وَقْفَةٌ مَعَ كَلَاَمِ الْإمَامِ الدَّارِمِيِّ رَحِمَهُ اللهُ بِشَأْنِ "حَديثِ الْجَارِيَةِ".




 وَقْفَةٌ مَعَ كَلَاَمِ الْإمَامِ الدَّارِمِيِّ رَحِمَهُ اللهُ
بِشَأْنِ "حَديثِ الْجَارِيَةِ".

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
• قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟ قَالَ: "ائْتِنِي بِهَا"، فَأَتَيْتُهُ بِهَا. فَقَالَ لَهَا: "أَيْنَ اللَّهُ؟" قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ. قَالَ: "مَنْ أَنَا؟" قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: "أَعْتِقْهَا، فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ"عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟ قَالَ: "ائْتِنِي بِهَا"، فَأَتَيْتُهُ بِهَا. فَقَالَ لَهَا: "أَيْنَ اللَّهُ؟" قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ. قَالَ: "مَنْ أَنَا؟" قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: "أَعْتِقْهَا، فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ".
▪ قَالَ: «أَعْتِقْهَا» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَفِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا فَأُعْتِقَ لَمْ يَجُزْ فِي رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، إِذْ لَا يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ. أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ أَمَارَةَ إِيمَانِهَا مَعْرِفَتَهَا أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ؟
- وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ اللَّهُ؟» تَكْذِيبٌ لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: هُوَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، لَا يُوصَفُ بِ «أَيْنَ»، لِأَنَّ شَيْئًا لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ يَسْتَحِيلُ أَنْ يُقَالَ: «أَيْنَ هُوَ؟»، وَلَا يُقَالُ: «أَيْنَ» إِلَّا لِمَنْ هُوَ فِي مَكَانٍ يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ.
- وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا يَدَّعِي هَؤُلَاءِ الزَّائِغَةُ لَأَنْكَرَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهَا وَعِلْمَهَا، وَلَكِنَّهَا عَلِمَتْ بِهِ، فَصَدَّقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَهِدَ لَهَا بِالْإِيمَانِ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ كَمَا هُوَ فِي السَّمَاءِ لَمْ يَتِمَّ إِيمَانُهَا حَتَّى تَعْرِفَهُ فِي الْأَرْضِ، كَمَا عَرَفَتْهُ فِي السَّمَاءِ.
- فَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوْقَ عَرْشِهِ، فَوْقَ سَمَوَاتِهِ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِذَلِكَ لَمْ يَعْرِفْ إِلَهَهُ الَّذِي يَعْبُدُ،...».اهـ (1)
• تأمل فالنبي ﷺ جعل معرفة العبد أين إلاهه الذي يعبده شرطا للحكم بإسلام جارية -جاهلة لحداثة عهدها بالإسلام- ثم يأتي الجهمية من المنتسبين للعلم فيحكمون بإسلام وإعذار من لايعرف أين ربه وهو عالم متبحر بلغته تفاصيل الأدلة في الكتاب والسنة الصريحة بعلو الله -علو الارتفاع والفوقية- وقد أحصيت الأدلة بصفة عامة فبلغت ألف دليل -كما ذكر ابن القيم-، وهذا غير آثار السلف من التابعين وتابعيهم والجيل الرابع -جيل أحمد وابن راهويه- ومن بعدهم، وبعد كل ذلك يعذرون من رد هذه النصوص والآثار وكذبها ويجعلونه إماما مبجلا ويصفونه بالحفظ والعلم والإمامة ويطعنون فيمن غمزه مجرد غمز -قاتلهم الله ما أرق التوحيد والدين في قلوبهم- وما أبعدهم عن حقيقة التوحيد الذي كان عليه النبي وصحابتهﷺ ورضي الله عنهم.
مع ان معرفة فوقية الله وارتفاعه قد أقام الله فيها الحجة أيضا بما أودعه الله في الفطر والعقول من معرفة ذلك.
‏═══════════
(1) الرد على الجهمية ص 46-47 | باب استواء الرب تبارك وتعالى على العرش وارتفاعه إلى السماء، وبينونته من الخلق وهو أيضا مما أنكروه وقد قال الله تبارك وتعالى: إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش. وقال: تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى الرحمن على العرش استوى.


 وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين. 

 

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *