معنى ما نقله الكوسج في مسائله من قول إسحاق "لايدعه إلا جهمي أوضعيف رأي" عمن (يدع) ما ورد في رؤية الله وصفة النزول والصورة والقدم ونحوها من الصفات.




معنى ما نقله الكوسج في مسائله من قول إسحاق "لايدعه إلا جهمي أوضعيف رأي" عمن (يدع) ما ورد في رؤية الله وصفة النزول والصورة والقدم ونحوها من الصفات.


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
قال إسحاق بن منصور بن بهرام أبو يعقوب الكوسج المروزي: قلت لأحمد -رضي الله عنه-: "ينزل ربنا -تبارك وتعالى اسمه- كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الأخير إلى سماء الدنيا" أليس تقول بهذه الأحاديث و"يرى أهل الجنة ربهم عز وجل" "ولا تقبحوا الوجه فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته" يعني صورة رب العالمين، و "اشتكت النار إلى ربها عز وجل حتى يضع الله فيها قدمه" و "إن موسى عليه السلام لطم ملك الموت عليه السلام"؟
قال الإمام أحمد: كل هذا صحيح.
قال إسحاق: كل هذا صحيح، ولا يدعه (وفي لفظ، لاينكره) (وفي لفظ، لايدفعه) إلا مبتدع أو ضعيف الرأي.
[إسحاق الكوسج ,مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه ,9/4676].
- فهذا جواب مختصر لسؤال واستشكال من بعضهم حول شبهة يرددها الجهمية العاذرية حين عجز المرجئة الجهمية العاذرية -من أدعياء السنة والسلفية وغيرهم- عن الاستدلال بصريح النصوص والآثار وأفلسوا من ذلك عمدوا لمخالفة المحكمات بالاستدلال بنصوص وآثار ليس لها علاقة بنقطة البحث واستدلوا بنصوص وآثار محتملة غير صريحة ومتشابهة مخالفة للأصل المحكم الذي تواردت عليه النصوص والآثار.
ليصلوا بذلك لإعذار وتأميم أعيان العلماء الذين تلبسوا "بكبار الكفريات" بعد بلوغ صريح النصوص والاثار لهم حتى لوكانت في مسائل فطرية قد أقام الله فيها الحجة بعدة أمور بما أودعه الله في الفطر والعقول حين عرف الله عباده بنفسه وهم في عالم الذر وبما جعله في فطرهم وعقولهم ثم زاد الله الحجة على عباده بما أقام الله على ذلك من الأدلة السمعية الخبرية كوحدانية الله وإفراده بالعبادة وكعلوه وارتفاعه وفوقيته على خلقه، وبعد ذلك يعذر الجهمية هؤلاء أعيان العلماء الذين لايثبتون "علوالله" حتى بعد بلوغ مئات النصوص الصريحة لهم في هذه المسألة الفطرية أصلا، بل عذروا أعيان من يعبد القبور والأموات منهم فعذروا "البكري" ولم يكفروه مع تجويزه دعاء غيرالله وتسميته الشرك توسلا وعذروا أعيان الحلولية الزنادقة وهم من المنسوبين للعلماء والقضاة! وعذروا "الهيتمي" مع تجويزه للشرك الأكبر في شرح البردة وغيره!
وبعضهم كفر أعيان بعض هؤلاء العلماء بأعيانهم ولكنه بهذا التكفير لم يخرج بتكفيره لهم من إرجاء الجهمية!
- لماذا؟! لأنه قد عذر العالم الذي عذر أعيان هؤلاء المشركين والعلماء الحلوليةالجهمية والجهمية ممن لم يثبت علو الارتفاع والفوقية، والسلف أجمعوا على تكفير من عذر في دون ذلك كمسألة "خلق القرآن" ونقل إجماعهم ستة من المتقدمين كالرازيين وحرب الكرماني...
والإعذار في بعض المسائل (وليس جميعها فتنبه) محصور مقصور "للجاهل العامي" الذي لايفهم.
وهؤلاء الجهمية عذروا حتى العالم حتى لو بلغته صريح و تفاصيل الأدلة والآثار وحتى لو كان كفره في العقائد الفطرية وفي أصل التوحيد وأصل الدين وأصل معرفة الله!
- أولا: القاعدة الأولى في الرد على أي شبهة بعد الاستعانة بالله أن تستحضر الأصل الذي تواردت عليه النصوص والآثار في المسألة والباب واحذر أن تبطل الأصل وتنقضه بأفراد النصوص والآثار والمشتبه المحتمل منها.
- ثانيا: أن تبني جزءا من ردك على التنبه و التركيز على أن استدلال المبتدعة ومتبعي الشبهات فيه خلل أصيل في فهم النص وتحريفه إما من جهة تحريف بعض ألفاظه أو تحريفه من جهة المعنى وتحميله مالا يحتمل، وجعلهم المحتمل المشتبه نصا صريحا لما يؤيد هواهم وبدعتهم وهو في الحقيقة ليس كذلك.
-ثالثا: ومما سبق من معرفة الأصل في الباب والمسألة نعلم ماتواردت عليه الآثار القولية والعملية في تضليلهم لأعيان العلماء الذي تلبسوا بكبار الضلالات بعد بلوغ صريح النصوص والآثار كتأويل وتحريف وتعطيل بعض الصفات كالرؤية والنزول والصورة والقدم وغيرها، وبذلك نعلم أن هناك في هذه المسألة محكمات مسلمات جليات قد تواردت عليها النصوص والآثار القولية والعملية يجب -رد المتشابه لها وعدم نقض الأصل بها- ولايجوز نقض الأصول المحكمات بأفراد النصوص والآثار (المخالفة للأصل) حتى لو كان هذا المتشابه من أفراد هذه النصوص والآثار صحيحة (صريحة واضحة) فكيف لو كانت محتملة ملتبسة غير صريحة الدلالة مثل هذا الأثر.
- رابعا: استدلال واحتجاج الجهمية العاذرية من -أدعياء السنة والسلفية وغيرهم- بهذا الأثر استدلال منقوض من جهة الأصل لعدة أمور منها:
1)- لكونه مخالفا للأصل المحكم الجلي الذي تواردت عليه النصوص والآثار القولية والعملية في الحكم على أعيان المؤولة المحرفة لبعض الصفات (كالرؤية والنزول والصورة والقدم وغيرها) ولاسيما في حكمهم وعدم إعذارهم للعالم الذي بلغته النصوص والآثار الصريحة، ثم أول وحرف وعطل بعض الصفات السابقة وغيرها وهذا ظاهر بين لمن له أدنى اطلاع على كتب السنة والآثار.
2)- واستدلالهم منقوض من جهة الأصل لكون هذا الأثر في لفظه وسياقه محتمل الدلالة وغير صريح فيما استدلوا به.
3)- واللفظ الذي عبر به هو (يدع) وهو من جهة الأصل يختلف تماما عن (يؤول) (يحرف) (يعطل) بعد بلوغها له بسند صحيح، فقد يتركه لعدم بلوغ الخبر له أو يدعه لوصوله له بطريق لايصح ولاتقوم به حجة ولم يعلم كلام السلف بشأنه.
4)- فرق بين الجهمي وضعيف الرأي وهذا صريح بافتراق سبيلهما تجاه هذه المسائل فسبيل ومسلك الجهمية كان يرتب عليه "ابن راهويه" وغيره من السلف التضليل بمجرد قوله لمن بلغته النصوص (في السمعيات) ولاسيما من ينسب للعلم، فدل أن سبيل ومسلك ضعيف الرأي هنا مغاير لسبيل ومسلك الجهمي.
5)- الجهمي العاذري يدور باحتجاجه بهذا الأثر لإعذار من حرف وعطل الصفات، وهنا نسأله:
* أين دليلك بأن معنى كلام إسحاق إعذار العالم الذي بلغته تفاصيل الأدلة فيما سبق (بأسانيد صحيحة) وبلغه كلام السلف وآثارهم فيها وفي أمثالها ثم بعد كل ذلك نفى الرؤية وأول النزول وعطل القدم ونفى الصورة؟!
إن قلت ذلك فقد خالفت ما تقر بأنه إجماع للسلف بتضليل الجهمية.
6)- ليس في هذا الأثر من قريب أو بعيد التصريح بما ادعوه وزعموه من:
أ/- إعذار العالم الذي بلغته (صريح وصحيح) النصوص والآثار في بعض الصفات ثم بعد ذلك حرفها وأولها وعطلها وصرفها عن حقيقتها.
ب/- ليس في هذا الأثر من قريب أوبعيد تعليق التضليل والتكفير والتبديع للأعيان (بالشأن القلبي) كحسن المقصد كما يزعمون وكعدم تعمد مخالفة النصوص وإرادة الحق! ولاسيما العلماء الذين تلبسوا بكبار الضلالات وخاصة بعد بلوغ النصوص والآثار الصريحة، ومنهج "ابن راهوية" وجميع السلف وهو الوارد في نصوص الشريعة ولاسيما في المسائل الكبرى تنزيل الحكم بظاهر قول الجهمي المعطل المحرف للصفة ولا يتعلق الحكم بالشأن القلبي من الشبهة وعدم العناد وتعمد مخالفة النصوص.
ج/- ليس فيه أي دلالة لما ذهب إليه الجهمية العاذرية من إعذار أعيان العلماء الذين وقعوا في كبار الضلالات ولاسيما بعد بلوغ صريح النصوص والآثار لأجل حسناتهم و علمهم وعبادتهم وتأليفهم للكتب وجهادهم وليس فيه دلالة لعذر العالم المتلبس بكبار الضلالات لأجل موافقته للحق في مسائل أخرى من السنة أو لأجل اجتهاده -كما يزعمون-.
7)- ومما ينقض هذا التفسير و الفهم الذي ادعوه من كلام الإمامين "ابن راهويه" و"أحمد" أن هذا الفهم الخلفي العاذري الجهمي:
أ/- مخالف لمنهجهما القولي والعملي تجاه أعيان محرفي ومؤولي ومعطلي الصفات، ولاسيما العالم الذي بلغته تفاصيل الأدلة والآثار، ومنهجهما وغيرهم من السلف تنزيل الحكم بمجرد ظاهر القول الجهمي ولا يعلقون تضليلهم بالشأن القلبي من الشبهة وعدمها وتعمد مخالفة النصوص والعناد وغير ذلك.
ب/- ولم يفهم أحد من أقرانهم وتلاميذهم من هذا الأثر إعذار بعض العلماء ولاسيما الذين بلغتهم النصوص والآثار ممن أولوا وحرفوا وعطلوا بعض الصفات.
وهذا صريح كالشمس بأن هذا الأثر (المحتمل المشتبه غير الصريح في لفظه وسياقه) له معنى آخر وأن تفسير وفهم الجهمية العاذرية له غير صحيح وفيه من اللبس والإيهام ما يحتاج معه للاحتراز و التأمل والتأني لنقضه ورده وبذلك نتيقن أن استدلال -الجهمية العاذرية من أدعياء السنة والسلفية وغيرهم- بهذا الأثر من المشتبهات لمخالفته المحكمات الجليات التي تواردت عليها الأدلة والآثار القولية وكذلك الآثارالعملية التطبيقية السلوكية فلذلك يتوجب عليك القيام بهذه الخطوات التالية:
* الرجوع للنص في مصادره الأصلية.
* وتحريرألفاظه.
* التأني والتأمل والتدبر والتدقيق لاستخراج عدم صراحة الدليل على ما ذهبوا إليه والتيقن بأن هناك معان محتملة في ذات النص وسياقه وهذا عملا بقاعدة رد المتشابه للمحكم وتفسيره بما يتلائم معه ولاينقضه، فكيف لو كان هذا المتشابه ليس صريحا بذاته بل هو محتمل ملتبس؟
* وجمع كلام من تكلم عنه من السلف وممن اتبعهم من الأئمة في الجيل الخامس والسادس كالخلال وابن بطة ونحوهم.
- خامسا: بعد إعمالنا لقاعدة رد المتشابه للمحكم وعدم نقض المسلمات التي تواردت عليه صريح النصوص والآثار.
- سادسا: إذا فهمنا ماسبق وأعملناه علمنا بأن محاور استدلالهم بهذا الأثر (التي سنفصلها لاحقا بإذن الله)  لايدل عليها الأثر من قريب أوبعيد، فالأثر غاية مافيه أنه محتمل ملتبس غيرصريح وحمال أوجه كما سنبين ذلك بإذن الله.
- سابعا: ليس في الأثر من قريب أوبعيد تعليق التضليل والتكفير بالشأن القلبي وليس فيه تعليق التفريق بين محرفي ومؤولي الصفات من جهة الشأن القلبي وليس فيه تعليل وتعليق الحكم بالتجهم والضلال على نية قصد وتعمد مخالفة ومعارضة أورد أو تكذيب النصوص!
• والنص للرواية كالتالي: "لايدعه" أي لا يترك الحديث؛ والترك هنا ليس بالضرورة مرادفا للتأويل والتحريف، والتعطيل؛ وترك التحديث بالنص أوترك دلالته له عدة احتمالات وأوجه منها أن يكون تركا للنص لعدم استفراغ الوسع في جمع متونه وأسانيده ليصل لحقيقة حال هذا الحديث وإثبات صحته فجهله به هو "ضعف رأيه"، وقال ابن بطة في الإبانة (ج7/ص244) : «وَكُلُّ مَا جَاءَ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَصَحَّتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَبُولُهَا، وَالتَّصْدِيقُ بِهَا، وَالتَّسْلِيمُ لَهَا، وَتَرْكُ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهَا، وَوَاجِبٌ عَلَى مَنْ قَبِلَهَا، وَصَدَّقَ بِهَا أَنْ لَا يَضْرِبَ لَهَا الْمَقَايِيسَ، وَلَا يَتَحَمَّلَ لَهَا الْمَعَانِيَ وَالتَّفَاسِيرَ لَكِنْ تَمُرُّ عَلَى مَا جَاءَتْ وَلَا يُقَالُ فِيهَا: لِمَ؟ وَلَا كَيْفَ؟ إِيمَانًا بِهَا وَتَصْدِيقًا، وَنَقِفُ مِنْ لَفْظِهَا وَرِوَايَتِهَا حَيْثُ وَقَفَ أَئِمَّتُنَا وَشُيُوخُنَا، وَنَنْتَهِي مِنْهَا حَيْثُ انْتَهَى بِنَا، كَمَا قَالَ الْمُصْطَفَى نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَا مُعَارَضَةٍ، وَلَا تَكْذِيبٍ، وَلَا تَنْقِيرٍ، وَلَا تَفْتِيشٍ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَإِنَّ الَّذِينَ نَقَلُوهَا إِلَيْنَا هُمُ الَّذِينَ نَقَلُوا إِلَيْنَا الْقُرْآنَ وَأَصْلَ الشَّرِيعَةِ، فَالطَّعْنُ عَلَيْهِمْ، وَالرَّدُّ لِمَا نَقَلُوهُ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ طَعْنٌ فِي الدِّينِ، وَرَدٌّ لِشَرِيعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَاللَّهُ حَسِيبُهُ، وَالْمُنْتَقِمُ مِنْهُ بِمَا هُوَ أَهْلُهَُّ».
- ثامنا: استدلال وفهم وتوجيه -الجهمية العاذرية من أدعياء السنة والسلفية وغيرهم- لهذا الأثر (المحتمل المشتبه) يناقض صريح دلالات ماتواردت وتواترت عليه النصوص والآثار القولية والعملية السلوكية بشأن كل مؤول ومحرف ومعطل للصفات.

وبيان ذلك:
- حملوا الأثر ووجهوه (في منهاجهم العملي في الإعذار) لأعيان الجهمية حتى للعالم الذي لم يثبت علو الارتفاع والفوقية، واحتجوا به بأن التكفير للمعين متعلق بشأن قلبي! في كبار الكفريات المتعلقة بالصفات حتى لو كان عالما لم يثبت علو الارتفاع والفوقية حتى لو بلغته تفاصيل النصوص والآثار الصريحة وهي فوق ذلك مودعة في الفطر والعقول.
- وحملوا هذا الأثر بصريح قولهم التنظيري أو بصريح منهاجهم المتمثل في الموانع والمعاذير للأعيان من العلماء الذين لايثبتون علو الارتفاع والفوقية على عدم تكفير المعين بكفر الظاهر القولي وهو عدم إثبات علوالله وارتفاعه وعللوا ذلك بدعوى عدم تحقق كفر الباطن وهو ما وصفوه بقصده وتعمده مخالفة ومعارضة ورد النصوص (وهذا كفر قلبي) حتى لوكان عالما بلغته صريح النصوص والآثار في مسألة فطرية من أصل الدين والتوحيد وأصل معرفة الله وعدم تكفيرهم للعالم المعين في كبار الكفريات (بكفر القول) و اشترطوا الكفر القلبي ليحكموا بكفره وذلك حين احتجوا به على ذلك الشرط الجهمي حين قالوا باشتراط تعمد وقصد مخالفة ومعارضة النصوص في ذلك (وهذا كفر قلبي) فاشترطوا معرفة ذلك لتكفير هذا الجهمي بعينه! مع إقرارهم بأن هذا الذي يصفونه بالعالم الحافظ قد بلغته تفاصيل النصوص والآثار، والمعرفة والإقرار بعلو الارتفاع والفوقية لله سبحانه وتعالى شرط للحكم بإسلام المكلف بنص حديث الجارية، وغيره وهي من أصل معرفة الله ومن أصل الدين وأصل التوحيد وهي عقيدة مودعة في الفطر والقلوب والعقول، فعذر المرجئة الجهمية العاذرية أعيان من لم يثبت لله علو الارتفاع والفوقية و أعيان المؤولة المحرفة و عذرهم يتناول ابتداء المنتسبين للعلم والحفظ ممن فطرهم الله بإيداع معرفة فوقيته وارتفاعه في قلوبهم وعقولهم وفوق ذلك (تمكنوا من تفاصيل الأدلة بشأن ذلك) بل بلغهم ألف دليل على ذلك ومع ذلك ما بين أيديهم من كتب آثار السلف الصريحة ومع علمهم بكل ذلك وبلوغ النص والآثار لهم في مسألة مركوزة في أصل فطرتهم أعرضوا عنها، وأولوا وحرفوا ووقعوا في كفر من أكبر الكفريات وأشنعها فمن لم يعرف أين ربه فلايصح إسلامه وإيمانه فخالفوا الفطرة في ذلك فكفروا من عدة أوجه فكفروا بتكذيبهم للنصوص الصريحة البينة الجلية الدالة على ارتفاعه وفوقيته وهذا أحد أوجه كفرهم وكفرهم أيضا من باب رد النصوص ومع كل ذلك عذرهم وانتصر لهم الجهمية العاذرية وطعنوا في كل من حكم فيهم بما يستحقونه وبما قاله السلف.
- تاسعا: منهج السنة يقوم على النصوص والآثار وفهم وعمل وتطبيق وتفسير السلف لها بأقوالهم وأفعالهم وممارستهم وتطبيقهم العملي السلوكي والسلف هم أجيال الأمة الثلاثة المفضلة بنص الحديث، ويلتحق بهم أئمة الجيل الرابع المجمع عليهم جيل "الإمام الشافعي" و"أحمد" و"ابن راهويه" وغيرهم لعدة أمور:
- ماورد من شك في بعض الروايات في ذكر الجيل الرابع.
- لكونهم تلامذة أتباع التابعين وقد ورثوا علم وفهم السلف من قريب.
- لما تتابع عليه الأئمة دون خلاف بإلحاق فهم أئمة "الجيل الرابع" المجمع عليهم بفهم أتباع التابعين من جهة بالاحتجاج بفهمهم والأخذ به ولاسيما في مسائل السنة والمنهاج بشرط عدم مخالفة من سبقهم وعدم مخالفة ما اشتهر عن طبقتهم من أئمة الجيل الرابع.
وحجية فهم السلف دلت عليه النصوص والإجماع ولم يخالف في ذلك إلا أهل الضلالة والزيغ والجهالة.
- وفهم السلف ومنهاجهم يؤخذ من أمرين:
* آثارهم القولية.
* سيرتهم ومنهاجهم العملي الفعلي السلوكي التطبيقي لهذه النصوص والآثار ولاسيما فيما تواردت عليه آثارهم القولية والعملية السلوكية.
- وعلى ضوء تسليمك بماسبق فالنصوص والآثار القولية والعملية الفعلية السلوكية الصريحة البينة الواضحة الجلية (غير المشتبهة المحتملة) قد تواردت على (تعليق) التضليل لمن تلبس بكبار الضلالات تضليل أعيان من سلك سبيل الجهمية من تأويل الصفات وردها بالتحريف والتعطيل.
- الصفة السمعية أي التي تدرك بالسمع من أنكرها أو تأولها لايعذر بعد بلوغ صحة النص، فكيف لوبلغته عدة نصوص فيها؟ ولاسيما بعد بلوغ كتب السنة وآثار السلف الواضحة التي لاتخفى إلا على أعمى القلب والعذر فقط لمن جهل النص أو لم يبلغه صحة النص ولم تبلغه كتب الآثار التي فيها كلام السلف وهذا في الصفات السمعية فقط بخلاف ما أودعه الله في الفطر والعقول مثل معرفته ووحدانيته وعلوه.
اما من وصله النص وتأوله فهو جهمي كائنا من كان ولاسيما بعد بلوغ آثار السلف له.

- أما نص الإمامين إسحاق وأحمد -رحمهما الله-:
1/- فهذا نص محتمل حمال وجوه ومشتبه؛ هل الضعف بشأن عدم استفراغ الوسع في جمع أسانيد النص ومتونه الصحيحة ليصل للسند والنص الصحيح أم أن الضعف لتركه لمنهج الصحابة والتابعين وأخذه بتلبيسات وتأويلات الجهمية وهذا الثاني لا يصح حمل وصف ضعف الرأي عليه لأمرين:
-الأول: أن السياق صريح في التفريق بين الجهمي وضعيف الرأي؛ والجهمي كما هو ظاهر من آثار السلف القولية (والعملية التطبيقية تجاه مؤولي الصفات)، أقول: فالجهمي في الصفات يوصف ويحكم عليه بسبب ما قاله من الضلال عن الصفة السمعية بعد بلوغ صحة النص والآثار له فيحرفها ويعطلها بالتأويل وشبهات الجهمية فلأجل ذلك القول الظاهر ضلله السلف ولم يعلق السلف تضليلهم بمجرد قصده وتعمده مخالفة الحق كما يقول العاذرية الجهمية من أدعياء السلفية والسنة الذين يرجعون التضليل لمحرف الصفة للشأن "القلبي" فقط فمن قصد معاندة النص ولم يرد الحق فهو ضال ومن لم يقصد ذلك وأراد الحق بزعمهم! فهو المعذور الذي لايحكم عليه بالضلال بعينه حتى لو كان منسوبا للعلماء والحفاظ ممن حفظوا القرآن وكتب السنة وبلغتهم المئات من صريح النصوص فيما ردوه بتأويلات الجهمية! هذا حسب منهجهم الجهمي العاذري في الحكم على المعين.
- وتعليق الحكم في (كبار الضلالات من القول والفعل) بالشأن القلبي هي سبيل وطريقة الجهمية الذين يحصرون ويقيدون الكفر بالقلب وأدعياء السنة قد وافقوهم فلذلك يستحقون، وصف التجهم وموافقتهم في:
أ/- عدم تلازم الظاهر والباطن في كبار الكفريات الضلالات، ولذلك عذروا أعيان من لم يثبت علو الارتفاع والفوقية وهذه الصفة لله هي من أصل معرفة الله وتوحيده كما في "حديث الجارية" وكما يعلم أن هذا مما أودعه الله في الفطر والعقول وفيه بعد ذلك أكثر من ألف نص يثبت ذلك، ومع كل ذلك عذروا أعيان علماء وقضاة الحلولية كمافعل شيخهم العاذري وعذروا أعيان الأشعرية في هذه المسألة التي دلت عليها الفطرة والعقل بما اودعه الله فيها وفوق ذلك قد بلغهم ألف دليل يثبت علو الارتفاع والفوقية ثم خالفوها وردوها بالتأويل والتحريف ثم بعد كل ذلك يقول الجهمية العاذرية عن هؤلاء العلماء الذين لاعذر لهم أنهم قد قالوا وفعلوا الكفر ظاهرا ولكنهم يعذرون لأن باطنهم لايزال على الإيمان لأجل الشبهة والتأويل وعدم قصد الكفر، وكأن هذا النوع من الكفر من الكفريات الخفية الملتبسة على العامي الجاهل الأمي" كاللفظ" و"الوقف" التي تختلف في ذاتها وفي حال المتلبس بها جملة وتفصيلا.
ب/- وافقوا الجهمية بقولهم أنه لايضر مع بعض صفات وأعمال الإيمان الكفر وكبار الضلالات فيرتفع عن صاحب الكفر وصف الكفر لأجل ذلك فهذه الأعمال موانع عند الجهمية العاذرية ولايضر معها الكفر وهي العلم والحفظ والعبادة والجهاد وتأليف الكتب...والاجتهاد في طلب الحق وحسن المقصد بعدم تعمد مخالفة النصوص (حسب زعمهم).
ج/- وافقوهم في عذر من وقع في كبار الضلالات فعذر أعيان المؤولة (فلم يكفروهم أو يبدعوهم حسب نوع الضلالة) مع التسليم بأن النصوص والآثار قد بلغتهم والتسليم بأنهم قد وقعوا وتلبسوا بكبار الضلالات بالقول والفعل لأجل الشبهة التي حصلت لهم وعدم قصد معارضة النصوص وإرادة الحق (حسب زعم العاذرية) وهذه الأمور شأن "قلبي"  والشأن "القلبي" غيب لايطلع عليه فلا يعلق به حكم في مثل هذه الضلالات في الأمور الكبرى التي جاءت فيها نصوص ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، والأصل في الأحكام إجراؤها على الظاهر من القول والفعل الذي قصده المكلف والذي لم يقع بسهو أو سبق لسان وأما قصد وتعمد الكفر والضلال في هذه الضلالات الكبرى فلم يشترطه إلا الجهمية الذين حصروا الكفر بالقلب.
• والنصوص والآثار صريحة في عدم إعذار من بلغته النصوص والآثار ثم وقع في كبار الضلالات بسوء فهم واجتهاد منحرف وقصد الحق من غير سبيله.
- فمن بلغته صريح النصوص في السمعيات بأسانيد صحيحة ثم حرفها وتأولها بطريقة الجهمية وردها وصرفها عن حقيقتها فهو الجهمي وهو الاحتمال الأول (جهمي أو ضعيف رأي) والثاني ضعف الرأي وهو يختلف تماما عن سبيل التجهم، ولذلك فرق وميز بينهما.
- ومن قال بقول العاذرية الجهمية من أدعياء السنة وغيرهم بأن الفرق بين الجهمي وضعيف الرأي في الصفات هو الشأن القلبي والقصد والتعمد فليأت بنص أو أثر صحيح صريح بين غير محتمل على ذلك، ولن يجد الجهمي العاذري ذلك لأنه لم يرد في أي نص أو أثر تعليق الكفر القولي والعملي في المسائل الكبرى الظاهرة البينة بالشأن القلبي، وتعليق التكفير في الكفريات الكبرى لم يعلق بقصد الكفر ومعرفة الشأن القلبي بل علق بظاهر الكفريات القولية والعملية (التي ليست عن سهو أو سبق لسان) وهذا ما جاءت به النصوص والآثار في تكفير النبي ﷺ وتكفير الصحابة وتكفير التابعين وتابعيهم ومن بعدهم من الجيل الرابع جيل أحمد وابن راهويه -رضي الله عنهم- لمن تلبس قولا وعملا ببعض الكفريات الكبرى.
والقاعدة في مثل ذلك العمل بالمحكم البين الواضح وترك المتشابه وتفسيره بما لا يخالف المحكم البين الواضح وهو
1/- ليس في الأثر من قريب أو بعيد إعذار من بلغته الصفة السمعية بصحيح النصوص والآثار ثم ردها وأنكرها بتأويل وتحريف وصرف عن حقيقتها.
2/- ما تواردت عليه النصوص والآثار الصريحة البينة الواضحة من أقوال وأفعال السلف وتطبيقهم بشأن من ردوا بعض الصفات وأولوها.
3/- وضعف الرأي هنا يتعلق بمن (جهل النص أو لم تبلغه صحته وجهل كلام السلف في اثباتها) وأما من بلغه النص بسند صحيح ورده أوأنكره وتأوله بطريقة الجهمية فلا عذر له.
* فكيف لو قد بلغه أيضا آثار السلف وردها؟!
* فكيف لو كان متمكنا من كتب السنة؟!
فهذا لايختلف السلف في تضليله.


 وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين. 


Contact Form

Name

Email *

Message *