تَنبيهُ الأَنامِ إلَى كُفرِ "القَائمين" للأعلام.

 
 
 
 
 


 
 
 بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 
- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
 
▪ فهذه الشبهة نقلت عن الطريفي الجهمي -هداه الله وشرح صدره للحق- حين حكم بأن القيام للعلم من الشرك الأصغر لا الأكبر وبنى ذلك على الرأي المحض وعلى الاستدلال بأدلة في غير موضعها، وذلك كالتالي:
 
أ)- تفريقه بين العبادة المستقلة التي شرع التعبد بها لله استقلالا (كالسجود لله في سجود الشكر والتلاوة) وزعم بأنها تختلف حكما عن العبادة غير المستقلة التي يتعبد لله بها ضمن عبادة أخرى ولم يشرع التعبد بها استقلالا كالقيام! وزعم اختلاف "القيام" عن السجود والركوع في الحكم بالتكفير لعدم وجود عبادة القيام استقلالا بخلاف "السجود" فقد ثبت التعبد به استقلالا كسجود الشكر والتلاوة.
 
- وقال بأن "الركوع" مع كونه لم يرد التعبد به استقلالا إلا أنه يكفر به لأنه يعد سجودا شرعا ولغة والسجود أيضا يسمى ركوعا ولذلك فحكمهما واحد، وبنى على ذلك أن القيام للعلم من "الشرك الأصغر" وليس من العبادات التي تخرج صاحبها من الإسلام لأن القيام لم يشرع لنا التعبد به استقلالا!
 
وهذا كله رأي محض وينقض بأن مناط وسبب وصف وحكم "الشرك الأكبر" معلق بصرف عبادة لغير الله بالقول والعمل، وأما الشرك في النية في عمل يتعبد فيه لله ظاهرا وصرف النية لغير الله كحب الثناء على العمل الصالح فهذه استثنيت بالنص بكونها من الشرك الأصغر وهذه مسألة أخرى سيأتي بيانها.
 
- فالشرك الأكبر متعلق بصرف عبادة بالقول والعمل لغيرالله ولا يتعلق الشرك الأكبر بكون هذه العبادة مستقلة أو مدرجة مضمنة في غيرها.
 
* وما علاقة هذا التفريق بوصف وحكم الشرك الأكبر؟!
 
والنصوص جاءت صريحة بوصف "قيام" الإجلال والتعظيم والخشوع والقنوت بعدم الحركة والكلام بالعبادة وقرنه بالسجود كما تقدم في الأدلة المذكورة في أصل المقال المبين كفر من قام للعلم وخروجه من الملة.

ب)- واحتج بعضهم لبدعة التفريق السابقة بقوله بأن الانحناء القليل للعاجز في الصلاة عبادة داخل الصلاة ولكنها لا تعد عبادة خارج الصلاة!، لأن الصحابة -رضي الله عنهم- سألوا عنه للتحية بينهم مما يدل أن هذا مما تعارف عليه الناس واعتادوا عليه.
 
← أَخَرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي سُننِهِ (2728) وغيره، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ، أَيَنْحَنِي لَهُ؟ قَالَ: "لَا". قَالَ: أَفَيَلْتَزِمُهُ، وَيُقَبِّلُهُ؟ قَالَ: "لَا". قَالَ: أَفَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ".
 
- ولم يعتقد الصحابة -رضي الله عنهم- أن الانحناء اليسير للتحية شركا من جهة الأصل، وكيف يجهل الصحابة "الشرك"؟! ولو كان شركا لبينه الرسول ﷺ بأي عبارة تدل على أنه لا يكون إلا لله ولم يكتف بمجرد النهي المحتمل للكراهة أو التحريم أو الشرك بنوعيه والبيان وقت الحاجة واجب، فهو بذلك منهي عنه وليس بشرك من جهة الأصل، وعلى ذلك فالانحناء عبادة لله داخل الصلاة لا خارجها حسب قولهم! 
 
- وكذلك ما جاء من روايات النهي عن "القيام" تدل على أن القيام تحية منهي عنها وليست من الشرك والقيام للجنازة ليس بكفر وشرك، وأضاف بعضهم هيئة "جلسة التشهد" تجلس أمام المعلم والمؤدب.

والرد كالتالي:
 
1/- إن من العبادات عبادات قلبية باطنة كالخوف والرجاء والخشوع وغير ذلك، ومن العبادات عبادات عملية ظاهرة علق الشرع مناط التكفير بها بمجرد صرفها لغير الله، كالذبح والسجود والركوع والطواف والقيام وغير ذلك ولا يشترط لتكفير فاعلها القصد، ولم يشترط القصد في التكفير بها إلا "أبو هاشم الجبائي" -لعنه الله-.
 
- قال البغدادي في الفرق بين الفرق (1/177): "الفضيحة الخامسة من فضائحه قوله في الإرادة المشروطة".
 
أي أنه يشترط القصد والإرادة للحكم بالكفر في العبادات الظاهرة.

- وذكر عنه "الجويني" الجهمي في البرهان (1/304): "أنه لا يكفر الساجد بين يدي الوثن حتى يقصد".
 
2/- مما يعين على فهم هذا الأمر والتفريق بين قيام العبادة وقيام التحية ما جاء في الصحيحين وغيرهما.
 
← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (1200)، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: إِنْ كُنَّا لَنَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ، حَتَّى نَزَلَتْ: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ، وَالصَّلاَةِ الوُسْطَى، وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينََ﴾[البقرة: ٢٣٨] فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ.
 
- وعند مسلم؛ "فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ".
 
”فأهل التوحيد أمرهم الله بالسكوت أثناء القيام في الصلاة، وأهل الشرك أمرهم كبراؤهم بالسكوت أثناء القيام للعلم، ولو تكلم أحدهم لبطلت تحيته وقيامه، كما أن المسلم لو تكلم في الصلاة عمدا بطلت صلاته، ومن المعلوم أن قيام التحية ليس فيه نهي عن الكلام أثناءه ولا هو بمعيب“

3/- هذا (قول المعترض) رأي وخلط وجهل بمناط وسبب الحكم والوصف، حيث لم نرتب وصف وحكم الشرك والكفر على كل قيام مجرد فقط ولم نرتبه على كل انحناء قليل للتحية فقط كما يفعله البعض من الانحناء قليلا برأسه للتحية وعلى ذلك فالقيام المجرد، وكذلك الانحناء بالرأس قليلا للتحية تكون من العبادة المحضة إذا اقترنت بكل هذه الأوصاف التالية، وحينئذ تكون من الشرك الأكبر التي يكفر فاعلها وهذا متحقق في وقوف العلم  أو وقوف المجند للضابط؛ وهذا ظاهر من مجرد صنيعهم أمام العلم، ومن زعم خلوه من تلك الصفات فهو كاذب لأن ظاهره يدل على ذلك.

▪ وهذه الأوصاف التي تجعل القيام والانحناء اليسير تحية عبادة كالتالي:
 
أ/- أن يقترن القيام والانحناء ولو قليلا بالإجلال والتعظيم.
 
ب/- والخشوع المتمثل بعدم الحركه من الالتفات أو المشي أو تحريك الأطراف أو غيره.
 
ج/- اقتران ذلك بالقنوت والخشوع بعدم الكلام.
 
* فإن قيل، من أين أتيتم بهذه الأوصاف والقيود وما الدليل على ذلك؟
 
”قيل؛ هذه صفات مجتمعة في قيام التعبد لله في الصلاة الذي يقترن به التعظيم والإجلال والخشوع والقنوت وعدم الحركة والكلام، وهذه الأوصاف متحققة في الوقوف للعلم والضباط وهذا عين العبادة والشرك والكفر الأكبر ويكفر بها الفاعل قصد أم لم يقصد، فمن صرف عبادة لغير الله وهو يعلم ما يفعل (أي قصد فعله حيث لم يقع منه ذلك على سبيل الخطأ) فقد خرج من الملة حتى لو لم يقصد بها العبادة وحتى لو لم يقصد بها الكفر“
 
لأن قصد الكفر لا يشترطه في تنزيل حكم التكفير على المعين إلا المرجئة الجهمية بخلاف اشتراط قصد الفعل وأدلة ذلك كثيرة ليس هذا مقام سردها.

- والأدلة على أن القيام مقترنا بهذه الأوصاف عبادة ظاهرة تقدم ذكرها في أصل المقال في هذه المسألة ويلتحق بالقيام الانحناء قليلا حيث يكون في صلاة المريض العاجز مقترن بتلك الأوصاف المشار لها فيكون عبادة محضة بخلاف انحناء الرأس قليلا للتحية (مع حرمتها) لخلوها من تلك الصفات التي تصيرها شركا أكبر، وهذه الأوصاف الثلاث غير متحققة في القيام المجرد للجنازة أو لدخول ضيف وغير متحققة كذلك في الانحناء اليسير للرأس للتحية.
 
وبذلك فقياس الأمرين على بعضهما قياس مع الفارق ولا صلة بينهما البتة.
 
4/- أن وصفه القيام للعلم بالشرك الأصغر لا دليل عليه حسب قاعدته لأن ذلك القيام والانحناء إما أن يكون جائزا من جهة الأصل كالقيام للجنازة أو أنه منهي عنه في حالات وليس من الشركيات حسب استدلاله وتأصيله للمسألة.
 
* فمن أين أتى بوصف الشرك الأصغر؟!

وأما تعليله لوصف القيام للعلم بالشرك الأصغر لأجل تلك الأوصاف المقترنة التي أشرنا لها فهذا حجة عليه لما يلي:
 
- لأن اقتران تلك الأفعال بهذه الأوصاف جاءت النصوص صريحة بأن ذلك الاقتران جعلها من العبادات التي صرفت لله وتعبد لله بها.
 
* فكيف يثبت ويقرر أنها بذلك الاقتران أصبحت عبادات صرفت لله وتعبد لله بها في الصلاة ثم يقول إن صرفها لغيره من الشرك الأصغر؟!
 
وعلى قوله فقد هدم ونقض بذلك ما يقرره ويثبته من تعريف الشرك الأكبر وهو صرف عبادة لغير الله!

5/- عدم الدليل على قوله ودعواه بالتفريق بين أنواع العبادات باعتبار الاستقلال والتضمن، فتشريع الله العبادة بجعل بعض العبادات تؤدى مستقلة بذاتها وتؤدى أيضا مدرجة ومضمنة في غيرها، بينما بعض العبادات لا تؤدى ولا يتعبد بها لله إلا مضمنة مدرجة في غيرها من العبادات.
 
”أقول؛ هذا التفريق لا يؤثر على قاعدة أن من صرف عبادة لغير الله فقد كفر وخرج من الملة، وهذا في صرف العبادات الظاهرة المتعلقة بالقول والعمل تحديدا، وهذا بخلاف الرياء المتعلق بالنية حيث أن صورة العمل ظاهرا أنه قد صرف لله ولكن النية الخفية كطلب الثناء صرفته لغير الله، فخالفت ظاهر العمل وقد جاء النص بتخصيص هذا أنه من الأصغر مع أن فيه نوعا من الصرف، وهناك من الرياء ما يكون من الأكبر“

6/- ما قاله من كون الركوع والسجود يتحدان في الوصف شرعا ولغة وبذلك يسوى بينهما في الحكم بالتكفير لمن صرفهما لغير الله بخلاف القيام لا يستقيم مع تأصيله وتقعيده البدعي لأنه منقوض شرعا ولغة وعقلا وهذا غير كاف لتمرير قاعدته، لأن الركوع والسجود وإن اتحدا من جهة الاسم والوصف ولكن الشريعة جعلتهما ركنين منفصلين تماما وعبادتين مستقلتين لا تغني إحداهما عن الأخرى، فمن سجد بدل أن يركع (أو العكس) متعمدا بطلت صلاته، وكذلك فاللغة ميزت بينهما من جهة المعنى الأعم والأخص والأدق، وقد جعل لكل منهما ما يميزه لغة وشرعا ولا سيما عند اجتماعهما ويصدق عليهما القاعدة المشهورة من بعض الأوجه (إذا اجتمعا افترقا لغة وشرعا وإذا افترقا اجتمعا) ولذلك فالركوع عبادة مستقلة عن السجود بهذا الاعتبار.
 
وعليه فالركوع لم يرد التعبد به استقلالا ويلزمه بذلك أن من ركع لغير الله من علم أو غيره فقد وقع في الشرك الأصغر فقط ولم يخرج من الملة لأن الركوع لم يرد التعبد به استقلالا حسب هذه القاعدة العوراء المضلة.
 
7/- ما قاله من عدم ثبوت التعبد لله استقلالا بذلك القيام المخصوص غير صحيح كما سنبينه -بإذن الله- ومقصودنا بالقيام المخصوص (القيام تعظيما وإجلالا بخشوع وقنوت بترك الكلام والحركة وعدم زيغ البصر والالتفات) وهذه عدة عبادات مقترنة وهناك نصوص تثبت أن الخشوع وغيره مما تقدم خارج الصلاة عبادة وهذا ينقض تفريقه.
 
← قال الله تعالىٰ عن زكريا على نبينا وعليه -الصلاة والسلام- وزوجه ﴿وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾{اﻷنبياء |90}.
 
ولم يكن هذا الوصف جزءا من عبادة عامة.

← قال الله تعالىٰ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا ۖ لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾{النبأ |38}.
 
وليس في صلاة ولا عبادة هنا غير القيام لله خضوعا وتعظيما وإجلالا.

← قال الله تعالىٰ مادحا المؤمنين من أهل الكتاب﴿خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾{آل عمران |199}.
 
← قال الله تعالىٰ﴿وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ﴾{الأحزاب |35}.
 
ومعلوم أن مدح الله تعالى لشيء يدل على أنه عبادة، ومن ذلك مدح الله تعالى لنبيه ﷺ يوم المعراج بأن بصره لم يزِغ.

← قال الله تعالىٰ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى﴾{النجم |17}.
 
وعدم الزيغ بالبصر عبادة عند اقترانها بالتعظيم والإجلال والخشوع والقنوت والذل.

”وهذه الأوصاف كعدم الكلام والحركة وعدم زيغ البصر لا تكون عبادة إلا إذا انضم لها ماسبق ذكره آنفا؛ فعدم زيغ البصر بين يدي الوالد حياء منه ليس عبادة وخفض جناح الذل مع الوالدين مقرون بالرحمة والرأفة والبر والإحسان والأدب وقد أمرنا بذلك طاعة لله وهذا الذل وغيره جاء في سياق الرحمة والرأفة والإحسان والبر والطاعة لله“
 
وهذا يختلف تماما عن حال ذاك الذي وقف لصخرة أو علم ولا فرق بينهما ولم يزغ ببصره ولم يتحرك مع التعظيم والإجلال والخشوع والقنوت بعدم الحركة والكلام والالتفات.

* وهل يقال أن هذا جاء في سياق طاعة لله وبر ورحمة ورأفة كتلك التي مع الوالدين فشتان بينهما؟!
 
- وهم عند العَلم كأن على رؤوسهم الطير وزيغ البصر عند تحية العلم معيب عندهم! والحركة والكلام توجب العقوبة وأدناها الزجر! وهؤلاء القوم يوالون ويعادون لأجله ويموتون فداء للوطن والعلم كما يزعمون! والجاهلية التي خرجت من حب هذا العَلم كالتفريق بين الناس بحسب الانتماء للعَلم وعدمه فمن انتمى له فهو مواطن بزعمهم ومن لا فلا.
 
هذا وغيره يدل على كمال الحب والذل والتعظيم وعقد الولاء والبراء لهذا العلم، مع اقتران كل ذلك بذلك القيام له خضوعا وإجلالا وخشوعا وقنوتا بعدم الكلام والحركة وزيغ البصر والالتفات.

8/- هناك في بعض الدول السياحية صخور عظيمة يطلب من السياح خوض تجربة ذلك القيام المخصوص لهذه الصخرة! (حسب توصيفهم للشرك بخوض تجربة) ولا يقال لهم بأنها رب أو إلاه أو أنها جالبة للحظ والسعادة، ومن له بقية من فطرة سليمة وعقل يعلم أن مجرد ذلك القيام المخصوص لتلك الصخرة نوع من العبادة، وهؤلاء القائلين بأن القيام للعلم محرم لكونه من الشرك الأصغر وينفون وصفه بالشرك الأكبر لا يترددون في وصف القيام (لتلك الصخرة العظيمة!) قيام خضوع وإجلال بخشوع وقنوت مع عدم الحركة والكلام وزيغ البصر والالتفات.
 
”أقول؛ لا يترددون في وصف ذلك القيام المخصوص هنا بالشرك الأكبر حتى لو كان من قام لهذه الصخرة لا يعتقد أنها عبادة ولا يعتقد أنها رب أو إلاه له، فهؤلاء يحكمون بأنه قد لابس الشرك الأكبر حتى لو كان الواقف من السواح الذين يعدون هذا من العادات أو من الغرائب وليس العبادات واتخاذ الآلهة“

وحكمهم على القائم لتلك الصخرة بالشرك الأكبر عين الصواب ولكنهم حين فرقوا بين حكم القيام للعلم والقيام الصخرة قد تناقضوا وضلوا، وبعضهم قال معللا بأن القائم للصخرة لا يتصور منه إلا العبادة برجاء النفع أو دفع الضر.

ونرد عليه بالتالي:
 
أ)- ألم تقرر مسبقا أن من وقع في الشرك الأكبر فهو مشرك سواء قصد العبادة أم لم يقصدها وسواء اعتقد الألوهية أم لم يعتقدها وهذا حجة عليك لا لك!
 
ب)- ما ذكرته من رجاء النفع ودفع الضر يعد شأنا قلبيا وهذا يكفر به العبد استقلالا سواء وقف لتلك الصخرة أم لم يقف.
 
فالتعليل بذلك لا علاقة له بنقطة البحث التي نختلف فيها.

ج)- كيف تكفره بذلك القيام المخصوص وتصف قيامه ذلك بالشرك الأكبر ثم تجعل مناط التكفير وسببه ليس له علاقة بعمله الظاهر بل بتلك الحالة القلبية من رجاء النفع ودفع الضر؟!
 
وهذا عين قول "الجهمية" الذين يقصرون الكفر بأحوال القلب فقط.

”وعلى ذلك فالقيام المخصوص للعَلم أظهر في الشرك الأكبر من القيام للصخرة لأن العَلم يعقد عليه الولاء والبراء فيوالى ويقدم الكافر والضال ممن ينتسب له على غيره ويقاتلون ويموتون لأجله، وترتب العقوبات وأدناها اللوم والإنكار والزجر لمن لم يلتزم بذلك القيام أو فرط في بعض صفاته وتعظيمه وإجلاله في النفوس آكد وأتم من تلك الصخرة“


 وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين. 
 
  
 

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *