الرد على مقولة المرجئة الجهمية بأن تضليل من نشر الضلالات والكفريات في كتبه ودروسه: "فقد أشغل نفسه بالآخرين"!

 

 

 
 
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
 
- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
 
من صفات المتشددين الذين يشغلون أنفسهم بالآخرين، والصلابي الليبي الذي نشر هذه المقولة (سنعرفك بحقيقة حاله بإذن الله) وهو مرجئ جهمي قد أطلق قاعدة الذم هذه (لكل من أشغل نفسه بالآخرين) حسب تعبيره دون أن يفصل أو يقيد كلامه بالتفريق بين أنواع الضلالات الكبرى وما دونها ودون التفريق بين من ثبت عليه الضلال بنشره وإذاعته لكبار الضلالات وبين من لم يثبت عليه الضلال يقينا أو كان مستترا مستخفيا بمعاص في خاصة نفسه.
 
والرد كالتالي:
 
- أولا: أهل التوحيد والسنة لم يشغلوا أنفسهم بالناس من باب تتبع زلات ومعاص مستترة مخفية غير معلنة؛ بل تكلمنا في هؤلاء "الضلال" بعد أن نشروا وأذاعوا كبار الكفريات والبدع في كتبهم ودروسهم، فهناك من نشر نفي العلو وأسلمة المشركين من عباد القبور وهناك من نشر طعنه وغمزه في بعض الصحابة.
 
وهذا منكر يجب (ولا نقول يستحب) على كل مسلم إنكاره وذم من تلبس به كائنا من كان، ومن أنكر هذا المسلك والمنهج وسمى هذا الإنكار والذم الواجب "إشغالا للنفس" فهو مرجئ جهمي ضال كما سنبين لك، ولا يستغرب هذا من "الصلابي الليبي" وستعرف حاله بعد قليل.
 
- ثانيا: هذا الكلام الذي قاله "الصلابي" مناقض لحديث افتراق الأمة إلى 73فرقة.
 
-> أخرج ابن ماجة في سننه (3992)، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "...وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، فِرْقَةً وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ". قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ:"الْجَمَاعَةُ".
 
* فهل تشدد النبي ﷺ وأشغل نفسه بالآخرين حين حكم على 72 فرقة بالهلاك؟!
 
* وهل تشدد وأشغل نفسه حين كفّر أعيان من كانوا من الإيمان والجهاد حين خاضوا في مزاح فخرجت منهم كلمات الكفر في تبوك؟
 
-> قال الله تعالى﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ﴾{66| التوبة}.
 
-> قال الله تعالى﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ﴾{22| المجادلة}.
 
-> قال الله تعالى﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾{51| المائدة}.
 
•-> أخرج أبو داود في سننه(4681)، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ؛ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ".
 
-> قال أبو يعلى: حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عَمْرو بن الحارث: أَنَّ رَجُلا دَعَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- إِلَى وَلِيمَةٍ، فَلَمَّا جَاءَ سَمِعَ لَهْوًا، فَلَمْ يَدْخُلْ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ كَثَّرَ سَوَادَ قَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ، وَمَنْ رَضِيَ عَمَلَ قَوْمٍ كَانَ شَرِيكًا لِمَنْ عَمِلَهُ"[رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده، ورواه علي بن معبد في كتاب (الطاعة والمعصية)، ورواه بن المبارك في كتاب الزهد والرقائق موقوفا على أبي ذر].
 
* هل في هذه النصوص وما تدعوا له من العمل والسلوك تشدد وإشغال للنفس بالآخرين؟!
 
- ثالثا: هذا مخالف لإجماع الصحابة والسلف في قرونهم الثلاثة حين أشغلوا أنفسهم بالناس (حسب تعبيره) حين كفروا المرتدين والقدرية.
 
-> أخرج الطبري في تاريخه(ج3/ص250)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَشَارَكَهُ فِي الْعَهْدِ وَالْكِتَابِ قَحْذَمٌ، فَكَانَتْ الْكُتُبُ إِلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ الْمُرْتَدَّةِ كِتَابًا وَاحِدًا:
 
«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَى مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي هَذَا مِنْ عَامَّةٍ وَخَاصَّةٍ، أَقَامَ عَلَى إِسْلامِهِ أَوْ رَجَعَ عَنْهُ سَلامٌ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى، وَلَمْ يَرْجِعْ بَعْدَ الْهُدَى إِلَى الضَّلالَةِ وَالْعَمَى، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، نُقِرُّ بِمَا جَاءَ بِهِ، وَنُكَفِّرُ مَنْ أَبَى وَنُجَاهِدُهُ أَمَّا بَعْدُ،..».
 
-> أخرج مسلم في صحيحه(08)، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ: «..فَقُلْتُ : أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ، وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ، وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ. قَالَ: "فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي،..».
 
* فهل في هذا تشدد وإشغال للنفس؟!
 
* والسلف حين ذموا أهل البدع وكفروا المتلبسين بالكفريات الكبرى هل أشغلوا أنفسهم بالناس؟!
 
- رابعا: الصلابي الليبي هذا ضمن مجموعة علماء المسلمين (زعموا) الذين أرسلوا عزاء واسترجاعا (وترحما وحزنا) في وفاة رأس الكفر "بابا الفتكان" حين هلك!
 
الظاهر أن فرارهم من "التشدد" وعدم إشغالهم لأنفسهم جعلهم يترحمون ويعزون ويظهرون التوجع والتأثر على وفاة رأس الكفر.
 
- ورئيسهم القرضاوي المترحم على رأس النصارى لم يشغل نفسه أيضا! ونائب هيئة علماء المسلمين (زعموا) هذه التي ينطوي تحتها الصلابي هذا الرافضي التسخيري والنائب الآخر إباضي خارجي تقوم عقيدته على التجهم وتضليل عثمان وعلي -رضي الله عنهما-.
 
* فهل تآخيهم في هيئة علماء المسلمين (زعموا) أَكَّدَ للصلابي الليبي وأمثاله بترك التشدد بزعمه وعدم الانشغال بالرافضي والإباضي الخارجي، ولماذا ينشغل المرجئة الجهمية بمن يطعن في الصحابة -رضي الله عنهم-؟!
 
”ولذلك شارك الصلابي في هذه الهيئة المارقة المضمنة للضلالات وهدم الولاء والبرآء لعدم إشغال نفسه وتركه للتشدد! فتطبيق هذا الكلام (التالف الإرجائي) يتنزل على الكف والسكوت عن أصحابه من الرافضة والإباضية والمترحمين على النصارى وغيرهم من أصحاب البدع الكفرية كنفي العلو وأسلمة عباد القبور لأن المبدأ لديهم عدم إشغال النفس بهؤلاء تركا للتشدد كما يزعمون!“
 
- خامسا: تأمل المفارقة والمباينة لتعلم بعدهم عن منهج السلف، نقل ستة من الأئمة المتقدمين تكفير السلف لمن شك مجرد شك في تكفير من قال "بخلق القرآن" ولم يستثنوا إلا الجاهل "ضعيف الفهم".
 
-> قال الرَّازيـــان (أبو زُرعةَ وأبو حاتمٍ) فيما نقلاهُ عن علماء الأمصارِ (حجازًا، وعراقا، ومصرًا، وشامًا، و يمنًا): "ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم كفراً ينقل عن الملة، ومن شك في كفره ممن يفهم فهو كافر".
 
* فكيف بمن شك في كفر من تلبس بشرك القبور ونفي العلو وهو كفر أشنع وأظهر وأغلظ من مقولة "خلق القرآن"؟!
 
• وتأمل تكفير السلف لمن شك مجرد شك في كفر أولئك.
 
* فكيف بمن ذم تكفير أمثال هؤلاء وسماه تشددا وإشغالا للنفس؟!
 
- سادسا: هذا الضَّال المضل الليبي نقل تعريضا و غمزا في "معاوية" -رضي الله عنه- في آخر كتابه في الدفاع عن معاوية!، واتهم "معاوية" وغمزه بأن له هنات وزلات!
 
وتأمل لم يشغل نفسه بمن تلبس بالكفريات ولكنه أشغل نفسه بالغمز في "معاوية" -رضي الله عنه- وذكر زلاته كما يزعم!
 
-> وقد نقل الكرماني في عقيدته وغيره إجماع السلف على تضليل من غمز وعرض بالصحابة -رضي الله عنهم-: "فمن ذكر أحدًا من أصحاب محمد عليه السلام بسوء أو طعن عليه بعيب أو تبرأ من أحد منهم، أو سبهم، أو عرض بسبهم وشتمهم فهو رافضي مخالف خبيث ضال".
 
-> ونقل الإمام أحمد -رحمه الله- تضليل من ذكر زلات الصحابة (مجرد ذكر) وما الحاجة لذكر ذلك (له هنات وزلات)!
 
وهذا يختلف تماما عن قولنا اجتهد فأخطأ أو عدم عصمة الصحابة أو كل يؤخذ من قوله ويرد.
 
- سابعا: يريد الإخوانية والسرورية والجامية وعموم الجهمية عدم الإنشغال والالتفات وعدم الإنكار لمن يحبونهم ويقدسونهم من المتلبسين بالضلالات والكفريات، ولكن الإخوانية والجامية والسرورية يغمزون خصومهم ويذمونهم عموما وتعيينا ويحذرون منهم!
 
- ثامنا: معنى كلامه بشأن (عدم الانشغال بالآخرين) نفهمه من خلال منهجهم الفكري وتطبيقهم السلوكي العملي وهو كالتالي:
 
-> فلان ينفي "علو الله" لا تنشغل به وتضلله فتصبح من المتشددين.
 
وهذا عين منهج الجامية والإخوانية والسرورية!
 
-> فلان يطعن في "الصحابة" لا تضلله ولا تنشغل به فتصبح من المتشددين حسب بدعتهم الإرجائية الغبية!
 
-> فلان يؤسلم "المشركين" من عباد القبور إياك أن تطبق عليه إجماع السلف فتكون ممن يشغلون أنفسهم بالآخرين وتكون من المتشددين!
 
”ومتى يكون حكمك على الآخرين من باب تتبع العورات وإشغال النفس بما لا يجوز إذا كانت زلاتهم خاصة مستترة أو غير يقينية ولا علاقة لها بنشر الكفريات أو البدع“
 
 
 هذا وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين. 
 
 

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *