الرد على شبهة عدم إظهار تكفير المنافقين ومعاملتهم كالمسلمين في النكاح والتوارث وغيرها.

 
 
 
 
 
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
 
- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
 
هناك أنواع من الكفر لكل نوع منها تعامله شرعي:
 
1)- هناك الكفر البين الصريح في كبار الكفريات القولية والعملية فتكفير فاعلها لا نزاع ولا خلاف فيه والتكفير هنا إما من أصل الدين أو واجب يكون حكم التكفير فيها دون ذلك.
 
• تنبه فنحن نتحدث هنا عن العاذر، وليس فيمن تلبس بذات القول والفعل الكفري.
 
”فيفرق بين العاذر الجاهل ضعيف الفهم وهذا يكفر بعد البيان بإجماع السلف وأما المنسوب للعلم ونحوه من أهل الفهم فيكفر ابتداء دون بيان وهذا في مثل القول بخلق القرآن وعاذره“
 
2)- الخفي من الكفر على الجاهل ضعيف الفهم كعاذر (الجهمية الخلقية) (والوقف) (واللفظ)، فهذا يبين له قبل الحكم بخلاف أهل العلم والفهم كما جاء في إجماع السلف للرازيين عن العاذر الجاهل ضعيف الفهم وقول أحمد -رحمه الله- (ومن نقله عنه إقرارا واستشهادا) عن الجاهل الواقف واللفظي.
 
-> قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار، وما يعتقدان من ذلك، فقالا: «أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاما ويمنا فكان من مذهبهم :...ومن وقف في القرآن جاهلاً عُلِّم وبُدِّع ولم يُكفَّر».
 
-> وقال الخلال في السنة (١٧٨٥): وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَنْ وَقَفَ، لَا يَقُولُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؟ قَالَ: أَنَا أَقُولُ: كَلَامُ اللَّهِ. قَالَ: "يُقَالَ لَهُ: إِنَّ الْعُلَمَاءَ يَقُولُونَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَإِنْ أَبَى فَهُوَ جَهْمِيٌّ"
 
-> وقال الخلال (١٧٩٠): وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَامِعٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ: فَالْوَاقِفَةُ؟ قَالَ: "أَمَّا مَنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ، فَإِنَّهُ يُبَصَّرُ، وَإِنْ كَانَ يَعْقِلُ وَيُبْصِرُ الْكَلَامَ، فَهُوَ مِثْلُهُمْ" اهـ
 
3)- وهناك المختلف فيه بين الصحابة والسلف -رضي الله عنهم- كالخوارج الأوائل.
 
4)- وهناك المنافق (النفاق الأكبر)؛ وهذا لكفره أوصاف خاصة لا يشركه فيها أحد ولذلك رتب عليها أحكام خاصة تناسب حال ضعف المسلمين وبدايات الدعوة دون غيرها من حالات قوة المسلمين وانتشار الدعوة و الإسلام:
 
أ/- أول هذه الصفات التي ينفرد بها المنافق عدم التصريح بالكفر وإنما كلمات ومواقف موهمة محتملة والدليل:
 
-> قال الله تعالىٰ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ۚ﴾{محمد| 30}.
 
-> قال الله تعالىٰ﴿لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ﴾{التوبة| 101}.
 
وغيرها من الآيات والنصوص.
 
ب/- ما يظهر منهم ويعلن من الكفر والنفاق (وهو قليل نادر خلاف الأصل في تخفيهم بكفرهم ونفاقهم) فإنهم يبادرون بإظهار التوبة والرجوع والتبرير والإعتذار.
 
-> كما قالوا حين الرجوع من "أحد" (لو نعلم أنكم ملاقوا العدو ما رجعنا).
 
-> وحين اعتذروا وكذبوا وبرروا تخلفهم عن "تبوك" وأظهروا التراجع والتوبة.
 
ج/- فبجمعهم لهاتين الصفتين السابقتين اللتين لا يشركهم فيهما بقية أنواع الكفار والمرتدين فقد ترتب عليهما أحكام خاصة بهم دون غيرهم ومن هذه الأحكام:
 
← سياسة نبوية حكيمة (تناسب حالة ضعف المسلمين وبدايات الدعوة) وهو تألف النبي ﷺ لهم لكي لا يتحدث الناس أن النبي ﷺ يقتل أصحابه فينفر الناس من الإسلام.
 
← وأيضا لأجل كل ما تقدم أدخلوا في حكم (المؤلفة قلوبهم).
 
4)- وهذا التألف لهم والمدراة لا يعمل به إن خالفوا طبيعتهم في التخفي والكلام الموهم المحتمل فعند إظهار وإعلان كفرهم (يترتب عليهم وعلى من عذرهم ولم يكفرهم) أحكام الكفار والمرتدين المصرحين المعلنين بالكفر.
 
-> ولذلك جاء عن عمر -رضي الله عنه- قوله عن التألف ذاك حين كان المسلمين في ضعف.
 
-> وأيضا أجمع الأئمة على تكفير وقتل من طعن في عرض واحدة من أمهات المؤمنين بعد نزول آيات البراءة.
 
-> وتخصيصه بالطيبات في النور وآيات التطهير لهن في الأحزاب.
 
ولا محل للاستدلال بعدم قتل ابن أبي -لعنه الله- حين نال من أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- لأمور منها:
 
* أن طعنه قبل نزول آيات النور والأحزاب؛ وحكم الطعن قبل نزول الآيات غيره بعد نزولها، فقبل النزول يحتمل الأثم أو الكفر ولذلك يفرق بين حسان ومسطح وحمنه -رضي الله عنهم- وبين المنافق ابن أبي -لعنه الله-، وأما بعد النزول للآيات فلا يعني الطعن في عرض واحدة من أمهات المؤمنين إلا الكفر والتكذيب لله تعالى والطعن في رسوله ﷺ.
 
وهذا عين الكفر والزندقة وهذا إجماع الأمة وقول السلف، ومن لم يكفره فهو كافر.
 
”وإجماع الأئمة على كفر الطاعن في عرض واحدة من أمهاتنا لا يخفى على أحد، وهذا بخلاف أحد القولين (لابن تيمية) شيخ العاذرية -عليه من الله ما يستحق- حين قال في الصارم في أحد قوله بعدم كفر من يتهم إحداهن بالزنا إلا إذا قصد أذى النبي ﷺ؛ وإرجاع وتقييد التكفير للأعيان (في كبار المكفرات القولية والعملية بعد بلوغ الأدلة) بالحالة القلبية من القصد والتعمد للكفر هو عين قول الجهمية في التكفير، وحتى لو قال أحدهم بترجيح التكفير للطاعن فهذا كفر لأنه جعل الكفر الواضح البين مسألة ترجيحية وكأنها من مسائل الفقه“
 
فلا يقال عن قول عدم التكفير أنه مرجوح بل يقال هو الكفر وقائله كافر مكذب راد لآيات النور والأحزاب وأيضا مكذب راد للإجماع.
 
5)- وإسرار أسماء المنافقين المستخفين المموهين لحذيفة -رضي الله عنه- جاء للعلل والأسباب السابقة ولذلك لم يعرف المنافقون إلا بتعمد حذيفة -رضي الله عنه- عدم الصلاة عليهم وهذا دليل على تسترهم.
 
 
نجانا الله من مسلكهم وسبيلهم. 
 
 وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين 
 
 
المنافق
 

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *