البَغْدَادِي الزِّنْدِيقْ لَهُ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَ لَهُ عَذَابُ الحَرِيقْ " إِنْ لَمْ يَتُبْ ".
البَغْدَادِي الزِّنْدِيقْ لَهُ عَذَابُ جَهَنَّمَ
وَلَهُ عَذَابُ الحَرِيقْ "إِنْ لَمْ يَتُبْ".
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
- قال مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:َ«كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لِلْمَلِكِ إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ فَكَانَ فِي طَرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَامَهُ فَأَعْجَبَهُ فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ فَقَالَ إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ فَقُلْ حَبَسَنِي أَهْلِي وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ حَبَسَنِي السَّاحِرُ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتْ النَّاسَ فَقَالَ الْيَوْمَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمْ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ فَأَخَذَ حَجَرًا فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا وَمَضَى النَّاسُ فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى فَإِنْ ابْتُلِيتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ وَكَانَ الْغُلَامُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيُدَاوِي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الْأَدْوَاءِ فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ فَقَالَ مَا هَاهُنَا لَكَ أَجْمَعُ إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي فَقَالَ إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ فَآمَنَ بِاللَّهِ فَشَفَاهُ اللَّهُ فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ قَالَ رَبِّي قَالَ وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي قَالَ رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلَامِ فَجِيءَ بِالْغُلَامِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ أَيْ بُنَيَّ قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ فَقَالَ إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ فَجِيءَ بِالرَّاهِبِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبَى فَدَعَا بِالْمِئْشَارِ فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبَى فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جِيءَ بِالْغُلَامِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبَى فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَاطْرَحُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ فَرَجَفَ بِهِمْ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ قَالَ كَفَانِيهِمُ اللَّهُ فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورٍ فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَاقْذِفُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ فَانْكَفَأَتْ بِهِمْ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ قَالَ كَفَانِيهِمُ اللَّهُ فَقَالَ لِلْمَلِكِ إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي ثُمَّ ضَعْ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قُلْ بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ ثُمَّ ارْمِنِي فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبْدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ فَقَالَ النَّاسُ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ فَأُتِيَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ قَدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ قَدْ آمَنَ النَّاسُ فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ وَقَالَ مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا أَوْ قِيلَ لَهُ اقْتَحِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتْ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ..» { بَاب قِصَّةِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ وَالسَّاحِرِ وَالرَّاهِبِ وَالْغُلَامِ}.
• فهذه قصةٌ قصّها علينا ربنا تبارك وتعالى، ونبينا ﷺ، لنعتبر ونتّعظ ونتفكر.
* قال الله تعالى ٰ﴿فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾{الأعراف: 176}.
* قال الله تعالى ٰ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾{يوسف:111}.
”وقصة أصحاب الأخدود قصة عظيمة، لو عاش المسلم حياته كلها وهو ينظر فيها، ويتفكر في آياتها، ويتدبر في أحداثها، ما وفاها حقها، ولكن بحسب المسلم أن يسدّد ويقارب، وإني نظرت في سورة البروج، وفي هذه القصة العظيمة -كحال كثير من إخواني- فلم أجد أشبَه بأصحاب الأخدود من البغدادي وزمرته، ولم أجد أشبَه بالمؤمنين الذين فتنهم أصحاب الأخدود بالمؤمنين الذين فتنهم البغدادي وزمرته“
- فهذا فتى مسلم موحد كان حريصا على معرفة الحق واتباعه والعمل به، فوجد طاغوتا له بالمرصاد يريد أن يصده عن ذلك، كما هو حال الطواغيت في كل مكان وزمان، وهذا شأن الطاغوت البغدادي حيث وقف لثلة من المؤمنين آمنت بالله وكفرت به (بالبغدادي) فسامهم سوء العذاب.
• قال ابن أبي شيبة في مصنفه: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَوْفٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: « كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا ذَكَرَ أَصْحَابَ الْأُخْدُودِ تَعَوَّذَ بِاَللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاء».
- وإني خبَرتُ سجون القوم، ومن دخلها عرف كلامي، تعذيب للموحدين بأشدّ أنواع التعذيب والنّكال، ولئن كان المؤمنون الأولون حُفرت لهم الأخاديد، فإن المؤمنين في دولة البغدادي جُهزت لهم ما يسمونها (البلانجوات) يُعلقون فيها بالأسبوع وأكثر، حتى يُقرّ أحدهم بعقيدته، أو بإخوانه الذين على عقيدته، حتى يُتَتبعوا ويؤسروا ويُشرَّدوا، ولئن كان المؤمنون الأولون حُرّقوا بالنار، فوالله الذي لا إله غيره، إن المؤمنين في دولة البغدادي عُذّبوا ويُعذَّبون بالكهرباء.
• فليهنأ البغدادي بأسلافه المشركين، وليفرح المؤمنون بأسلافهم المؤمنين، ففتنوا المؤمنين وتركوا المشركين من الجهمية وما يسمونهم بالرعية يسرحون ويمرحون، فما أشبَهَهم بأصحاب الأخدود وما أشبَهَهم.
• قال ابن جرير الطبري في تفسيره: حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: « كَانَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ قَوْمًا مُؤْمِنِينَ اعْتَزَلُوا النَّاسَ فِي الْفَتْرَةِ ، وَإِنَّ جَبَّارًا مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ ، فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الدُّخُولُ فِي دِينِهِ ، فَأَبَوْا ، فَخَدَّ أُخْدُودًا ، وَأَوْقَدَ فِيهِ نَارًا ، ثُمَّ خَيَّرَهُمْ بَيْنَ الدُّخُولِ فِي دِينِهِ ، وَبَيْنَ إِلْقَائِهِمْ فِي النَّارِ ، فَاخْتَارُوا إِلْقَاءَهُمْ فِي النَّارِ ، عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ دِينِهِمْ ، فَأُلْقُوْا فِي النَّارِ ، فَنَجَّى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أُلْقُوْا فِي النَّارِ مِنَ الْحَرِيقِ ، بِأَنْ قَبَضَ أَرْوَاحَهُمْ قَبْلَ أَنْ تَمَسَّهُمُ النَّارُ ، وَخَرَجَتِ النَّارُ إِلَى مَنْ عَلَى شَفِيرِ الْأُخْدُودِ مِنَ الْكُفَّارِ فَأَحْرَقَتْهُمْ ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ : ( فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ) فِي الْآخِرَةِ ( وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) فِي الدُّنْيَا».
- وقال: حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «(قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ) يَزْعُمُونَ أَنَّ أَصْحَابَ الْأُخْدُودِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَخَذُوا رِجَالًا وَنِسَاءً، فَخَدُّوا لَهُمْ أُخْدُودًا، ثُمَّ أَوْقَدُوا فِيهَا النِّيرَانَ، فَأَقَامُوا الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهَا، فَقَالُو : تَكْفُرُونَ أَوْ نَقْذِفُكُمْ فِي النَّارِ»{جامع البيان في تأويل القران}.
- وقال البغدادي للمؤمنين: «تتركون عقيدتكم أو نقذفكم في السجون ونقتلكم».
• وهذا سابقا أما الآن فليس لهم إلا القتل؛ ومن نقم على المؤمنين إيمانهم وتوحيدهم، أو فتنهم من أجل ذلك فهو كافر بالله.
* قال الله تعالىٰ ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾{محمد: 09}.
* قال الله تعالىٰ ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾{محمد: 28}.
* قال الله تعالىٰ ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيق﴾{البروج: 10}.
▪ لذلك فإن مِن النواقض التي نكفر بها "دولة التجهم" سجنهم المؤمنين وقتلهم من أجل توحيدهم، وقيّدنا ذلك بقولنا (من أجل توحيدهم).
- لأننا نعلم أن هناك من سيقول لنا: وهل مجرد سجن المؤمن وقتله كفر؟
• نقول: لا، لكن إذا كان ذلك من أجل توحيده فهو كفر.
- قال الطبري: وَقَوْلُهُ "ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا" يَقُولُ: ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا مَنْ كُفْرِهِمْ وَفِعْلِهِمُ الَّذِي فَعَلُوا بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ مِنْ أَجْلِ إِيمَانِهِمْ بِاللَّهِ "فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ" فِي الْآخِرَةِ "وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ" فِي الدُّنْيَا.{جامع البيان في تأويل القران}.
• فانظر كيف قيد ذلك بقوله: "من أجل إيمانهم بالله".
- وقال أيضا: وَقَوْلُهُ "وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ" يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا وَجَدَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِالنَّارِ فِي شَيْءٍ، وَلَا فَعَلُوا بِهِمْ مَا فَعَلُوا بِسَبَبٍ، إِلَّا مِنْ أَجْلٍ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِاللَّهِ. {جامع البيان في تأويل القران}.
• وليعلم البغدادي وزمرته أن الله مُطَّلِعٌ عليهم وعلى صنيعم، وسيجزيهم بما صنعوا ﴿وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد﴾.
- قال الطبري في تفسيره: يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَالْأَرَضِينَ وَمَا فِيهِنَّ ٰ ﴿وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ عَلَى فِعْلِ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ مِنْ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ بِالْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ فَتَنُوهُمْ شَاهِدٌ، وَعَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِهِمْ وَأَفْعَالِ جَمِيعِ خَلْقِهِ، وَهُوَ مُجَازِيهِمْ جَزَاءَهُمْ. {جامع البيان في تأويل القران}.
- ولا ريب أن البغدادي وزمرته لهم عذاب جهنم في الآخرة إن لم يتوبوا، وأما عذاب الحريق في فهو في الدنيا كما جاء في تفسير السلف للآية، وقد بدأنا نراه على أيدي المشركين والمشركات، ونسأل الله أن يجعل نهايتهم على أيدي الموحدين.
• وهذه سنة فرعونية يتبعها خلفاء فرعون من الطغاة إلى قيام الساعة ( أعني فَتْن المؤمنين ).
* قال الله تعالىٰ ﴿قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَٰهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِين﴾{الشعراء: 29}.
• قال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:"لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ" أَي : إِنْ أَقَمْتَ عَلَى هَذَا أَنْ تَعْبُدَ غَيْرِي، وَتَتْرُكَ عِبَادَتِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ. {تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول ﷺ والصحابة والتابعين}.
• ولسان حال البغدادي: لئن كفّرتموني وأقمتم على هذا وتركتم عقيدتي لأجعلنكم من المسجونين والمقتولين والمُعذَّبين والمُشرَّدين أنتم وأزواجكم!
• وهو القائل (فرعون لعنه الله).
* قال الله تعالىٰ ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَاد﴾{غافر: 26}.
• ولسان حال البغدادي: ذروني أقتل الغلاة، إني اخاف أن يبدلوا دينكم (التجهم) أو أن يظهروا في الأرض الفساد بتكفير رعيتنا المسلمة وغنم أموالها!
- قال ابن أبي زمنين: قَالَ الْحَسَنُ: كَانَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ثَمَانِينَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، فَأَخَذَهُمُ الْمُشْرِكُونَ، فَخَدُّوا لَهُمْ أُخْدُودًا فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ أَوْقَدُوا لَهُمْ نَارًا ضَخْمَةً، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ لِلرَّجُلِ وَلِلْمَرْأَةِ مِنْهُمْ: إِمَّا أَنْ تَتْرُكَ دِينَكَ، وَإِمَّا أَنْ نَقْذِفَكَ فِي النَّارِ، فَيَقُولُ : مَا أَنَا بِتَارِكِ دِينِي لِشَيْءٍ، فَيُقْذَفُ فِيهَا فَيَحْتَرِقُ حَتَّى أَتَوْا عَلَيْهِمْ، فَبَقِيَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ فَتَهَيَّبَتْ، فَقَالَ لَهَا الصَّبِيُّ: امْضِي وَلا تُنَافِقِي، فَمَضَتْ فَاحْتَرَقَتْ.{تفسير القرآن العزيز}.
• وقال البغدادي للمؤمنين: إما أن تتركوا دينكم وإما أسجنكم وأقتلكم وأحسب أن بعض الإخوة الموحدين ممن ثبتهم الله قالوا: ما نحن بتاركي ديننا.
• وفي آخر "سورة البروج" جاءت البشرى لأهل التوحيد.
* قال الله تعالىٰ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِير﴾{البروج: 11}.
- قال ابن جرير الطبري: إِنَّ الَّذِينَ أَقَرُّوا بِتَوْحِيدِ اللَّهِ ، وَهُمْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الَّذِينَ حَرَّقَهُمْ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ سَائِرِ أَهْلِ التَّوْحِيدِ [ومنهم إخواننا الذين فتنهم البغدادي] (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) يَقُولُ: وَعَمِلُوا بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَأْتَمَرُوا لِأَمْرِهِ، وَانْتَهَوْا عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ (لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) يَقُولُ: لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عِنْدَ اللَّهِ بَسَاتِينَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالْخَمْرُ وَاللَّبَنُ وَالْعَسَلُ (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) يَقُولُ: هَذَا الَّذِي هُوَ لِهَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْآخِرَةِ، هُوَ الظُّفْرُ الْكَبِيرُ بِمَا طَلَبُوا وَالْتَمَسُوا بِإِيمَانِهِمْ بِاللَّهِ فِي الدُّنْيَا، وَعَمَلِهِمْ بِمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ فِيهَا وَرَضِيَهُ مِنْهُمْ.{جامع البيان في تأويل القرآن}.
• وليتأمل البغدادي ما حلَّ وسيحلّ بأسلافه من المشركين الذين فتنوا المؤمنين.
- قال ابن أبي شيبة: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ مُحَارِبٍ يُقَالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ صَلِيعٍ إلَى حُذَيْفَةَ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، حَدِّثْنَا مَا رَأَيْت وَشَهِدْت؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَا عَمْرُو بْنَ صَلِيعٍ، أَرَأَيْت مُحَارِبَ أَمْ مُضَرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ مُضَرَ لَا تَزَالُ تَقْتُلُ كُلَّ مُؤْمِنٍ وَتَفْتِنُهُ، أَوْ يَضْرِبُهُمْ اللَّهُ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ حَتَّى لَا يَمْنَعُوا بَطْنَ تَلْعَةٍ، أَرَأَيْت مُحَارِبَ أَمْ قَيْسَ عَيْلَانَ، قَالَ: نَعَمْ، فَإِذَا رَأَيْت عَيْلَانَ قَدْ نَزَلَتْ بِالشَّامِ فَخُذْ حِذْرَ.
- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ الْعَوَّامِ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: اُدْنُوا يَا مَعْشَرَ مُضَرَ فَوَاَللَّهِ لَا تَزَالُونَ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ تَفْتِنُونَهُ وَتَقْتُلُونَهُ حَتَّى يَضْرِبَكُمْ اللَّهُ وَمَلَائِكَتُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ حَتَّى لَا تَمْنَعُوا بَطْنَ تَلْعَةٍ، قَالُوا: فَلِمَ تُدْنِينَا وَنَحْنُ كَذَلِكَ؟ قَالَ: إنَّ مِنْكُمْ سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ، وَإِنَّ مِنْكُمْ سَوَابِقَ كَسَوَابِقِ الْخَيْلِ.
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَرْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: لَا تَدْعُ مُضَرُ عَبْدَ اللَّهِ مُؤْمِنًا إلَّا فَتَنُوهُ أَوْ قَتَلُوهُ أَوْ يَضْرِبَهُمْ اللَّهُ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ حَتَّى لَا تَمْنَعُوا ذَنْبَ تَلْعَةٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، تَقُولُ هَذَا وَأَنْتَ رَجُلٌ مِنْ مُضَرَ؟ قَالَ: أَلَا أَقُولُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. {المصنف}.
* قال الله تعالىٰ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً﴾{الأحزاب: 58}.
- قال ابن جرير الطبري: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر َ"وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا".قَالَ: كَيْفَ بِالَّذِي يَأْتِي إِلَيْهِمُ الْمَعْرُوفَ.{جامع البيان في تأويل القرآن}.
• ألا يخشى البغدادي وزمرته أن يضربهم الله والملائكة والمؤمنون؟
- وكل هذا مُخالف لمنهاج النبوة وتعامل النبي ﷺ مع الأسرى، فهاهي وصايا رسول الله ﷺ يامن تدُعون أنّ دولتهم على منهاجه.
* قال الله تعالىٰ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾{الإنسان: 08}.
- قال ابن جرير الطبري: حَدَّثَنَا بِهِ بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ:"وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا".قَالَ: لَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِالْأُسَرَاءِ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْهِمْ ، وَإِنَّ أَسْرَاهُمْ يَوْمَئِذٍ لَأَهْلُ الشِّرْكِ.
- حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثَنَا أَشْعَثُ، عَنِ الْحَسَنِ "وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا".قَالَ: مَا كَانَ أَسْرَاهُمْ إِلَّا الْمُشْرِكِينَ.{جامع البيان في تأويل القرآن}.
• والشرك هو أعظم الجرائم.
* قال الله تعالىٰ ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم﴾{لقمان: 13}.
• كيف وقد زادوا على الشرك بحرب الله ورسولهﷺ.
- وقال الطبري: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَبِيهُ بْنُ وَهْبٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ أَقْبَلَ بِالأُسَارَى، فَرَّقَهُمْ فِي أَصْحَابِهِ، وَقَالَ: اسْتَوْصُوا بِالأُسَارَى خَيْرًا. قَالَ: وَكَانَ أَبُو عَزِيزِ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ هَاشِمٍ، أَخُو مُصْعَبِ بْنُ عُمَيْرٍ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ، فِي الأُسَارَى. قَالَ : فَقَالَ أَبُو عَزِيزٍ: مَرَّ بِي أَخِي مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَأْسِرُنِي، فَقَالَ: شُدَّ يَدَيْكَ بِهِ، فَإِنَّ أُمَّهُ ذَاتَ مَتَاعٍ لَعَلَّهَا أَنْ تَفْتَدِيَهُ مِنْكَ. قَالَ : وَكُنْتُ فِي رَهْطٍ مِنَ الأَنْصَارِ حِينَ أَقْبَلُوا بِي مِنْ بَدْرٍ، فَكَانُوا إِذَا قَدَّمُوا غَدَاءَهُمْ وَعَشَاءَهُمْ خَصُّونِي بِالْخُبْزِ وَأَكَلُوا التَّمْرَ، لِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِيَّاهُمْ بِنَا، مَا تَقَعُ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْهُمْ كِسْرَةٌ مِنَ الْخُبْزِ إِلا نَفَحَنِي بِهَا، قَالَ: فَأَسْتَحِي فَأَرُدَّهَا عَلَى أَحَدِهِمْ فَيَرُدَّهَا عَلَيَّ مَا يَمَسُّهَا.{تاريخه}.
• وأختم بكلام اللالكائيّ في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة.
- قال: «ثُمَّ إِنَّهُ مِنْ حِينِ حَدَثَتْ هَذِهِ الْآرَاءُ الْمُخْتَلِفَةُ فِي الْإِسْلَامِ، وَظَهَرَتْ هَذِهِ الْبِدَعُ مِنْ قَدِيمِ الْأَيَّامِ، وَفَشَتْ فِي خَاصَّةِ النَّاسِ وَالْعَوَامِّ، وَأُشْرِبَتْ قُلُوبُهُمْ حُبَّهَا، حَتَّى خَاصَمُوا فِيهَا بِزَعْمِهِمْ تَدَيُّنًا أَوْ تَحَرُّجًا مِنَ الْآثَارِ، لَمْ تَرَ دَعْوَتَهُمُ انْتَشَرَتْ فِي عَشَرَةٍ مِنْ مَنَابِرِ الْإِسْلَامِ مُتَوَالِيَةٍ، وَلَا أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ كَلِمَتُهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَالِيَةً، أَوْ مَقَالَتُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ ظَاهِرَةً، بَلْ كَانَتْ دَاحِضَةً وَضِيعَةً مَهْجُورَةً، وَكَلِمَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ ظَاهِرَةٌ، وَمَذَاهِبُهُمْ كَالشَّمْسِ نَائِرَةٌ، وَنُصُبُ الْحَقِّ زَاهِرَةٌ، وَأَعْلَامُهَا بِالنَّصْرِ مَشْهُورَةٌ ، وَأَعْدَاؤُهَا بِالْقَمْعِ مَقْهُورَةٌ، يُنْطَقُ بِمَفَاخِرِهَا عَلَى أَعْوَادِ الْمَنَابِرِ، وَتُدَوَّنُ مَنَاقِبُهَا فِي الْكُتُبِ وَالدَّفَاتِرِ، وَتُسْتَفْتَحُ بِهَا الْخُطَبُ وَتُخْتَمُ، وَيُفْصَلُ بِهَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَيُحْكَمُ، وَتُعْقَدُ عَلَيْهَا الْمَجَالِسُ وَتُبْرَمُ، وَتَظْهَرُ عَلَى الْكَرَاسِيِّ وَتُدَرَّسُ وَتُعَلَّمُ. وَمَقَالَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ لَمْ تَظْهَرْ إِلَّا بِسُلْطَانٍ قَاهِرٍ، أَوْ بِشَيْطَانٍ مُعَانِدٍ فَاجِرٍ، يُضِلُّ النَّاسَ خَفِيًّا بِبِدْعَتِهِ، أَوْ يَقْهَرُ ذَاكَ بِسَيْفِهِ وَسَوْطِهِ، أَوْ يَسْتَمِيلُ قَلْبَهُ بِمَالِهِ لِيُضِلَّهُ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ؛ حَمِيَّةً لِبِدْعَتِهِ، وَذَبًّا عَنْ ضَلَالَتِهِ؛ لِيَرُدَّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، وَيَفْتِنَهُمْ عَنْ أَدْيَانِهِمْ بَعْدَ أَنِ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ طَوْعًا وَكَرْهًا، وَدَخَلُوا فِي دِينِهِمَا رغْبَةً أَوْ قَهْرًا، حَتَّى كَمُلَتِ الدَّعْوَةُ، وَاسْتَقَرَّتِ الشَّرِيعَة».