تَفْرِيقٌ هَام بَيْنَ دعائين فِيهمَا ذِكْرُ الْاِسْتِغْنَاءِ عَنِ النَّاسِ.




تَفْرِيقٌ هَام بَيْنَ دعائين فِيهمَا ذِكْرُ الْاِسْتِغْنَاءِ عَنِ النَّاسِ.


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
أحدهما يجتنب لمخالفته لسنن الله في الكون والآخر دعاء مشروع مسنون وما يلتحق به من الأدعية المباحة في مثل معناه:
- الأول: الدعاء ب «اللَّهُمَّ اكْفِنِي بحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ» ورد في الترمذي وهو من أسباب قضاء الدين، وقريب منه "اللهم أغنني عن الناس" لحديث عن المؤمن «وَاعْلَمْ أَنَّ شَرَفَ المُؤْمِنِ قِيَامُهُ بِاللَّيْلِ، وَأَنَّ عِزَّهُ فِي اِسْتِغْنَائِهِ عَنِ النَّاسِ» رواه الطبراني بسند حسن، وقريب مما سبق «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ».
وهذه أدعية طيبة مباركة تحقق لك المقصود بإذن الله.
- الثاني: الدعاء بأن "لا يحوجك الله لأحد من خلقه!"، وهنا ذكر الخلق جميعا ولم يقيدها بالناس.
وهذا هو الفرق وموطن الخلل.
- ويروى عن أحمد كراهته لأنه دعاء بالهلاك لأنه لابد للحي من الحاجة للخلق ومما تحتاجه النوم والطعام والشراب والهواء والشمس والليل...الخ.
- وهو خلاف سنن الله في الكون، وإن كان الداعي يقصد به الاستغناء عن الناس،فالمعنى صحيح ومطلوب ولكن اللفظ فيه مصادمة لسنن الله فيجتنب قول ذلك وليدع بما سبق بيانه وأمثاله وغيرها من الأدعية الواردة في النصوص الشرعية.
ومما يذم من الدعاء أن يدعو بما لم يثبت في النصوص ولم يثبت عن الصحابة -رضي الله عنهم- مع مصادمته لسنن الله ومصادمته للمباح المعين على الطاعة وراحة النفس ومصادمته لطبيعة الإنسان السوي.
ومن أمثلته أن يدعو ويعمم دعاءه بذهاب شيء دون تقييد أو استثناء مع حاجته إليه شرعا وقدرا وطبيعة وفطرة وهذا الشيء فيه وجه للخير ووجه للشر، فمن دعا بذهابه كله دون تقييد فقد خالف الشرع وخالف الفطرة:
- ومن ذلك الدعاء بقطع الأمل وأن يزيل الله منك الأمل لما ورد من ذم من ألهاه الأمل ﴿وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ۖ ٌ﴾{ الحجر|3 }.
وهذا فهم خاطئ لأن الذم يتناول:
1/- نوع من الأمل المحرم.
2/- توظيف واستخدام وطريقة استعمال -هذا الأمل حتى لو كان في أصله مباحا- كأن يكون هذا الأمل مله لك عن الخير في الدين والدنيا.
ولذلك فقد ورد في البداية والنهاية ما دعا به بعض المتقدمين من العباد والرواه وهو "مفضل بن فضالة" بأن يذهب الله عنه الأمل، فلما ذهب عنه لم يهنأ بعيش ولابشيء من الدنيا، فسأل الله مرة ثانية أن يرد الأمل له فرده الله له فرجع لحاله.
- وأما إذا كان الأمل في الخير والمباح و (دون تعلق ودون تله به بحيث لايشغلك عما ينبغي لك في الدين والدنيا) فهذا محمود ومثاله أن تأمل بأن يرزقك الله في مستقبل أيامك زيادةالخير في الدين والدنيا، والتيسير والتفريج والسعادة، فهذا أمل محمود وهو من التفاؤل المرغب به شرعا وهذا مما تطيب به نفسك وتهنأ به حياتك.
وهذا الأمل يتوافق مع الشرع وأصل طبيعة الإنسان وما فطر عليه.


 وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين. 


 

Contact Form

Name

Email *

Message *