كلمات مختصرة عن الإجماع وحديثنا هنا عن الإجماع الصحيح الثابت (وليس المدعى) ولاسيما عن الصحابة والتابعين وتابعيهم -رضي الله عنهم-

 
 
 
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
 
- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
 
1)- الإجماع:
 
أ/- الإجماع حجة ومصدر في فهم الشريعة والنصوص والعمل بها على الوجه الصحيح.
 
ب/-الإجماع حجة ومصدر للاحتجاج والاستدلال بهذا الفهم على المخالفين.
 
”وهذا ثابت عن السلف إجماعا كما نقل عن الصحابة الاحتجاج بما عليه فهم ومنهاج وهدي الصحابة كما نقل ذلك صريحا من قول ابن مسعود وكذلك ابن عباس في احتجاجه على الخوارج وقاله أبو الدرداء أيضا -رضي الله عنهم-، وكما نقل عن التابعين وأتباعهم كابراهيم النخعي والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد و حرب الكرماني وابن بطة وغيرهم“
 
- سواء عبروا عن الإجماع بقولهم"اتفقوا على كذا"، "بماعليه الصحابة والتابعين"، "لم يختلفوا في كذا"، "مثل قولهم اشتهر وذاع هذا القول بين الصحابة والتابعين ولم ينقل عن أحد منهم ما يعارضه ولم نعرف من قال بخلافه"، "هذا عمل الصحابة"، "لو رأيت الصحابة يفعلون ذلك ما خالفته".
 
أو غير ذلك من الصيغ والتعبيرات الدالة على الاستدلال والاحتجاج بفهمهم ومنهاجهم وهديهم المنسوب لهم على صفة الجمع والتعميم لا التبعيض والآحاد، وهذا هو مفهوم ومعنى الإجماع.

والنصوص و الآثار الدالة على ذلك وكذلك الإجماعات في هذه المسألة تجدها مبثوثة في:
 
أ/- كتب السنة كالالكائي والإبانتين لابن بطة والشريعة للآجري والخلال وعبد الله وذم الكلام للهروي والسنة لحرب وكذلك في ردود الدارمي وفي كتب الشافعي كالرسالة.
 
ب/- وتجد التصريح بذلك أيضا ضمن عقائد أئمة السلف والعلماء ومن ينسب لهم التي نقلوا عليها الإجماع وأجمع كتاب جمع ماتفرق من هذه العقائد كتاب "الجامع في عقائد ورسائل أهل السنة والأثر" لعادل الغامدي.
 
ج/- وتجد النقول والاحتجاج بشأن ذلك في كتاب إعلام الموقعين.
 
د/- كتاب حجية فهم السلف للدميجي الطبعة الأخيرة المزيدة المضافة. 

2)- الإجماع الصحيح الثابت ولاسيما إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- يبنى ويؤسس إما على:
 
← نصوص صريحة.
 
← أو يبنى الإجماع على فهمهم وتفسيرهم لنصوص شرعية؛ يظنها البعض حسب فهمه للشريعة أو حسب بعض محامل ومعاني اللغة أن ظاهرها يدل على الإطلاق وهي في الحقيقة مقيدة وليست مطلقة أو قد يظن البعض أنها عامة وهي في الحقيقة خاصة (مخصصة).
 
وهذا هو حقيقة فهم وتفسير الصحابة -رضي الله عنهم- وليس هذا من باب التشريع وتخصيص وتقييد نصوص الشريعة كما ادعى النظامية ومن تأثر بمنهاجهم في هذه المسألة من المنسوبين للتوحيد والسنة.

3)- وعلى ما سبق بيانه فلا يجوز إطلاق مقولة الإجماع مصدر للتشريع.

4)- الإجماع مصدر لأمرين:
 
- الأول: مصدر لفهم وتفسير الشريعة والتشريع والنصوص وصحة العمل بها.
 
- الثاني: الإجماع مصدر للاحتجاج والاستدلال على المخالفين في فهم الشريعة والنصوص.

5)- بعض النصوص الشرعية عامة أو مطلقة (حقيقة) وتخصص وتقيد بغيرها من النصوص، وبعضها هي بذاتها وحقيقة معناها مقيدة مخصصة ولا تدل حقيقة على التعميم والإطلاق حتى وإن أوهم ظاهرها ذلك حسب فهم البعض؛ وحديث «إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ بَعْدِي أَثَرَةً...» عام أغلبي و لا يلزم تعميمه وإطلاقه على كل عهد وزمن وحاكم وخليفة...
 
- ولمعنى التخصيص والتقييد معنيان لم يتنبه لها البعض؛ وهذا ماسبب خلطا وتضليلا، لأن البعض جعل التقييد والتخصيص صورة وحالة واحدة فقط ومنع إطلاقها على بعض الصور والحالات (مع أن هذه إصطلاحات لتقريب العلم والفهم لا إشكال فيها إذا صح معناها وتفسيرها ولا مشاحة في الاصطلاح) ثم رتبوا على ذلك أن التخصيص والتقييد لا يقوم إلا بنص تشريعي آخر من قول الله ورسوله ﷺ ونفوا أن يكون النص بذاته يراد به التخصيص والتقييد ونفوا أن يأتي ذلك التخصيص والتقييد بفهم وتفسير الصحابة مثلا لأن حقيقة معنى ذلك النص ليس عاما ولا مطلقا وإن توهم البعض منه ذلك ثم رتبوا على ذلك أن التقييد والتخصيص بغير الكتاب والسنة تشريع مع الله وكَفَّرُوا من قال بأن فهم وتفسير الصحابة يقيد ويخصص بعض النصوص؛ وكما قلنا بأن هناك من نصوص الشريعة ما هو عام مطلق يشتمل على أحكام لبعض المسائل والحالات ويحتاج لغيره من النصوص لتخصيص وتقييد بعض الحالات والمسائل، وهناك نصوص هي بذاتها وحقيقة معناها لا تدل على التعميم والإطلاق وإن أوهم ظاهرها خلاف ذلك فهي بذلك يراد بها معنى خاص ومقيد.
 
- فإذا علمنا أن من نصوص الشريعة ماهو (بذاته وليس بغيره من النصوص) مخصص مقيد في أصل معناه وسببه ولا يدل على التعميم والإطلاق حسب فهم وتفسير الصحابة لهذا النص.
 
”فإذا علمنا ذلك فمن قال بهذه المقولة التالية مفسرا مبينا لكلامه بأن قول الصحابة وتفسيرهم وفهمهم لبعض النصوص (الموهمة لدى البعض بالتعميم والإطلاق) هو من باب التقييد والتخصيص لهذه النصوص لأن الصحابة فهموا وفسروا أن أصل حقيقة هذه النصوص ومعناها ليس مطلقا ولا عاما في أصل معناه وسياقه وسببه وإن بدا ظاهره عاما مطلقا لدى البعض لأن حقيقة النص بذاته ليس مطلقا ولا عاما حسب فهم وتفسير الصحابة -رضي الله عنهم-“

أقول فمن قال بذلك التخصيص والتقييد بهذا التفسير والمعنى والتفصيل؛ لا يجوز أن يوصف بأنه قد جعل الصحابة مُشرِّعين من دون الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وعليه فلا يجوز وصفه بالضلال.

6)- كل لفظ موهم ملتبس في أصله أو في فهم المخاطبين لغلبة الجهل وقلة الفهم فالواجب اجتنابه حتى لو سلمنا أنه صحيح في أصله ومعناه، وذلك مندرج في تحديث الناس بما يعقلون وقول علي وابن مسعود صريح في المسألة «حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ».

وعلى ذلك فلا يجوز إطلاق هذه القاعدة (تقييد وتخصيص النصوص بأقوال الصحابة والسلف) ونستبدلها بالواضح البين وهو حجية فهم وتفسير وإجماع الصحابة والسلف للنصوص وحجية ذلك في الاستدلال والاحتجاج على المخالفين.

7)- وجوب تضليل ومناصحة أدعياء التوحيد السنة المتأثرين بالنظامية القائلين بعدم حجية (إجماع) (وفهم وتفسير) الصحابة والسلف في قرونهم المفضلة للنصوص، وتضليل هؤلاء الخلوف لأمور لمخالفتهم لصريح معنى أحاديث أفضلية وخيرية القرون الثلاثة ولمخالفتهم لآثار الصحابة والسلف ولمخالفتهم لإجماع السلف الدال على حجية فهم وتفسير الصحابة والسلف وكذلك لمخالفتهم لإجماع السلف بحجية إجماع واتفاق الصحابة والسلف.

8)- من قال بأن حجية فهم وتفسير وإجماع الصحابة والتابعين تشريع من دون الله فهو جاهل خارجي مارق نظامي محترق.

 
 وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين. 


 

Contact Form

Name

Email *

Message *