بعض الشروط التي ينبغي اشتراطها على من يوافقنا في قاعدة السلف "بتكفير العاذر".

 
 
 
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
 
- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
 
بعض الشروط التي ينبغي اشتراطها على من يوافقنا في قاعدة السلف بتكفير العاذر في كبار الكفريات كبدعة "الجهمية الخلقية" وأمثالها وما فوقها (كأتباع الحازمي والمرضي)، ويخالفنا في تكفير بعض أعيان المشهورين بالعلم والإمامة من القرن السابع إلى يومنا هذا ممن عذروا بعض أعيان "المشركين" من عباد القبور ونفاة العلو.
 
- وقد حصرنا الاشتراط والإلزام بالعاذرية من العلماء ولم نذكر الجهال العامة من (ضعاف الفهم والإدراك) مع عدم عذر الجاهل العاذر لعباد القبور، ولكنا خصصنا العلماء دون الجهال لأن هؤلاء يعذرون إن عذروا في خفي المسائل الملتبسة عليهم.
 
ولذلك فنحن نطالب أحد هؤلاء المضطربين المتناقضين إن كان يريد الحق ويبتغيه أن يرد علينا برد علمي مؤصل تتحقق فيه كل هذه الصفات:
 
1/- إن يكون الرد خاليا تماما من العواطف والتقديس، ودعوى المرجئة الجهمية بلا يعقل ولا يمكن!
 
2/- وبشرط خلوه وخلو لوازمه ومآلاته من التناقض والانتقائية.
 
3/- وبشرط عدم التفريق العقلي العاطفي بين المتفقات والجمع بين المتضادات.
 
4/- وبشرط الإتيان بأدلة وآثار صريحة غير محتملة في عذر وعدم تضليل العالم إذا تلبس بكبار الضلالات بعد بلوغ صريح الأدلة والآثار والإجماع.
 
5/- وبشرط البيان بالأدلة الصريحة أن بلوغ تفاصيل حجة الله على عبده بما آتاه من علم وفهم غنم له أو غرم عليه إذا واقع كبار الضلالات!
 
6/- وبشرط عدم الاستدلال بالمحتمل (غير الصريح) فالاحتمال المعتبر يبطل الاستدلال.
 
7/- وبشرط عدم الاستدلال بمن واقع صغار الضلالات غير الكفرية أو بمن واقع ضلالة قبل اليقين ببلوغ صريح الأدلة له.
 
8/- وعدم الاستدلال بمن أثبت "الصفة لله" صراحة كصفة (رؤية الله بالأعين) ولكنه أخطأ في تفسير بعض أدلتها كآية "القيامة" لعدم دلالتها صراحة على الصفة عنده.
 
فهذا لا يصح وصفه بنفي صفة الرؤية ولا يصح إدراجه فيهم؛ وعلة ومدار ومناط التكفير "لنفاة الرؤية" هو نفي الرؤية المصادم المناقض المكذب لصريح النصوص الدالة على الرؤية، ومن أثبت الرؤية لله تصريحا ولم يعرف عنه نفيها ثم أخطأ في تفسير الآية ولم يدرجها في أدلة الإثبات فلا يصح تكفيره ومساواته بمن نفى الرؤية وهو يثبتها صراحة "كمجاهد" -رحمه الله- الذي أثبت الرؤية صراحة ونقل أحاديثها وأخطأ تفسير آية "القيامة".
 
9/- وبشرط عدم الاحتجاج بدعوى (إجماع المتأخرين) بعد القرون المفضلة على تزكية بعض المنسوبين للعلم من المتأخرين من القرن السابع إلى الآن.
 
وهذه دعوى كاذبة غير متحققة وعليها وعلى أمثالها يتنزل قول الإمام أحمد -رحمه الله- في تكذيب مدعي الإجماع؛ وذلك لعدم القدرة على حصر ومعرفة "أهل السنة" على امتداد تلك القرون فضلا عن معرفة ما قاله جميع علمائهم في جميع بلاد المسلمين وأقاصيها، وعلى ذلك فالعجز وعدم تحقق وثبوت إجماعهم من باب أولى.
 
- ومن أمثلة ذلك تلك القرون الثلاثة القرن "التاسع" و"العاشر" و"الحادي عشر" الهجري التي كانت الشهرة والذيوع فيها لعلماء (الضلال والبدعة والتجهم) ولكنها لا تخلو من الفرقة الناجية ومع ذلك لا نعرف أعيان عشرة من العلماء على امتداد تلك القرون الثلاثة يخالفون الأشاعرة والصوفية الطرقية والمذهبية المتعصبة في تفاصيل بدعهم وكفرياتهم، ومن ثبت عنه مخالفتهم في مسائل فلا يلزم أنه خالفهم في كل ضلالة وقد رأينا من "الحنابلة" من جمع بين أقوال أهل السنة في مسائل وأقوال (الأشاعرة الجهمية) في مسائل أخرى.
 
> فهل عدم معرفتنا بمن خالف الأشاعرة الجهمية والصوفية في كل ضلالاتهم يبطل ما نعلمه من حق يخالف ما عليه عامة من ينسب للعلم آنذاك؟!
 
ولا تصح دعوى انعقاد (إجماع للمتأخرين) يخالف صريح إجماع السلف القولي والعملي، ولو ادعى أحدهم كذبا تحقق إجماع المتأخرين، فكيف يستطيع إثبات أن جميع هؤلاء المجمعين لم يخالفوا السلف ويتلبسوا ببدعة مفسقة أو مكفرة؟!
 
10/- ويشترط الإجابة الصريحة الواضحة عن سؤال وحجة المرجئ الجهمي التالي عليهم:
 
> لماذا نضلل التابع المقلد الأقل علما وترميه بالإرجاء والتجهم في مسائل ونجعل تضليلنا لهم من التوحيد والسنة وعين متابعة السلف، بينما نؤمم ونقدس من قال بمثل أقوالهم وأشنع منها في الأعيان مع أن حجة الله عليه لعلمه أتم وأكمل في عموم العلم وتفاصيله؟!
 
> ومتى كان العلم رافعا للملامة عن شخص في ضلالة كبرى بينما (جهل مقلده وتابعه أو ضعف ونقص علمه) سببا للتضليل في ذات المسألة؟!
 
> وهل السلف فيهم (نزعة خارجية) وغلو ونقص ورع وضعف تدين حين كفروا وضللوا بعض العلماء في مسائل خفية ملتبسة حادثة "كاللفظ والوقف" إذا ما قورنت ببدع وضلالات بعض العلماء المتأخرين من القرن السابع ممن ينسبون للسنة؟!
 
> وهل الصحابة -رضي الله عنهم- (غلاة غلاظ) حين كفروا أهل العلم ممن اللتبس عليهم تقدير الأعمال والمعاصي على العباد لشبهة وتأويل؟!
 
11/- وهذه قاعدة هامة يجب أن تستحضرها عند ردك وتأصيلك وهي:
 
أن الله قد جعل برحمته وحكمته مسائل التوحيد الكبرى ظاهرة جلية وليست خفية ملتبسة تحتاج لشرح وبيان كغيرها كخفي وصغار المسائل الفقهية.
 
12/- وهنا قاعدة علمية أخرى يجب استحضارها قد خلط بشأنها الكثير وهي:
 
مسائل الإجماع البينة الواضحة الجلية ولا سيما في كبار مسائل التوحيد لا يتوقف العمل والأخذ بها على معرفة من وافقها وقال بها من المتأخرين.
 
- فلا يصح اشتراط معرفة أعيان من قال بقولي من "العلماء المتأخرين" على امتداد القرون ولم يتعبدنا الله بذلك، لأن الشرط موافقة النصوص بفهم السلف الذي نجده في إجماعهم (القولي والعملي التطبيقي) وكذلك فهذا المحتج بهذه المغالطة والشبهة يدعي أنه على الحق فيما يراه من مسائل يخالف بها "جهمية الأشاعرة" و"الصوفية" مع أنه لا يستطيع الإتيان بأسماء (عشرة علماء) فقط يوافقونه على تفاصيل مخالفة عقائد الأشاعرة والصوفية خلال ثلاثة قرون التاسع والعاشر والحادي عشر الهجري.
 
> فهل جهله وعدم معرفته بأسماء أعيان من وافقه من (علماء السنة) في تلك القرون يبطل ما يقول به من الحق الموافق للنصوص وإجماع السلف؟!
 
> وهل نقول له إن عملك بالسنة والتوحيد في تلك المسائل متوقف مرهون بمعرفة من وافقك من أعيان علماء السنة على امتداد القرون؟!
 
- ولو أن رجلا نشأ بين علماء "الإباضية الجهمية" ولا يعرف إلا الطعن في علي وعثمان -رضي الله عنهما- والقول "بخلق القرآن" ولكنه حين قرأ القرآن وقرأ آثار القرون الثلاثة المفضلة خالف "الجهمية الإباضية" وقال بالحق وتولاهما وطعن وضلل من يطعن فيهما، وقال بأن القرآن "كلام الله غير مخلوق".
 
> فهل نقول له لا يحق لك متابعة النصوص وآثار السلف في "قرونهم المفضلة" حتى تعرف أعيان وأسماء من وافقك وقال بذلك من علماء السنة المتأخرين بعد القرون المفضلة؟!
 
فإن قلت بهذا الشرط هلكت وضللت وتزندقت وإن قلت لا يلزم ذلك ولم يتعبدنا الله بهذا لأن الله تعبدنا باتباع النصوص بفهم "القرون الثلاثة المفضلة" بطلت حجتك وشبهتك، ورجعت لعدم اشتراط ذلك.
 
والشروط والقواعد التأصيلية قبل كل حوار ورد مدعاة لضبط المجادل وعدم حيدته وتقييد له بالمسألة ونقطة البحث والحوار وعدم الخروج عنها، وهي سبب رئيس للاحتراز من الفهم الخاطئ لاستدلالك وتأصيلك للمسألة والاحتراز من سوء استدلاله وسوء فهمه للأدلة والمسألة ذاتها ولوازمها ومآلاتها لاختصار الحوار ونفعه وعدم تشتته وسبب لنقض وسد شبهات الخصم وإلزامه، وحبذا لو تجمع أمثال هذه الضوابط بشأن كل مسألة بصفة خاصة وكل حوار بصفة عامة وكل ما اقتربت المناهج أو توافقت في كثير من المسائل والأصول سهل وضع الضوابط وقل عددها، ومدار هذه الضوابط والمنطلقات للحوار متعلقة:
 
أ/- بالمسألة ذاتها ومنزلتها وتوصيفها ودرجتها وضوابطها وشروطها وتفصيلاتها ومحترزاتها دفعا لما يشتبه بها من مسائل.
 
ب/- الاحتراز من سوء الفهم للمسألة ومآلاتها.
 
ج/- ضوابط لاستباق الرد والنقض للردود والاحترازات من شبه المخالف واعتراضاته على المسألة ذاتها من جهة وعلى ردوده واعتراضاته على ما نورده من أدلة واستدلالات من جهة أخرى.
 
د/- ضوابط وشروط تحد من إيراده للأدلة التي لا علاقة لها بقوله ولا تصلح دليلا على رأيه، ببيان قواعد تدل على بطلان حججه وضعف استدلاله وتفنيدها استباقا.
 
هـ/- ضوابط لمحاكمته بما يعتقده والاحتجاج عليه بما يقره من أصول وقواعد وتأصيلات يحتج بها على مخالفيه في مسائل أخرى وهذه تحتاج سرد ضوابط شاملة للمناهج والأفكار حسب اختلاف مناهجها وقربها وبعدها من السنة، (فالإخواني) غير (الجامي) و (السروري) و(القتاليين) كالقاعدة ونحوهم و(الحازميين) و(مقلدي المدرسة النجدية القديمة) المسماه بالوهابية، والأولى شمول الضوابط لكل هؤلاء وإدانتهم بما يعتقدونه.
 
و/- ذكر لوازم حقيقية للمآلات الفاسدة لأقوالهم وما يلزم منها.
 
ز/- ضوابط لبيان بطلان وعدم لزوم ما ألزموا به أهل السنة من لوازم باطلة غير صحيحة.
 
ح/- تستخرج هذه الضوابط بتأمل كل الردود من أهل السنة وغيرهم على بعض الشبه والأفكار المنحرفة ومن قراءة حجج المخالفين واعتراضاتهم مع مراعاة ماسبق آنفا.
 
وقد ذكرنا ضوابط ترد على من:
 
> يمجد (سيئ قطب) وينكر تكفيره بينما يكفر من هو أقرب منه للحق مع كفره أيضا وذلك في رسالة عن (قطب) هذا حين بَيَّنا عدم صحة تراجعه عن بعض كفرياته وعدم ثبوت مخالفته لقومه في بعض الكفريات.
 
> وذكرنا ضوابط وشروط لإبطال شبه واستدلالات (الجهمية التيمية) من أدعياء السلفية.
 
> وضوابط لمحاصرة من يحصر التوحيد والتكفير ببعض مسائل الحاكمية والموالاة دون غيرها مما يساويها أو أشنع وأغلظ منها من بعض الكفريات.
 
> وضوابط لإلزام "الحدادية" و"الحازمية"، وأقربهم للحق مع ضلالهم من ينسب للعلم من مقلدي الحازمي وخالد المرضي الغامدي ونحوهم.
 
أسأل الله أن يشرح صدورنا للحق وأسأله سبحانه أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، والسنة غريبة عزيزة ونحن في آخر الزمان وقد شعر واشتكا "الثوري" و"ابن المبارك" -رحمهما الله- من الغربة وغيرهما قبل سنة 169هـ، فكيف بزماننا والله المستعان؟! والحجة في نصوص الوحي وإجماع السلف.
 
 
 وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين. 
 
 
 

Contact Form

Name

Email *

Message *