَا حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ في قول الله عزّ وجلّ: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ قَالَ: الَّذِينَ مَعَهُ الْأَنْبِيَاءُ.

 

• قَوْلُهُ تَعَالَىٰٰ﴿إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ

 

-> أَخَرَج الطَّبَرِيُّ (318/23)؛ عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ﴾ قال: نُهُوا أَن يتأسَّوْا بِاسْتِغْفَار إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ، فَيَسْتَغفِرُوا لِلْمُشْرِكِين؛ وَفِي كلّ أَمَرَهِ أُسْوَةٌ، إلَّا الِاسْتِغْفَار لِأَبِيه.


۱۳- 📥 راجع هذه المقالة : [ مناطات كفر العاذر في كبار الكفريات "كالشرك الأكبر" وعدم "إثبات العلو" والقول "بخلق القرآن" ونحوها من الكفريات الكبرى ].

 


 وصلّى الله وسلّم وبارك على محمّد وآله وصحبه أجمعين 


 


 

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *