فائدة عزيزة في مسألة تحديد السفر المبيح لرخص السفر من قصر وفطر وغيره، لم ينبه عليها أحد حسب علمي.




فائدة عزيزة في مسألة تحديد السفر المبيح لرخص السفر من قصر وفطر وغيره، لم ينبه عليها أحد حسب علمي.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
• بدعية وضلالة القول المحدث في مسافة القصر والفطر للمسافر، الذي خرج عن أقوال السلف بقول ثالث محدث لم يسبق إليه، حيث إن النصوص والآثار القولية والعملية مع كثرتها وتعددها لم تخرج عن قولين.
- الأول: إما تحديد السفر بالمدة الزمنية ومايلتحق بها وماهو في معناها من السفر الموجب لأخذ الزاد لطول مدته نسبيا.
- الثاني: تحديد السفر بالمسافة المكانية.
فاستحدث بعض المتأخرين "قولا ثالثا" كابن حزم في القرن الخامس الهجري وابن تيمية في القرن الثامن، وتظهر بدعية وبطلان هذا القول وفساده من خمسة أوجه:
1- لكونه قولا محدثا لم يسبقوا إليه.
والقاعدة الشرعية المقررة بعدم جواز مخالفة إجماع السلف في قرونهم المفضلة باستحداث قول لم يقله أحد منهم.
- وقد وجب على الأمة متابعة فهم السلف في قرونهم المفضلة بنص الحديث؛ الصحابة ومن تبعهم بإحسان من التابعين وأتباع التابعين ويلتحق بهم الجيل الرابع -جيل الشافعي وأحمد وابن راهويه- لأربعة أسباب:
أ/- لورود الشك بإلحاق ذلك الجيل بتلك القرون المفضلة في بعض الروايات، والتفضيل والخيرية مشروطة باتباعهم للصحابة باحسان.
ب/- ولأن الأئمة اتفقوا بإلحاق أقوال أئمة الجيل الرابع بأقوال أئمة القرون المفضلة الثلاثة من جهة الاحتجاج بفهمهم وشرحهم للنصوص ولاسيما في مسائل السنة.
وهذا ظاهر في كتب السنة للمتقدمين كعبدالله بن أحمد وحرب الكرماني والخلال واللالكائي والعكبري والآجري وغيرهم.
ج/- ولكونهم تلامذة جيل أتباع التابعين وناقلوا علمهم وفهمهم وهم حلقة الوصل بينهم وبين أجيال الأمة.
د/- ولإجماع الأمة على علم وفضل أئمة هذا الجيل الرابع كالشافعي وأحمد وابن راهويه.
2- ويتحقق فساد وبطلان وبدعية هذا القول المحدث لكون الأخذ به يلغي ويعارض صريح فعل النبي ﷺ ويعارض صريح قول وعمل كثير من السلف لأن هذا القول يبطل القصر في مسافة مائة كيلو! وقد قصر فيما هو دونها النبي ﷺ وأصحابه وسلف الأمة بعدهم -رضي الله عنهم أجمعين-.
3- لكون النصوص والآثار و تفسير السلف وبيانهم في هذه المسألة معلوم مشهور لايخفى على هذين وغيرهما، وهذا مما يؤكد وصف هذا بالإحداث.
وهذا القول الذي استحدثاه حين زعما أن الصحيح في السفر المجيز للقصر هو مجرد العرف فماسمي سفرا فهو سفر تجوز معه رخص السفر وما لم يسم سفرا عرفا فلايجوز الترخص برخص السفر فيه
- وفي هذا الزمان ولاسيما في كثير من البلاد الغنية وأشباهها ذات الطرق الواسعة المريحة والسيارات الخاصة لايسمى من سافر لمسافة 100 أو 120 مسافرا لأن الناس في تلك البلدان تعارفوا على عدم تسمية تلك المسافة سفرا، مع ورود النصوص الصريحة عن النبي ﷺ بالقصر في تلك المسافة ودونها وكذلك جاءت الآثار عن ابن عباس وغيره بالقصر فيما هو مثل ذلك ودونه.
4- ولكون هذا القول قد بني على مجرد الرأي المحض دون حجة شرعية معتبرة.
5- ولكون الأخذ بهذا القول المحدث يمنع من العمل بصريح النصوص والآثار الواردة (في الترخص برخص السفر) في كثير من الأسفار التي وردت الرخصة فيها، بسبب هذا التفسير والفهم المبني على الرأي المحض دون حجة شرعية معتبرة.
- وأما تعليلهم بأن مرد وسبب اختلاف تحديد مدة ومسافة السفر بين السلف هو اختلافهم في العرف، ولذلك فالسفر المبيح للقصر والفطر خاضع للمعنى العرفي!
فنقول هذا باطل وغيرصحيح من جهتين:
- الأول: أن المختلفين في نفس العصر والزمن وفي نفس البيئة وبينهم تواصل ولهم نفس الظروف والأحوال فمن أين يأتي اختلافهم في العرف في مفهوم السفر المبيح للقصر؟!
- الثاني: أن مصدر تلقيهم العلم والفهم واحد وهي الأحاديث المرفوعة والموقوفة، فمن أين يأتي اختلاف العرف بينهم بشأن ذلك؟!
ولذلك وجب التنبيه على بدعية وبطلان هذا القول المحدث الذي ادعى كثير من المعاصرين ترجيحه على صريح ما ورد في النصوص والآثار.

 وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين. 


Contact Form

Name

Email *

Message *